◄علم الاجتماع السياسي: "مؤشرات خطيرة لأحداث بعد ثورة" أعادت أحداث سليانة خلال الأيام الماضية الى الأذهان صور المطلبية التي سجلتها ولاية سيدي بوزيدوالقصرين وتالة أثناء ثورة الكرامة 2010 - 2011.. فالتدخل العنيف لرجال الأمن.. وقسم الاستعجالي الذي يعجز عن استيعاب المصابين من المواطنيين نتيجة ضعف تجهيزاته وكثرة عددهم.. والأم التي تبكي ابنها الذي أصيب بطلقات من "رش" الامن على مستوى العين وأدى ذلك الى امكانية فقدانه للبصر.. لم تختلف عن الأم التي بكت ابنها الذي شطرت رصاصة "النظام القمعي" جسده وادت الى وفاته.. أو ما جرى في استعجالي ولاية القصرين الذي فاق فيه المصابين عدد الأسرة وقدرة الأطباء على المتابعة..ابان الثورة. ردة الفعل السياسية هي أيضا حافظت على الخطاب التشويهي والاتهامي للمحتجين حيث وصف وزير الداخلية المتظاهرين في سليانة "بالدخلاء.. وأزلام النظام السابق".. كما حمل رئيس الحكومة مسؤولية ما وقع ويقع في سليانة "لبعض الاشخاص".. فهل يعيد التاريخ نفسه مع مراعاة فارق التوقيت؟ ولماذا يتشبث الساسة بنفس سياسة سابقة تأكد فشلها؟ في مقاربة لعلم الاجتماع السياسي للأستاذ طارق بلحاج محمد تقوم على المقارنة من حيث النتائج والثقافة السياسية والمآلات والحراك الاجتماعي.. بيّن ان "الشباب الذي اطاح بنظام بن علي في سنة دولية للشباب يخرج اليوم لحكومة الثورة التي تريد تحصين الثورة ليعلن أنه المسؤول والمكلف بتحصين ثورته تحت عنوان لا عودة الى الوراء ومصرون على التمسك بأهداف الثورة." ..النتائج وحسب طارق بلحاج محمد "في اعنف المواجهات التي سجلت أيام الثورة على نظام بن علي وصل عدد الجرحى في كامل البلاد في يوم واحد الى 82 جريحا، مع حكومة ما بعد الثورة يتم تسجيل 200 اصابة في يومين فقط وفي ولاية سليانة لوحدها!!. أما من ناحية خطورة الاصابات فقد أدى استعمال الرصاص الحي يومي 9 و10 جانفي 2011 الى استشهاد حوالي 11 شابا، ويسجل استعمال ذخيرة "الرش" في ولاية سليانة بين يوم 27 و28 نوفمبر 2012 حوالي 15 اصابة ب"الرش" قد تفقد المصابين البصر. "نتائج" اعتبرها طارق بلحاج محمد "مؤشرات خطيرة من حيث الكم ومن حيث أنها تحدث بعد ثورة وفي ظل حكومة تقول على نفسها شرعية". التصريحات في الخطاب الأول والثاني لبن علي صنف المحتجين في سيدي بوزيدوالقصرين وتالة وغيرها من المناطق "بالشرذمة"وفي لهجة تهديد قال انه سيتعامل بكل «حزم» وسيجعل القانون «الفيصل» في كل حركة احتجاجية.. كما حمل الناطق الرسمي للحكومة آنذاك سمير العبيدي بعض الأطراف «مسؤولية المس من النظام العام.. والتطاول على هيبة الدولة».. واليوم يقول رئيس الحكومة حمادي الجبالي في ظهوره الاعلامي الاول «لقد انتهى وقت «ديقاج» ويربط بقاءه في موقعه ببقاء والي سليانة.. كما يتهم وزير الداخلية حزب الوطنيين الديمقراطين بممارسة العنف والشغب ويحمل أمينها العام مسؤولية ما يقع في سليانة... وبالنسبة للمجلس التأسيسي الذي يصنف على انه السلطة الأصلية يبدو أنه فقد التأثير، ففي الوقت الذي يتلقى الاتهامات بالتقصير من الحكومة لا يقوى على ردعها. الفيصل الاعلامي والجمعياتي تعنت بن علي أدى به الى نهاية نظامه الاستبدادي وفي اطار هذه المقارنة يرى بلحاج محمد أنه «في حال تمسك الحكومة بهذا التعاطي فانها تخطو الخطوات الأخيرة نحو نهايتها الأخلاقية بعد أن فقدت شرعيتها الشعبية والسياسية" حسب قوله. أما فيما يخص التغطية فيقول بلحاج محمد «الحراك الاحتجاجي لا يعرف نفس التغطية الاعلامية فقد تم التخلص من التعتيم تجاه الخارج كما هناك مساندة واضحة من قبل منظمات المجتمع المدني إلي جانب فارق أساسي وهو تكسير حاجز الخوف والصمت" كما ان هذا الحراك «يراكم على ما سبقه خلال السنتين الماضيتين ويمكن ان يدرج ضمن تصحيح بوصلة الثورة وإرجاعها إلى سياقها الأصلي". القاسم المشترك اعتبر طارق بلحاج محمد ان حزبا واحدا يحكم وأحزابا معارضة تندد هو مشهد يعيد نفسه، فالمعارضة دورها ليس التنديد وانما العمل الميداني كما ان دور الناخب ليس التنديد كما كان يقع في برلمان بن علي، النائب الحقيقي للشعب عليه ان يستقيل حينما يقع المحظور وخرق الخطوط الحمراء..» وأشار بلحاج محمد في حديثه حول الامن والقضاء الى انه "تقريبا كان الجهاز الامني والجهاز القضائي ولا زالا أدوات في يد الحكام الجدد ففي تونس لم يتغير وضع الامن والقضاء بل زاد سوءا" نقطة الاختلاف.. ومن ناحية أخرى أوضح استاذ علم الاجتماع السياسي أن الاتحاد العام التونسي للشغل مثل نقطة خلاف بارزة في مقاربة المقارنة بين احداث ثورة 2011 والاحداث الآنية في سليانة "فبعد تراجع دوره في السنتين الاخيرتين بعد الثورة يستعيد اليوم هذا الدور ويصبح رافعة وحاضنة حقيقية للاحتجاجات الشعبية بشكل يذكرنا باحداث الحوض المنجمي واحداث الثورة وهو مؤشر على استعادة عافيته ودوره التقليدي."