بقلم: محجوب لطفي بلهادي - سباق ضدّ الساعة.. تواتر سريع للمبادرات.. توهّما بنهاية النفق.. وحبسا للأنفاس رافقتها خيبة أمل وصدمة شديدة.. فعودة سريعة إلى المربّع الأول من التجاذبات الانتخابوية المقيتة اختزلها المناضل أحمد المستيرى في نهاية مداخلته الافتتاحية للمؤتمر بصرخة مدويّة: "لقد ضاق صدري فانطلق لساني.." يبدو واضحا اليوم أنّ قدر ثورتنا أن يكون «طالعها الفلكي» من صنف «الأبراج النارية» وأن تسكنها رغبة جامحة للبعض في افتعال بؤر الاحتقان هنا وهناك بلغت مستويات مرضية خطيرة وغير مسبوقة تتقاطع بما اصطلح على تسميته في علم النفس السريري بمرض «بيرومني» أو»هوس إشعال الحرائق».. ولمن لا يعلم حقيقة هذا المرض فهو يعدّ اضطرابا نفسيا مدمّرا يتمثل في إحساس صاحبه بمتعة فائقة عند إضرام حريق ما أو الافتنان بمشاهدته.. من حسن الحظ أنه يوجد اليوم عدد من المقاربات الوقائية للكشف المبكّر عن هذه الحالة المرضية المستعصية اعتمادا على تقنيات القياس والاختبارات النفسية.. ومن حسن الطالع أيضا أن تشكّل المبادرة الاستثنائية للاتحاد العام التونسي للشغل بعقد مؤتمر للحوار الوطني مادّة متميزة لوضع اختبار نفسي مثالي لمن له شكوك جدية بأنه مصاب بالمرض.. تجدر الملاحظة أننا تعمّدنا من باب الحيادية عدم تحديد النقاط المسندة لكل سؤال.. فالقراءات والتقييمات تختلف ومراحل استفحال المرض متفاوتة من شخص إلى آخر.. وأنّ الاختبار يتضمن عشرة أسئلة فقط، فالمطلوب اعداد ورقة وقلم لتدوين رقم إجابتك عن كل سؤال. لي ولكم التوفيق... * أولا: كيف يمكن أن تقرأ مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل؟ أ- بحث جدّي عن توافقات للتخفيض من منسوب الاحتقان العام. ب- بحث جدّي عن توافقات واستعراض للقوة في ذات الوقت. ج- محاولة التفاف على الشرعية. * ثانيا: كيف يمكن أن تفهم مبادرة الترويكا في مضامينها وتوقيتها؟ أ- قبرا لمبادرة الاتحاد في المهد. ب- خارطة طريق سياسية جدية لإدارة المرحلة القادمة. ج- استجابة استباقية لموعد 23 أكتوبر المقبل. د- استجابة «بافلوفية» لضغوط أجنبية. * ثالثا: بأيّة صفة حضرت الرئاسات الثلاث لأشغال المؤتمر؟ أ- بصفتهم الرئاسية كرجال دولة. ب- بصفتهم الحزبية. ج- بصفة مزدوجة. * رابعا: عن ماذا تستبطن مقاطعة حركة النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية لمبادرة الاتحاد؟ أ- عن نزعة انفرادية في إدارة الشأن العام. ب- عن وفاء وتمسك بأهداف الثورة. ج- عن خوف وتوجس من تنامي دور الاتحاد في المشهد السياسي العام. * خامسا: لماذا المؤتمر دون التكتل؟ أ- لأنه «النهضة مكرّر» في تقدير البعض. ب- لحسابات انتخابية بحتة. ج- لقناعات مبدئية راسخة. * سادسا: لماذا التكتل دون النهضة والمؤتمر؟ أ- حصول شرخ داخل الترويكا. ب- مناورة لاحتواء مبادرة الاتحاد من الداخل في نطاق سياسة توزيع الأدوار. ج- محاولة لرأب الصدع واعادة توحيد صفوف الحزب -قيادة/قواعد-. * سابعا: ما هي التداعيات المباشرة للمقاطعة؟ أ- إفشال مبادرة الاتحاد. ب- إخفاق للمسار التوافقي برمّته. ج- فرض عزلة سياسية للأحزاب المقاطعة. * ثامنا: إلام ستفضي اليه مبادرة الاتحاد؟ أ- إلى مجرد مهرجان خطابي عديم الجدوى. ب- إلى خلق قوة ضغط مدنية وسياسية في المحطات القادمة. ج- إلى تحويل الاتحاد من شريك اجتماعي إلى لاعب سياسي أساسي. * تاسعا: تونس ما بعد مؤتمر الحوار؟ أ- في منطقة خضراء. ب- في منطقة رمادية. ج- في منطقة رمادية قاتمة. * عاشرا: لونك المفضل؟ أ- الأخضر. ب- البرتقالي. ج- الأحمر. توصية خاصة: في ختام الاختبار.. ولمن تأكّد لديه بشكل قاطع أنّه حامل لأعراض المرض عليه أن يعي ويدرك جيّدا أنه من الاستحالة بمكان العودة بعقارب الساعة إلى الوراء وأنّ تضاريس هذا الوطن لا تحتمل «نيرون» جديدا بل حكيما متبصّرا من سلالة المصلح «خيرالدين»...