يعتبر الصّيد البحريّ في جهة المهديّة العمود الفقري لاقتصاد الجهة لما يسهم به لدعم اقتصاد البلاد عبر 4 موانئ، اثنان منها معدّة للصّيد في الأعماق بالشّابّة والمهديّة واثنان للصّيد السّاحلي في كلّ من سلقطة وملولش دون اعتبار للموانئ التقليديّة المنتشرة على السّاحل البحري بطول 75 كيلومترا بطاقة إنتاج جمليّة تقدّرب15 ألف طنّ في السّنة والحال أنّه بالإمكان تحسين مردوديّة الإنتاج في حال تعصير وسائل العمل وتجديد الأسطول البالغ عدد مراكبه الجمليّ 1447 مركبا، يشتغل فيه زهاء ال7 آلاف بحّار بصفة قارّة ويعاني معظمهم خوفا من يوم عجزهم عن العمل. وأمام تدنّي مقدار الجراية الشّهريّة عند التقاعد والتي لا تتجاوز 170 دينارا وعدم انتفاعهم بما يسدّد مصاريف عائلاتهم اليوميّة في حال حدوث حادث شغل أو راحة نتيجة الأنواء أو عطب في المركب الذي يقتاتون منه أو عجز عن أداء عملهم أمام كثرة الأمراض التي تصيب البحّار وأهمّها "الرّوماتيزم"، بما في ذلك ما يتمتع به البحّار من منحة عائليّة كلّ ثلاثيّة لا تتعدّى ال82 دينارا (زوجة و3أبناء) والحال أنّ أغلب البحّارة ممّن عادوا من الخارج ليشتغلوا في المهديّة بعد طول غربة كانت المنحة العائليّة الشّهريّة لا تقلّ عن الألف دينار شهريّا ل4أبناء تسندها لهم الصّناديق الاجتماعيّة الايطاليّة... "الصّباح" انتقلت إلى ميناء المهديّة وحاورت البحّارة الذين شرحوا لنا معاناتهم وبسطوا مشاكلهم التي ينامون ويصحون عليها وخاصّة منهم أولائك الذين عادوا من المهجر بحثا عن مصدر رزق يقيهم وعائلاتهم التسوّل بين بلدان المتوسّط على حدّ تعبيرهم لنا.. *البحّار "حسين الشّيخ": أنقذونا وعائلاتنا من التّهميش هكذا كان نداء عديد البحّارة مطالبين بإنقاذهم من الأمراض المزمنة النّاتجة عن عملهم وبتدخّل صندوقي الضّمان الاجتماعيّ و"الكنام" للتكفل ببعض الأمراض وضرورة انتفاعهم بأيّام الرّاحة النّاجمة عن مرض أو حوادث شغل، مناشدين السّلط الجهويّة بضرورة تمكين البعض شأن البحّار "حسين الشّيخ" صاحب عائلة أفنى 30 سنة من عمره كبحّار بايطاليا ويطمح في بعث مشروع يقيه وعائلته غوائل الدّهر وذلك بتمكينه من "برّاكة" أو ما شابهها أو بعث كشك لبيع الجرائد واللمجات لضمان مورد رزق قارّ خاصّة وقطاع الصّيد البحري في المهديّة تداعى مع تهرّم الأسطول وانعدام الحوافز وتهميش أصحاب المهنة بإثقال كواهلهم بالدّفوعات الماليّة لضمان أبسط الحقوق كالعلاج الذي تنعدم خدماته ما لم يقع دفع المساهمات على غير ما كان وما زال ينتفع به البحّار المهاجر من خدمات راقية ومساعدات إضافية ممّا دفع بالعديدين الى العودة حارقين لموانئ "ماتزارا" و"تراباني" و"باليرمو" وغيرها هروبا من واقع مرير على حدّ تعبير "عمّي حسن" وزملاء له بحّارة من أبناء مدينة المهديّة التي تحتلّ المرتبة الأولى في صيد السّمك الأزرق، وتعدّ من المدارس العريقة في حذق فنون الإبحار والصّيد في أعماق البحار بشهادة أمهر البحّارة والرّبابنة من بلدان حوض المتوسّط.