التعويل فقط على نسب الفائدة لن يؤثر في نمو الاستثمارات - حوار: عماد بلهيبة - الحسين الديماسي وزير المالية السابق تحدث ل "الصباح" عن التضخم المالي وتدهور قيمة الدينار والحلول الممكنة وطالب بتجميد الأسعار والأجور ياتي ذلك في اطار مشاركة وزير المالية السابق في منتدى جربة للتنمية الذي نظمته مؤخرا جمعية جربة للتضامن والتنمية بالتعاون مع الوكالة الوطنية للتعاون الدولي وبعض جمعيات المجتمع المدني. وقد جمعنا به لقاء على هامش هذا المنتدى المتميز وتكلم بكل صراحة عن الوضع الاقتصادي والمالي والحلول التي يقترحها للخروج منه. ماهي أسباب التضخم المالي ؟ - وصلنا لنسبة تضخم 5.6 % في وضع اقتصادي مهتز وراءه 3 عوامل: - قروض استهلاكية ضخمة تم ضخها من قبل القطاع البنكي. - زيادة عشوائية في الأجور بعد الثورة. - تآكل قيمة الدينار. إلى جانب ارتفاع حاد في المواد الأساسية والمحروقات وبعض الحبوب التي نوردها من الأسواق العالمية على غرار القمح اللين الذي ارتفع بنسبة 40 %. ماهي الحلول للخروج من هذا النفق المظلم ؟ - الحل هو خلق سياسة متوازنة بين نسق الانتاج ونسق الطلب وإذا اختل هذا التوازن ترتفع الأسعار كما يجب أن يكون هنالك تنسيق بين البنك المركزي والحكومة وخاصة وزير التجارة لإجراء قرارات بالتعديل. ومن ناحية القروض الاستهلاكية يجب تحديد سقف أقصى لهذه القروض للبنوك. تم الحديث عن رفع نسبة الفائدة التي انخفضت بنقطتين خلال سنتين لكن الاستثمار لم يتحسن فهل أن هذا القرار ناجح ؟ - هذا سؤال جيد فالتعويل فقط على نسبة الفائدة لن يؤثر على نمو الاستثمار وهنالك عوامل أخرى من بينها تحسن مستوى الطلب، ومع ارتباطنا بالاتحاد الأوروبي الذي يعيش نقص طلب وهو ما يؤثر على التصدير في بلادنا. كما أن عدم الاستقرار الأمني لا يشجع على الاستثمار وهنالك عامل آخر هام وهو أن الزيادة العشوائية في الأجور لم يقابلها تحسن في الانتاج بل نتجت عنه الزيادة في التضخم المالي. مازلت ترفض فكرة الزيادة في الأجور التي هي من بين أسباب استقالتك كوزير للمالية، فماهو الحل مع ارتفاع الأسعار؟ - أقولها بصراحة أنا ضد برمجة زيادة منحة 70 دينارا والحل واضح هو اتفاق بين الأطراف الاجتماعية من اتحاد شغل وحكومة وأحزاب على تجميد الأجور وتجميد الزيادة في الأسعار لمدة 3 سنوات. وهذا الحل تم اللجوء اليه في تركيا سنة 2002 عندما فاز حزب أردوغان ووجد البلاد في وضعية اقتصادية صعبة. وبعد تحسن الأوضاع الاقتصادية وأخذ قرارات لمصلحة البلاد تحسن الاقتصاد التركي وتحسنت أوضاع العمال. والاقتصاد التركي حاليا من الاقتصادات الصاعدة في العالم وسيتمكن من تغطية كل ديونه سنة 2013. فلا بد من البحث عن مصلحة البلاد قبل مصلحة الأحزاب والنقابات. ويجب أن نأخذ العبرة من تجربة تركيا والبلدان التي مرت بنفس وضعية بلدنا. وهذه مسؤولية وطنية على جميع الأطراف. فماذا فعلنا بعد الزيادة العشوائية في الأجور دون تحسن الانتاج فقد خسر الجميع بتآكل قيمة الدينار التونسي. فبلادنا تمر بفترة صعبة للغاية ولنا العديد من التحديات وبالحوار الرصين وبتغليب مصلحة البلاد يمكن الوصول إلى حلول لصالح الأجيال القادمة. تدني قيمة الدينار باعتبار أن "taux de change" أي عملة مرتبطة بالتضخم المالي وفائض أو عجز الميزان التجاري كيف يمكن التصدي له بحلول عملية وإيقاف هذا النزيف؟؟ - بالفعل تدني قيمة الدينار حصل بعد وصول نسبة تضخم ب5.6 % وتطور عجز الميزان التجاري بسبب تطور الواردات وانخفاض الصادرات مما جعل رصيد العملة يصل إلى 96 يوم توريد ويمكن إيجاد حلول بالتصدي للتضخم المالي ومراقبة وتحديد قروض الاستهلاك وتجميد الأجور والأسعار إلى جانب محاولة التخلي لفترة عن الواردات وخاصة الكماليات ذلك أنه لا يمكن التخلي عن واردات المواد الأولية الضرورية للاستثمار. بالنسبة لتراجع رصيد العملة الصعبة فهنالك ظاهرة مؤسفة تنخر الاقتصاد وهي تصريف المليارات خارج القطاع البنكي وفي السوق الموازية وعند زيارتي للجنوب اكتشفت هذه الظاهرة الخطيرة ولا بد للحكومة أن تتدخل لأخذ قرارات حازمة كذلك وجب على الإعلام عقد ملفات تلفزية للتشهير بهذه الظاهرة التي تنخر الاقتصاد وتوعية مواطنينا بالخارج بتصريف عملتهم داخل القطاع البنكي. بعد استقالتك كوزير للمالية هل تفكر في الانضمام إلى أحد الأحزاب؟ - أنا لن أنضم إلى أي حزب ل3 أسباب: - الواقع الذي نعيشه واقع متحرك باستمرار اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وبرامج الأحزاب هي جامدة على امتداد عدة سنوات. - الأحزاب لا تريد النقد الذاتي. - الأحزاب تسبق مصلحة حزبها على مصلحة الدولة وأنا على قناعة أنني بإمكاني أن أخدم بلدي في أي موقع غير الوزارة فتواجدي في منتدى جربة للتنمية خير دليل على ذلك.