حفل افتتاح مهرجان موسيقات في دورته السابعة الذي أحياه الفنان الروماني العالمي جورجي زمفير مساء أول أمس في قصر النجمة الزهراء بسيدي بوسعيد كان في مستوى ما وعد به المدير الفني للمهرجان مراد الصقلي في تقديمه للمهرجان وعند الإعلان عن استقدام هذا الفنان إلى بلادنا ليحيي أول حفل له في تونس. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الفنان الذي ولد ببوخارست سنة 1941 يعد ذاكرة حية وجزء من تاريخ الموسيقى التقليدية لبلده رومانيا. كما لعب دورا كبيرا في تطوير هذه الموسيقى والترويج لها على أوسع نطاق من خلال ألة موسيقية قديمة تسمى"بانفلوت" عمل بدوره على تطويرها وتطويعها على نحو يسّر له مجال النجاح والشهرة على مستوى عالمي. وال"بانفلوت"هي الالة التي أثثت هذا العرض الذي امتد على ما يقارب ساعة ونصف دون انقطاع وحضره عدد كبير من الجمهور من جنسيات مختلفة فكان بمثابة رحلة لاكتشاف ومعرفة نوعية غير مألوفة لنمط من الموسيقى التقليدية بأوروبا الشرقية. وسحر المكان وحاجة الجمهور المتعطش إلى الأجواء الموسيقية من ناحية وقدرة الفنان الذي رافقه في العرض ثلاثة عازفين قال جورجي زمفير عند تقديمهم للجمهور:" هم من خيرة العازفين في رومانيا والعالم"، كانت من العوامل التي رجحت كفة احتفاء مركز الموسيقى العربية والمتوسطية في ليلة حالمة بالموسيقى كجزء من حضارة وثقافة الشعوب بمناسبة الاحتفال بعشرينية المركز. إبداع وتجاوب وبمجرد أن صعد على الركح انخرط جورجي زمفير في طقوس المكان والإطار وهو مهرجان موسيقات الذي يحتفي بالموسيقى في أبعادها الحضارية والثقافية كملكة إبداع وعنصر حياة فبدى خفيفا في ورشيقا في حركاته المتوازنة في تفاعله مع الموسيقى والأغاني التي قدمها في العرض خاصة أنه خَبَر المهرجانات والركح وأصبحت الموسيقة والة "البانفلوت" رفيق دربه وجزء من حياته مثلما أكد ذلك في هذه السهرة. فانسابت الموسيقى بين جدران القصر ووسط هدوء تام للحاضرين. وتراوحت السهرة بين العزف والغناء كما اختار أن يحاور الحاضرين ويتحدث معهم حول تجربته وعلاقته بالموسيقى وآلة البانفلوت وأبرز المحطات التي عرفها خلال مسيرته. فكان التجاوب سريعا مع المتفرج الذي لم يجد صعوبة لينخرط بسهولة في العرض وينصهر مع الموسيقى الفلكلورية الرومانية ليتوقف خلال مدة الحفل عبر مراحل تاريخية مختلفة من مراحل الأغنية والموسيقى التقليدية الرومانية. وتميزت وقفته أمام الجمهور وهو يغني أو يعزف بطريقة فيها من المرح وخفة الروح ما جعل الحاضرين يتجاوبون معه ويبدون وكأنهم في حاجة لمعرفة والاستمتاع بالمزيد من هذا الفنان الذي أسر المولعين بالموسيقى والفنون وأصبح إسمه ضمن عمالقة الموسيقى في العالم. إذ يكفي التذكير بأن جورجي زمفير تحصل على أكثر من 120 اسطوانة ذهبية وبلاتينية في مهرجانات الموسيقى العالمية فضلا عن بيع أكثر من أربعين مليون نسخة من ألبوماته ومشاركته في عديد الأفلام العالمية بعد أن أصبح مطلوبا من كبار المخرجين السينمائيين في العالم لوضع موسيقى أفلامهم. ليثبت هذا الفنان العالمي أنه ساحر مثلما هي آلته الموسيقية بعد أن أمتع الحاضرين بنغمات حالمة كان يوظفها حسب الموضوع الذي تتطرق إليه الأغنية أو النغم. فغنى للبادية وللمرأة والله والمقدس وزقزقة العصافير. وما ساهم في إنجاح عرضه أيضا هو الانسجام الكبير الذي كان بين جورجي زمفير والعازفين نظرا لما تميزت به ردود أفعالهم موسيقيا من انسجام أيضا. فكان العرض الافتتاحي للمهرجان تأكيدا على أن المهرجان لا يكرر نفسه مثلما ادعى البعض وإنما هو مناسبة فيها من الإضافة الموسيقية ما يدعو لإيلاء هذه التظاهرة الكبيرة العناية والاهتمام بالتحضير المسبق ما تستحقه حتى تكون دافعا لاستضافة وتشريك أسماء عالمية من قبيل جورجي زمفير وغيره.