◄ قيادي في حركة النهضة: ظاهرة التشدد تتطلب تفكيكا قبل المعالجة ◄ قيادي في حزب التحرير: تشريك نصر الدين العلوي في البرنامج خطأ إعلامي وهو لا يمثل جامع النور ولا التيار السلفي استنكر القيادي في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي الدعوات الى القتل التي يتبناها شق كبير من أنصار التيارات السلفية في تونس. وشدد الجلاصي في تصريح خص به "الصباح" على ضرورة أن تتخذ الحكومة الحالية اجرءات صارمة ضد دعاة العنف السياسي، وتطبيق القانون على كل من "يحاول او يكره التونسيين على تبني نمط معين من التفكير او السلوك او الزيّ"، على حدّ قوله. ويبدو ان سطوة التيارات السلفية في تونس بدأت تشتدّ بعد ان انطلقت بالدعوة إلى إدراج الشريعة في الدستور والتأسيس لدولة الخلافة الراشدة ورفض مدنية الدولة وتكفير كل من يخالفهم الرأي لتصل حدّ الدعوة إلى القتل علنا على شاشات التلفزات. وعلى الرغم من أنّ جانبا هاما من الشعب التونسي بدأ يلمس مؤخرا تلاشي غيمة التجاذبات السياسية وبأن المشهد السياسي أخذ يتضحّ شيئا فشيئا ببحث جميع الأطياف السياسية والفكرية لتوافق يخدم مصلحة البلاد والوطن طفت على سطح الأحداث ظاهرة العنف والغلو في الدين والدعوات المتكررة على الاقتتال والاعتداء على الحرمات الجسدية وآخرها ما ظهر على إحدى الشاشات التلفزية الخاصة ليلة أول أمس وخروج احد أنصار التيار السلفي يحرض مباشرة على ارتكاب الجرائم وعلى الاقتتال. وفسّر الجلاصي ل"الصباح" ان "ما يجري اليوم ينبئ بخطورة الوضع الثقافي قبل الحديث عن الوضع الأمني على هذا الأساس يجب تأطير الشباب التونسي وتوجيهه ليكون معتزا بثقافته ودينه وتاريخه وانتمائه متشبعا بقيم التعايش والحوار". واعتبر القيادي في حركة النهضة ان القيام بهذا الدور مسؤولية مؤسسات الدولة وعليها تطبيق القانون ضدّ كل مخالف سواء كان فردا أو مؤسسة إعلامية.
تفكيك ظاهرة التشدد
وأشار الى ان العنف وظاهرة التشدد "تتطلب تفكيكا قبل المعالجة لان العنف يصنف إلى أنواع العنف من منطلق تدين حقيقي وعنف مختلط بين التدين وتبني الثقافة الإجرامية او الجمع بين الصنفين". وبالنسبة لما بث على شاشة تلفزية خاصة من تحريض على القتل والاقتتال والاعتداء على الأشخاص أكد الجلاصي على ضرورة "محاسبة القناة إذا ثبتت مخالفتها القانونية وليس الشخص المحرض فقط".
التحريض على العنف مرفوض
أما خالد طروش الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية فقد اكتفى القول "ان التحريض على العنف مرفوض"، مشيرا إلى ان النيابة العمومية بمنوبة "فتحت بحثا تحقيقيا ضد المدعو نصر الدين العلوي لدعوته إلى العنف مباشرة".
جريمة
وبدوره اعتبر سمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية في اتصال مع "الصباح" ان ما صدر ليلة أول أمس "لا يدخل في خانة حرية التعبير". وقال: "ما أدلى به من زعم انه إمام جامع هو جريمة بالرجوع إلى القانون التونسي وهذه التصريحات والدعوات الى الاقتتال والعنف هي خطيرة من الناحية القانونية لان نصوص القانون الجزائي تعاقب عليها بالسجن وتصنف من العقوبات السالبة للحرية". وأضاف ديلو قائلا: "في ظلّ الاحتقان الذي تعيشه البلاد كان من الأجدر توجيه خطاب تهدئة واعتدال تمنيت ان الشخص الذي ظهر على شاشة التلفزة وهو يحمل رداء ابيض رمز الموت ان يحمل رداء العمل والإنتاج والبذل والعطاء". وشدد "على ان الحكومة ليست في مواجهة مع اي تيار وان من يتصور انه فوق القانون سيأتي يوم يتأكد انه واهم".
خطأ اعلامي
اما رضا بلحاج الناطق الرسمي باسم حزب التحرير فقد قال ان "بروز شخص ليلة اول امس في برنامج تلفزي يحرض على العنف هو خطأ اعلامي لان هذا الشخص لا يمثل جامع النور ولا يمثل التيار السلفي الذي له ممثلون ناطقون باسمه". على حد قوله. ولام بلحاج على دعوة نصر الدين العلوي للادلاء بتصريح بشان ما جدّ مؤخرا في برنامج تلفزي واخوه احد المتوفين.
تحقيق
وفي سياق متصل فان النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس أذنت امس بفتح تحقيق ضدّ المدعو نصر الدين العلوي وكلّ من سيكشف عنه البحث من اجل التحريض مباشرة بوساطة وسيلة بصرية على ارتكاب جرائم او الاعتداء على الحرمة الجسدية للإنسان والتحريض مباشرة على الكراهية بين الأديان والسكان وتعمد نشر أخبار زائفة من شأنها النيل من صفو النظام العام. وقد عهدت النيابة العمومية لأحد مكاتب التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس بالبحث في الموضوع بعد ان رسمت القضية تحت عدد (25487).
ميثاق وطني
وفي ظل هذه التطورات الخطيرة اقترح خالد الطراولي رئيس حركة اللقاء الإصلاحي "فتح باب الحوار الواسع في مناظرات يومية وندوات فكرية على الهواء مباشرة لأيام معدودة، وليس في الكهوف أو في مقرات الأحزاب أو في ظل مناورات أو حسابات سياسية، لتنتهي هذه المناظرات والندوات المشهودة بإعلان ميثاق وطني تجتمع عليه كل الأطراف السياسية والمدنية ومنها الطرف السلفي بكل أجنحته للإمضاء عليه وتبنيه كميثاق جمهوري للتعامل السياسي". دعوات إلى التهدئة وعلى خلفية احداث دوار هيشر دعا الشيخ ابو عياض "الشباب الجهادي الى التهدئة وعدم الانسياق وراء الاستفزازات" ووصف الوضع ب"الخطير وان هناك اطرافا تسعى لاستدراجهم للعنف". وطلب من الشباب "ان يكونوا عقلاء و اذكياء". وقال في فيديو تم تداوله امس على صفحات التواصل الاجتماعي: "لا تكونوا لعبة في يد اعدائكم واعداء الاسلام". لكنه ختم هامسا في أذن السلطة قائلا: "اتقوا غضبة الحليم".. في تهديد صريح للحكومة.. كما أصدر أمس الشيخ الخطيب الإدريسي شيخ الجماعة السلفية في تونس بيانا عبّر فيه عن "بالغ استنكاره مما حدث مؤخرا في دوار هيشر"، مندّدا ب"التعاطي الأمني مع الأحداث وترويعهم للآمنين واستهانتهم بدماء المسلمين الملتزمين"، وحذر من الفتنة التي قال إنها تخطط للبلاد من الخارج وقال إنّ ما يجري "إنما هي حرب يُراد منها ضرب الإسلام وليس فئة معينة من المسلمين".