«صحّتي في حسن اختيار غذائي» شعار جعل من التلميذ الغاية والوسيلة .. فهل يصالحه مع «طنجرة» ماما؟ تونس الصباح: كان درس الايقاظ العلمي الموجه لتلاميذ السنة الخامسة بالمدرسة الابتدائية «الحرية» باريانة صبيحة امس مميزا بكل المقاييس.. فموضوعه وطريقة التعاطي معه وفقرات تأثيث الحصة مع «ستي كاملة» قطعت كليا مع ما ألفناه من دروس بجمعه في حصة واحدة دامت اقل من ساعة بين المسرح والموسيقى والنقاش حول المحور الرئيسي للأسبوع المغاربي الخامس عشر لصحة الطفل تحت شعار «صحتي في حسن اختيار غذائي» وطبعا شكل السلوك الغذائي المتزن والتصدي لتأثيرات الاشهار الرسالة المستهدفة من هذا الدرس النموذجي. أما الميزة الثانية التي ألقت بظلالها على أجواء سير الحصة فتعلقت بنوعية التلاميذ الجدد الذين تابعوا بكل تركيز وبانضباط رغم ابتسامات الفرح العريضة التي ارتسمت على وجوههم حصة الايقاظ هذه وقد فاق حضورهم عدد التلاميذ الاصليين.. وكان في مقدمتهم وزير الصحة العمومية المنذر الزنايدي والتربية والتكوين الصادق القربي وثلة من اطارات الوزارتين وضيوف من معهد التغذية وممثلي ادارة الطب المدرسي وعدد من ممثلي وسائل الاعلام.. الجميع تابع باهتمام وبحنين اعاد الى الذاكرة ذكريات حصص درس سابقة كان فيها الجميع يرتدي الميدعة ويحمل المحفظة.. ويدون درس التغذية على الكراس في زمن حافظ على مقومات غذائية متوازنة لم ينقطع فيها المربي على التشجيع والحث على المحافظة عليها والاشادة بطبخ الامهات والجدات ليصطدم تلميذ اليوم والطفل عامة باغراءات اشهارية عصفت او تكاد بكل السلوكيات الغذائية الموروثة ابا عن جد (ومن منهم مثلا يعرف البسيسة اليوم؟!) وجعلت لها بدائل مستوردة عن ثقافتنا الاستهلاكية يخشى المتابعون للوضع الصحي للطفل من تأثيراتها الصحية التي لا تبرز نتائجها الا بعد سنوات.. وللأسف بعد فوات الأوان..! المصالحة.. ولان الوصول بالطفل الى ان يكون مستهلكا واعيا وقادرا على الاختيار المفيد حتى لا يكون متقبلا آليا لكل انواع الاشهار هي الغاية من تنظيم الاسبوع المغاربي فقد سعت ادارة الطب المدرسي الى تنظيم هذه الدروس النموذجية بمختلف مدارس الجمهورية وتوجيهها بالاساس الى تلاميذ السنة الخامسة على ان تمتد في الزمان وفي الجمهور المستهدف لتمس جموع التلاميذ وتشع على الاولياء وينخرط فيها المربي بالاعلام والتحسيس على ان تتجاوز الطابع المناسباتي للحملة وتمتد طوال الثلاثة اشهر القادمة حتى تحصل الفائدة المرجوة من هذه التظاهرة التي ركزت على معادلة ثلاثية الابعاد تهم الطفل والتغذية والاشهار.. وهي معادلة قد تبدو صعبة لكنها ليست بالمستحيلة اذا ما استعاد الولي دوره واعادت الام مصالحة طفلها مع «طنجرة» طعامها ووفقت في توجيهه نحو الغذاء المتوازن واذا ما واظب المربي على التحسيس والتثقيف حينها نضمن تحكما افضل للطفل في اختياراته الغذائية وميولاته الاستهلاكية فتتقلص بالتالي المخاطر الصحية المحدقة به في مرحلة لاحقة من حياته..