بقلم: د.إبراهيم قويدر - عشت ومازلت أتابع الثورة السورية الظافرة، ويتقطع قلبي ألمًا لما أراه في نشرات الأخبار من إراقة للدماء واستعمال مفرط وحشي للقوة إلى أقصى حد ضد الشعب السوري الشقيق وناسه الطيبين نعم، الأمر جلل حقًّا، والموقف لا إنساني، ولا يفعله أي عاقل بأي إنسان مهما كانت شدة عداوته، فما بالك بأهله وناسه . إن ما يحدث في سوريا من أجل الحفاظ علي كرسي السلطة لا يرضى به أحد، وأقل ما يوصف به فاعله ومنفذوه أنهم لا يمتّون للإنسانية بأية صلة، بل هم بلا عقول وهم أقرب إلي الحيوانات المفترسة التي تربت على ذلك، وبالتالي فقد أصبح الخلاص منهم وإبادتهم واجبا علي كل إنسان، بغض النظر عن ديانته وعرقه وطائفته، هؤلاء -الأسد وزمرته القذرة- لا يستحقون الحياة على هذه الأرض ولا يقبلهم المجتمع الإنساني . لقد كتبت عن سوريا وثورة شعبها في السابق، ولكني اعترف بأنني لم أتعمق في الحديث عنها إلا في هذا المقال، وليسمح لي إخوتي وأخواتي وكل من أعرفهم ويعرفونني في سوريا الحبيبة بأنني كنت متخوفًا من أن أتناول الشأن السوري وأنا ليبي؛ لأنني كنت أتذكر أيام ثورتنا الليبية، وكيف كان يتناولها بعض الكتاب والساسة العرب بأسلوب لا يتناسب مع هذه الثورة العظيمة، والغريب أنهم انجروا وراء معلومات كاذبة وسمّونا "ثوار الناتو"، ورغم كل الحقائق الساطعة ورغم ما فعله معمر القذافي في شعب ليبيا، قال لنا البعض: "كنتم لا إنسانيين مع القذافي". وتناسوا ما فعله هو وأسرته وأعوانه فينا. أنا لا ألوم أبدًا الشعب السوري لو قطع بشارالأسد إربا إربا، وفعل فيه ما يشفي غليله. بشار ستكون نهايته هو وقادته أبشع من نهاية القذافي. فالطغاة لا يعتبرون ولا يقرؤون التاريخ، فهم لن يحكموا سوريا بعد هذه الثورة المباركة التي ضحى فيها الشعب السوري العظيم بالغالي والنفيس، شعب الشام بكل أطيافه وفئاته وطوائفه المختلفة التي اتحدت جميعها حول هدف واحد لإزالة نظام الاستبداد والعبودية، النظام الإمبراطوري في عصرالحريات والتعددية والتداول السلمي للسلطة، عصر حرية الرأي والتعبير واحترام حقوق الإنسان . هذا التعالي من قبل بشار وزمرته وهذا الكذب وحياة الوهم بخلودهم في السلطة، هذه الغفوة التي لم توقظهم منها انفجارات عديدة قريبة منهم، كل ذلك لأن المولى عز وجل كعادته مع الطغاة يمهلهم قليلاً لعلهم يرجعون لأنفسهم ويتوبون عما يفعلونه، ولكنهم يتمادون في الطغيان ولا يرجعون، فيكون انتقامه رهيبًا على أيادي المستضعفين الذين كان يمارس شتى أنواع التنكيل بهم، لذلك لا تستغربوا أبدًا أن يكون مصيرالأسد وأعوانه مثلما حدث لرفيقه في الطغيان- القذافي- وها هم أعوانه إما ميتون أو مسجونون أوملاحقون مبعدون عن وطنهم الذي لم يقدِّروا أهله، وهاهم يعيشون في خارج ليبيا في قلق وحيرة. فهل يتعظ أعوان الأسد من السوريين مما حدث لأصدقائهم الليبيين أعوان القذافي. وهناك تساؤل يفرض نفسه علينا: لماذا هذا الموقف السلبي من الدول العظمى والمجتمع الدولى؟! لماذا لم يتدخل مجلس الأمن كما تدخل في ليبيا وحمى المدنيين وفرض الحظر الجوي وترك للثوار الأرض ليحسموا الموقف؟! هل تعتقدون أن الموضوع هو فيتو الصين وروسيا فقط أم هو شيء آخر أقوى وأكبر، وتتفق فيه الصين وروسيا ومجموعة الناتو بكاملها سرًّا؟! نعم إن تحليلي للموقف يختلف تمامًا عما نسمع، فالحقيقة أن سوريا الشام الحبيب يعرفون جيدًا محبة العرب والمسلمين لها وأنها المفتاح وبداية الطريق عبر التاريخ لتحرير بيت المقدس، نعم إن الجيش المساند لبشار بكل إمكانياته التي بطبيعة الحال نجحت إسرائيل وأعوانها في تحييده طيلة حكم الأسد، ولكنهم يتمنون أن يأتي الوقت الذي يضعف فيه هذا الجيش، وها هي الفرصة سنحت لتدميرالقوات والإمكانيات العسكرية بيد عربية سورية ويتحقق لهم تدميرهذه الإمكانات دون أي خسارة من المال أو الأرواح أوالمعدات، إنها فرصة عظيمة أتاحها لهم بشار، وعند قرب انتهاء المهمة لا يهمهم من سيأتي للحكم في الشام، المهم أن تدمر البلاد والبنية التحتية والقدرات العسكرية لينشغل أهل الشام سنين طويلة قد تزيد عن عشرين عامًا ينسى فيها الإسرائيليون وأعوانهم أي تهديد لأمن الدولة الصهيونية من الجبهة السورية، وأنا أجزم أن روسيا تلعب هذا الدور وتساعدها الصين، وكل شيء له مقابل، ولا تمانع دول الناتو هذه الخطة، ولكنها تعلق الشماعة على موضوع الفيتو الروسي الصيني. وتأكيدًا لوجهة نظري هذه، فلنترك موضوع ليبيا وقرار مجلس الأمن لحماية الليبيين ونصرتهم ضد الطاغية القذافي، لنسأل سؤالاً مهمًّا: هل انتظرت أمريكا ودول التحالف قرار مجلس الأمن من أجل التدخل في العراق؟! نعم هذه هي الحقيقة، وبالتالي إذا كان هناك مسلمون بجميع طوائفهم من: عرب وأكراد وعجم، فلا نريد دعم الثورة السورية في نضالها ولا نطمع في تدخل عسكري عربي؛ ولكن علينا دعم شعب الشام العظيم الذي حثنا نبينا الكريم على الاهتمام به ورعاية أهل الشام حتى يحققوا النصر وان نمد أيدينا في دعمهم لإعادة الإعمار ومسابقة الزمن في الوصول إلى بناء الشام العظيم شامخا بأسرع وقت ممكن. حمى الله سوريا وناسها ونصرالحق ورحم الشهداء.