نفى البنك المركزي اعتزامه تخفيض سعر صرف الدينار التونسي وأكد دوره في الدفاع عن العملة الوطنية والتزامه بالحفاظ على قيمة حقيقية للدينار تعكس أسس البلاد الاقتصادية. إلا أنّ هذا لا ينفي استمرار انزلاق سعر صرف الدينار مقابل العملات الأجنبية خاصة منها الأورو والدولار. «الصباح الأسبوعي» اتصلت بكل من الخبيرين الاقتصاديين عز الدين سعيدان ومحمود البارودي لإلقاء الضوء على وضع العملة التونسية وما إذا كان إقرار تخفيض صرف العملة قادما لا محالة. «العملة هي مرآة الاقتصاد»، هكذا يوضح الخبير الاقتصادي والمالي عز الدين سعيدان فإذا كان «الاقتصاد قويا وقادرا على خلق مواطن شغل فإنّ ذلك يعني عملة قوية والعكس صحيح». وبحكم الظروف الاقتصادية الحرجة التي تمر بها بلادنا، يعتبر سعيدان أنّ إجراءات عديدة يجب أن تتخذ، مشيرا إلى أنّ تخفيض سعر صرف الدينار التونسي رغم سلبياته خاصة على القدرة الشرائية للمواطن- هو إجراء تلجأ له الدول في ظروف اقتصادية معينة تحتم عليها التدخل من أجل تخفيض سعر صادراتها وبالتالي ضمان قدرة تنافسية أكبر للمنتجات المحلية في الخارج ومواجهة عجز ميزانها التجاري. في حين يرى الخبير الاقتصادي وعضو المجلس التأسيسي محمود البارودي أنه حتى إذا ما تم اللجوء إلى تخفيض سعر الصرف من أجل ضمان تنافسية أكبر لصادراتنا فإنّ ذلك ليس إلا حلا وقتيا لأن ارتفاع الصادرات لا يتعلق فقط بالثمن ولكن أيضا بمواصلة تحسين جودة المنتجات المصدرة. ويتم التدخل في سعر الصرف -كما يشرح سعيدان- بطريقتين اثنتين الأولى عن طريق قرار يتخذه البنك المركزي والذي يقر بموجبه خفض سعر صرف العملة أو من خلال ما يعرف ب»انزلاق العملة» ولهذين الإجراءين انعكاسات سلبية على الواردات التي يرتفع سعرها بالضرورة، ما من شأنه أن يؤدي إلى ما يعبر عنه البارودي باستيراد التضخم. فقد وصلت نسبة التضخم إلى 5.6 بالمائة في ما يتعلق بالمواد المدعمة و7 بالمائة في ما يخص المواد غير المدعمة، وهذا ينعكس بالضرورة على القدرة الشرائية للمواطن على حد تعبير البارودي. كما يوضح أنّ العملة هي سلعة يتحدد سعرها انطلاقا من العرض والطلب، وإذا كان هناك طلب مرتفع عليها فإنّ قيمتها سترتفع وهذا سيدعم الوضع الاقتصادي والثقة في الاقتصاد، ولكن عكس ذلك يحدث اليوم. حل وحيد إقرار تخفيض سعر الصرف حسب سعيدان يتطلب حكومة قوية واقتصادا قويا قادرا على التجاوب مع مثل هذا الوضع وهذا أمر غير متوفر حاليا في تونس فبالرغم من أن البنك المركزي مثلا عمد إلى تخفيض سعر الفائدة فإنّ الاستثمارات لم ترتفع. في مثل هذه الظروف عادة ما تواجه الحكومات «انزلاق العملة» أي تخفيض طفيف بمليم أو مليمين كل يوم وهذا ما يحدث اليوم فقد وصل سعر صرف الدينار بالأورو 2.029 وبالدولار 1.576. ولكن بالنظر إلى الظرفية الحالية فإنّه لا حل أمام الدولة سوى اتباع هذه الخطوة، كما يقول سعيدان. إلا أن المشكلة المرتبطة بالانزلاق أنها لا تحقق إيجابيات إقرار تخفيض سعر الصرف مرة واحدة في حين أنّ له نفس السلبيات على الاقتصاد والقدرة الشرائية ولكن لا يشعر المواطن بتأثيره إلا على المدى الطويل. ويخلص الخبيران الاقتصاديان إلى أنّ مختلف هذه الحلول ليست جذرية وتكون لها انعكاسات سلبية على الاقتصاد والمواطن، لذا فإنّ الحل الأمثل هو اتخاذ خطوات باتجاه دفع عجلة الاقتصاد تحرك الاستثمار وتخلق مواطن شغل فتصبح العملة أقوى وترتفع القدرة الشرائية لدى المواطن.