مدير حقوق الطفل يوضّح - أصدرت وزيرة شؤون المرأة والأسرة مؤخرا قرارا يقضي بإدماج اكثر من 200 طفل دفعة واحدة وفي أقل من شهرين وهو ما يعد سابقة في تاريخ المراكز المندمجة للشباب والطفولة (قرى أطفال بورقيبة سابقا) منذ انبعاثها للوجود سنة 1956، حيث بعثت هذه المؤسسات لتؤم وتكفل أطفال تونس الفاقدين للسند من اليتامى والمتشردين والمنحدرين من عائلات معوزة أو مفككة أو الأطفال المهددين على معنى الفصل 20 من مجلة حماية الطفل (قانون عدد 92 لسنة 1995 مؤرخ في 9 نوفمبر 1995 المتعلق بإصدار المجلة(. وقد أثار قرار الوزيرة موجة من الانتقاد من قبل المتدخلين في الملف باعتبار القرار وحسب رأيهم يتعارض مع أبرز المبادئ التي جاءت بها مجلة حقوق الطفل وخاصة منها ضرورة اعتبار مصالح الطفل الفضلى في كل الاجراءات والقرارات التي تتخذ في شأنه (الفصل 4) واحترام أراء الطفل وتشريكه وجوبا في كل التدابير الاجتماعية والقضائية التي تتخذ لفائدته (الفصلان 9 و10.. مصلحة الطفل الفضلى وقد اعتبر قرار سهام بادي حول ادماج اكثر من 200 طفل وذلك بإدماجهم في محيطهم الطبيعي وإرجاعهم الى عائلاتهم في مدة زمنية وجيزة وعند انطلاق العودة المدرسية الحالية تعديا صارخا على مصلحة الطفل الفضلى وتهديدا مباشرا لهذا الطفل خاصة أن القرار لم يحترم النصوص القانونية والترتيبية الصادرة سنة 1999 والقاضية بإتباع جملة من الاجراءات والتدابير الوقائية التي يستند اليها عمل المجالس التربوية والاجتماعية المنعقدة دوريا بالمراكز المندمجة لتنظر في ملفات الأطفال المقترح ادماجهم في عائلاتهم بناء على المعطيات الدقيقة المقدمة من قبل فريق العمل المختص بالمؤسسة -من مربين وأخصائيين نفسانيين ومتصرفي خدمة اجتماعية- بعد زيارات ميدانية متتالية لعائلات الاطفال المزمع ادماجهم لمعاينة مدى قابلية العائلة من الناحية الأدبية والمادية والنفسية لاستعادة الطفل علاوة على ضرورة تشريك الطفل نفسه وعائلته في اتخاذ هذا القرار وصولا الى دراسة قرار الادماج على مستوى مصالح الادارة المركزية للتأكد من سلامته في علاقته بمصلحة الطفل الفضلى للتأشير عليه نهائيا بعد التثبت في كل المعطيات التي تفيد بزوال حالة التهديد التي بمقتضاها تم قبول الطفل بإحدى مؤسسات رعاية الطفولة. فإذا كان نظام قبول الأطفال اليتامى والمهددين بهذه المؤسسات كما جاء في القانون عدد 72 لسنة 1999 والذي ينص على طريقتين في القبول، اما بالإيواء الى غاية زوال حالة التهديد أو بالكفالة الى غاية الادماج في المجتمع كما جاء ذلك مفصلا في الأمر التنظيمي عدد 2796 لسنة 1999، فان كل هذه الترسانة القانونية والترتيبية والإجرائية والوقائية تم تغييبها والقفز عليها عبر قرار الادماج الذي تم اتخاذه أخيرا من قبل وزيرة المرأة والأسرة والطفولة والذي اعتبر بمثابة التعسف على "حوالي" 200 طفلا وتعريضهم مجددا للتهديد! انطلاقة خاطئة ومن خلال هذا القرار الذي تم نشره على بوابة الوزارة وما أعلنت عنه الوزيرة في شهر سبتمبر الماضي خلال ندوة صحفية، فان برنامج الوزارة الخاص ب"دعم الأسر لتتكفل بأبنائها والاستغناء تدريجيا عن نظام الاقامة لفاقدي السند المادي" انطلق انطلاقة خاطئة بتخلي الوزارة فعليا عن مواصلة رعاية وحماية أكثر من 200 طفل اي ثلث الأطفال المقيمين بمؤسسات الرعاية وهي خطوة يمكن وصفها ب"الخطيرة"... فكيف يتحدث القرار عن "حوالي" 200 طفل اي ان العملية غير مضبوطة وغير دقيقة وعدد الاطفال "المدمجين" لم يخضع للدراسة العلمية بل تبدو وكأنها محاولة للتخلص من الطفل وارجاعه لأهله ووقف التعهد التربوي والنفساني والاجتماعي للطفل قبل وبعد عملية ادماجه لدى عائلته التي تكون في الغالب غير قادرة للقيام بدورها الطبيعي تجاه طفلها أو أطفالها وهو ما يمس من مصداقية تونس في الالتزام بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية. كذلك تم التأكيد على أن الوزارة أوقفت "الكفالة المادية" لعائلات الأطفال الذين تم "التخلص" منهم وأن قرار السيدة الوزيرة لم يسبقه ضبط الاطار القانوني والترتيبي المنظم لهذا الاجراء ودون مراجعة وتعديل الترسانة القانونية المعمول بها حاليا ودون مراجعة الهياكل الادارية والحكومية المتدخلة في المجال وهو ما يعد تعديا صارخا على مفهوم دولة القانون والمؤسسات وتهديد مباشر للطفل وعائلته. والخطير أن يكون الهدف من الاسراع بإجراء اعادة ادماج هؤلاء الاطفال في عائلاتهم هو إفراغ مؤسسات رعاية الطفولة من مستحقيها من أجل هدف آخر بدت الوزيرة وبعض مسؤولي الدولة حريصين عليه الا وهو توفير فضاءات لاستقبال "المرأة المعنّفة" وهي توصية جاءت على لسان السيد منصف المرزوقي رئيس الجمهورية المؤقت للسيدة الوزيرة وهو ما صرح به مؤخرا... مع العلم ان مراكز ايواء الاطفال فاقدي السند اعدت خصيصا علميا وبيداغوجيا لهذه الفئة الاجتماعية ومن غير المعقول أن نفكر فقط في اخراج من يسكنونها وادخال فئة اجتماعية أخرى لا تتوفر على نفس المواصفات والحاجيات.. سفيان رجب
مدير حقوق الطفل ورعاية الطفولة ل"الصباح": "الهدف من الإجراء المحافظة على الروابط الأسرية.. ومصلحة الطفل أولا" لتوضيح أهداف هذا القرار وخلفياته اتصلت "الصباح" بالسيد شكري معتوق مدير حقوق الطفل ورعاية الطفولة الذي أكد ان الاجراء الذي تم اتخاذه مؤخرا والمتعلق بحوالي 230 طفل (نقول حوالي لان هناك مطالب من المراكز لم يتم فيها الحسم بعد) لا يحمل صبغة "الادماج" بل فقط صفة "الرعاية في اطار العائلة" وذلك للمحافظة على الروابط الاسرية بغاية ابقاء الطفل صلب عائلته خاصة ان نسبة كبيرة من الاطفال المكفولين لهم عائلات لكن مشكلتهم في العوز المادي. وهو اجراء ليس اجباري بل يقتضي الاتفاق مع الولي وكذلك مع الطفل اذا كان مميز(13 سنة) ضمن وثيقة ممضاة من قبل جميع الاطراف. واضاف ان بعد اعادة الطفل الى عائلته تواصل الوزارة صرف 150 دينار وهو نفس المبلغ المنفق على الطفل داخل المركز- لعائلة الطفل باعتبار ان الحل الافضل هو مواصلة الرعاية العائلية. وذكر السيد معتوق ان عدة شروط اخرى تفرض قبل وبعد تسليم الطفل الى عائلته منها متابعته داخل العائلة وفي المدرسة الى جانب التعهد النفسي. وبخصوص افراغ احد المراكز المخصصة للأطفال فاقدي السند في تونس الكبرى وتحويله الى فضاء للمرأة المعنفة قال مدير حقوق الطفل ورعاية الطفولة ان ذلك المركز كان عدد اطاراته يفوق عدد الاطفال لذلك تم افراغ وحدة حياة الاناث (بها 6 فتيات) ونقلتهن الى مراكز اخرى بها شغورات لتبقى وحدة الذكور قائمة وتعمل بشكل عادي. وستستفيد هذه الوحدة من الدعم المادي الذي وفرته الاممالمتحدة لتهيئة واعداد الفضاء الذي سيخصص جزء منه للمرأة المعنفة.