مشروع القانون المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات الذي سيعرض اليوم للنقاش تحت قبة المجلس التأسيسي يفتقر لاحكام ضامنة لشفافية أشغال الهيئة المتعلقة بالمسار الانتخابي فضلا عن انه يتناقض في جوهره مع مبدأ حيادية الهيئة. هذه ابرز الانتقادات التي وجهت امس إلى مشروع القانون خلال ندوة صحفية عقدتها جمعية "عتيد" لمراقبة الانتخابات تحت شعار :"الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بين التجاذبات السياسية وانعدام الشفافية" تولت من خلالها جمعية "عتيد" تقديم قراءتها النقدية لمشروع القانون المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات. ولدى وقوفه عند ابرز الثغرات التي جاءت في فحوى المشروع ذكر معز بوراوي رئيس جمعية "عتيد" انه يلاحظ غياب سلطة فعلية للهيئة في مجال وضع حد للتجاوزات أو الخروقات التي يمكن أن تهدد نزاهة المسار الانتخابي. وعرج بوراوي خلال اللقاء على بعض الفصول التي تشوبها بعض الإشكاليات من ذلك الفصل 5 والذي ينص على أن يتركب مجلس الهيئة المستقلة للانتخابات من رئيس و8 أعضاء من ذوي الاختصاصات ومن بين الاختصاصات المذكورة: أستاذ جامعي وعضو يمثل التونسيين بالخارج الأمر الذي يمثل خلطا استنادا إلى أن الأستاذ الجامعي متعارف عليه كمهنة وليس اختصاصا في حين يبقى التساؤل قائما حول عضو يمثل التونسيين بالخارج. غياب للشفافية أما فيما يتعلق بالمضمون فقد أشار البوراوي إلى أن عدم إسناد الهيئة العليا المستقلة إلى أحكام واضحة لضمان الشفافية في أعمال الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى جانب اقتراح عدة بدائل للفصول الحساسة (فصل6 ) لنص القانون وهو ما يكشف عن تجاذبات سياسية يمكن أن تؤدي إلى هيئة عليا غير مستقلة للانتخابات كما ان الاقتراحان المتعلقان بنظام تأسيسي مجلس الهيئة يتناقضان مع مبدأ حيادية الهيئة. ومن بين الثغرات الأخرى التي تطرق إليها رئيس جمعية "عتيد" هي عدم تحديد روزنامة واضحة لأشغال اللجنة الخاصة بالمجلس الوطني التأسيسي المكلفة بدراسة واقتراح ملفات المترشحين يمكن أن يؤدي إلى تعطيل في عملية إنشاء الهيئة مما جعله يشير إلى أن مشروع القانون في مجمله غير شامل خصوصا فيما يتعلق بعملية التصويت لكل من أعضاء مجلس الهيئة أو على مستوى تحديد السلم التقييمي لاختيار الأعضاء وهو ما يمكن أن يؤثر سلبا على أو يعطل عملية إنشاء الهيئة فضلا عن أن عدم تحديد السلم التقييمي لاختيار أعضاء الهيئة وترك ذلك للجنة الخاصة بالمجلس الوطني التأسيسي المكلفة بدراسة واقتراح ملفات المترشحين يمكن أن ينتج عنه قرارات ذات طابع حزبي أو فئوي في مجال اختيار المترشحين.كما أن مشروع القانون لا يقدم أي توضيح أو إشارة إلى مبدأ التناصف في تركيبة مجلس الهيئة. غياب التقييم من جهة أخرى أوضح شوقي قداس الكاتب العام للجمعية التونسية للقانون الدستوري خلال مداخلته أن النقطة التي تثير الحيرة انه لم يقع تقييم أعمال الهيئة العليا السابقة للانتخابات التي تشكو بدورها بعض النقائص.وفي مقارنة لمشروعي القوانين ذكر قداس أن هيئة كمال الجندوبي تتكون من 16 عضوا وهو ما اعتبره عددا كبيرا وحتى المشروع القانون المزمع عرضه للنقاش اقر 9 أعضاء مشيرا إلى أن العدد الأنسب من وجهة نظره يتراوح بين 5 أو 6 أعضاء مؤكدا أن المطلوب في مجلس الهيئة وجود أشخاص محايدين ومحترمين يسهرون على عمليتي التنظيم والمراقبة فالهيكل التنفيذي هو الذي يسير الهيئة ومن هذا المنطلق لا بد أن يتمتع بالصلاحيات الكافية حتى يتسنى له أن يكون فاعلا. كما اقترح على المجتمع المدني أن يوحد جهوده وان يخلق هيكلا يستطيع المجتمع المدني بموجبه أن يكون قوة ضغط. تجدر الإشارة إلى أن اللقاء شهد حضور القاضي الإداري احمد صوابه الذي عرج بدوره على مختلف الإشكاليات القانونية والتي تتمثل أساسا في الصلاحيات المحدودة للهيئة واختيار التركيبة والأعضاء واعتبر المقترح الثاني الذي ورد صلب مشروع القانون والقاضي بانتخاب رئيس الهيئة بالتوافق بين الرؤساء الثلاثة يستند في جوهره إلى المحاصصة السياسية فضلا عن افتقارمشروع القانون إلى الشفافية المطلوبة.ومن بين الثغرات التي اعتبرها القاضي هامة هي الميزانية المرصودة للانتخابات والتي تقترح من الهيئة ويصادق عليها البرلمان إذ يتعين الاحتكام الى سلطة محايدة على غرار دائرة المحاسبات.