تونس الصباح: تم منذ أكثر من 4 سنوات غلق ميناء قلعة الاندلس في وجه مراكب الصيد.. وتحول هذا الميناء الى قفر بعد أن أغلقت كافة وحداته.. ولم تعد تدخله إلا بعض القوارب الصغيرة المحملة ببعض أنواع السمك التي وقع اصطيادها قريبا من الشواطئ.. هذا الواقع الذي شل حركة الميناء يعيد البحارة أسبابه الى زحف الرمال على الميناء، وبالتالي استحالة دخوله من قبل القوارب الكبيرة، التي لم تجد بدا سوى التحول الى جهات أخرى للارساء، رغم ما في كل ذلك من معاناة. لكن على الرغم من غلق هذا الميناء، وتعطل كافة وحداته، فإن حركية قوارب الصيادين الصغيرة مازالت تزحف إليه، ومازال عشرات إن لم نقل مئات المواطنين يهبون إليه بسياراتهم من كافة أنحاء تونس الكبرى وذلك منذ صباح كل يوم طمعا في الفوز بسمك "فرشك". كيف تبدو هذه الحركة، خاصة خلال هذه الايام الرمضانية؟ ماذا عن أسعار السمك المتداولة؟ ماذا قال البحارة حول الميناء والصعوبات التي يجدونها داخله، وهل ثمة أمل في إعادة تنشيط الميناء وتأهيله لاستقبال كافة انواع قوارب الصيد، خاصة وأن المئات من سكان تلك المنطقة يتعاطون نشاطا بحريا على مدار أشهر السنة؟ مشهد الميناء ونشاط بعض القوارب في حدود الساعة التاسعة صباحا من أول أمس الاحد، بدأت سيارات المواطنين القادمة من كل حدب وصوب ترسي داخل الميناء.. نسوة وأطفال ورجال، انتشروا على ضفاف الميناء.. بعضهم يتجول ويتلهي بالبحر وببعض السمك المينائي الذي يظهر في مياهه الصافية، البعض الاخر كان يشيع طرفه باتجاه البحر، وينتظر وصول قوارب الصيادين التي بدأت تظهر وهي في طريقها الى هذا الميناء. وشيئا فشيئا أرسى عدد من هذه المراكب الصغيرة في الميناء، وهب الحاضرون إليهم، يتطلعون في محاصيلهم، ويرمقون حركاتهم التي توزعت بين اخراج بعض أوعية السمك الى أرض الميناء، وبين التلهي بتخليص ما بقي لديهم من سمك عالق بالشباك. وتفرقت جموع الحاضرين بين هذه المراكب، وكثر الهمز واللمز، والمنادات بأسماء بعض البحارة للفت انتباههم من قبل بعض المعارف والزبائن، ووصل الامر حد نزول بعض الشبان والنساء الى هذه المراكب لاقتناء حاجياتهم من السمك، وهكذا، وكلما حل مركب أو قارب صغير إلا وتم اختطاف محصوله من الصيد في لحظات. بعض البحارة رفضوا مثل هذه الممارسات، وأبوا إلا أن يحولوا محاصيلهم البحرية الى أحد أركان الميناء، حيث تولوا وضعها على ذمة الحاضرين الذين لم يفوزوا أثناء الزحمة بشيء من السمك. ومع هؤلاء البحارة تغيرت المعطيات، وارتفعت أسعار السمك حد العجب، حيث عرضت "الميلة" ب16 دينارا وكذلك "البوري"، أما نوغ " الورقة" فقد بلغ 26 دينارا، والقرنيط 12 دينارا، أما " الكروفات، فقد بلغت 28 دينارا. هذه الاسعار على الرغم من ارتفاعها لم تثن بعض من حضروا من جهات عديدة لشرائها، حيث وفي بعض الوقت القصير أفرغت الاوعية من محتوياتها، ولم يبق سوى بعض السمك الصغير الذي تداوله بعض الحاضرين بالشراء، وذلك بأسعار تراوحت بين 5 دنانير فما فوق. آمال عودة النشاط الى الميناء صعوبة الدخول الى الميناء نتيجة كثرة الرمال، حال دون وصول وارساء المراكب الكبيرة داخله.. هذا الواقع قال عنه "الرايس" محمود أنه بدد الامال لدى مئات البحارة من أبناء البلدة وما جاورها، وحكم عليهم بإرساء سفنهم في مرافئ أخرى، وقال أيضا" لقد اصبحنا نعاني من صعوبات جمة ومتنوعة، ولعل الذي زاد الامر سوءا هو غلق كافة المرافق داخل الميناء، سواء تلك المتعلقة بالمحروقات، أو الثلج، وهذه أشياء أساسية في عمل البحار، يتوقف عليها نشاطه، رغم أنه يتحمل عبء حمل محصوله الى الاسواق على اعتبار غلق وحدة البيع والميزان بالميناء. أما صالح (بحار) فقد قال: لقد ساءت حالنا، وتعطل نشاطنا البحري حد التقتير، ولم يعد الواحد منا يظفر سوى ببعض المحاصيل المحدودة رغم ثراء الجهة بأنواع السمك. إن الامكانيات لم تعد تتوفر لنا، ,أصبحنا بمثابة الاجراء لا الفلاحين، نصطاد ما تيسر ونعود بعد بعض الساعات للتفريط في ذلك المحصول الزهيد للمواطنين. ولا تغريكم مظاهر هذه الايام، وإقبال المواطنين، فهي مرتبطة بشهر الصيام، أما في بقية فصول السنة، فإن الواحد منا يفرح كثيرا لما يفوز بحريف. ويقول مختار(صاحب مركب صغير): لقد هجرنا مراكبنا الكبيرة، نظرا لصعوبة دخولها الى الميناء، واعتمدنا كما تلاحظ هذه القوارب الصغيرة التي لا يمكن العمل عليها في الاعماق، وهكذا تراجعت محاصيلنا بشكل كبير، وبتنا عموما نبحث عن محصول يمكنه فقط أن يثبت حياتنا ولا يقودنا الى الخصاصة مع عيالنا. وحول أخبار الميناء، وإمكانية تأهيله وعودته للنشاط قال البشير (رايس): بلغنا أن هناك مساع لاعادة استصلاح الميناء وفتحه من جديد، وأشار في هذا الجانب أن هذا الامر يتوقف على حصول أتفاق مع شركة استثمار إيطالية كانت قد حلت بالمكان وعاينت الميناء لمدة أيام. وقال: إن آمالنا تبقى معلقة على الميناء وإعادة فتحه، فهو مورد رزق للمئات من البحارة، وقطب تنموي هام، يمكنه أن يسهم بشكل بارز في تنمية انتاجنا البحري، خاصة أن البحر في هذه الجهة غني بأنواع السمك وأجودها.