الوعي السياسي ليس حكرا على ممارسي "البوليتيك" ولا هو مقتصر على بعض المنظرين الذين يرتادون المنابر ويعتلون المنصات ملقين خطبا رنانة، طارحين برامج خلابة أرضيتها أضاحي العيد والمن على الناس بالأكل واللباس.. الوعي هو خبز يومي لكوكبة من الفنانين لم يظهروا اليوم كالفقاقيع ليتنغنوا بالثورة، او يلتفون بقمصان الأغنية الدينية ويقولون انها صوفية، هؤلاء شعارهم الوحيد -الله ينصر من اصبح-. هذه المقدمة أردناها مدخلا لنقدم بها مناضلة بأتم معنى الكلمة، عاشرنا صوتها منذ الثمانينات آمال الحمروني المثقفة المتزنة، تقيم اللحظة وتسبر أغوار الراهن، التقيناها وهي عائدة للتو من فلسطين صحبة رفيق الدرب خميس البحري ومن هنا كان الانطلاق. لونتحدث عن سفرتكم الأخيرة؟ لقد كانت موعدا فارقا بالنسبة إليّ، لقد لبينا دعوة من معرض فلسطين الدولي وكانت مصافحة لرام الله وجنين وأريحة. آمال هل من دعوة تتوجهين بها الى التونسي في هذا الظرف؟ أقول الى كل فرد في مجتمعنا وجب أن يمارس كل واحد مواطنته، فالهامش الوحيد الذي تحقق لنا بعد الثورة هي ثقافة المواطنة. هل من تدقيق أكثر؟ يجب التنظم والانتماء الى جمعيات وذلك للضغط كل من موقعه والابتعاد عن الفوضى وضرورة التأثير باحتلال أكثر ما يمكن من المواقع. ولكن ما هو الدور الذي يجب أن يضطلع به الفنان في خضم هذا الواقع؟ للفنان آلياته الخاصة، له طرق تعبير من درجة ثانية إذ له وسائل تعبير تختلف عن المواطن العادي، ويجب ان أشير هنا إلى أنني أتحدث عن الفنان المهتم ب»الوجيعة متاع الناس» الفنان الموهوب هو اليوم أمام رهان كبير. فيم يتمثل هذا الرهان؟ دون شك ضرورة الانحياز الى الوجع العام الى الوطن الأكبر العضوي، الحداثي ولكن أيضا المتجذر في ماضيه النير. عن أي فنان تتحدثين بالتحديد؟ صاحب أغنية ذات نص وذات موضوع، ولكن أيضا الفنان الذي يتداول أغاني الحب أقول له أمامك اليوم فرصة العمى لتنخرط في الهم الجماعي والا ستجد نفسك منعزلا منبوذا وسيحاسبك من كان يتابعك ويصفق لك.. أعتقد جازم الاعتقاد ان الثورة ستجعل الفنان العادي يتحرك إن بإرادته أو بإرادة الشعب. ماذا تقولين لحكومة الترويكا بعد سنة من تسلمها مقاليد السلطة؟ كل ما أراه هو هروب الى الأمام، وغرس للرأس في الرمال، حكومة «الترويكا» لم تفهم شيئا الى حد الآن، ما يحصل لا يليق بشعبنا، كأن الحكومة في قوقعة وهي غائبة عن الواقع وهذا الأمر لا يعدّ مفاجأة بالنسبة إليّ. كيف ذلك؟ إنهم قدموا الى الناس مشروعا لا يختلف عما طرحوه في السبعينات والثمانينات إذ أن خيارهم الوحيد هو الرجوع الى الوراء.. ولكنهم نجحوا في الانتخابات.