عاد الهدوء أمس الى شوارع مدينة سليانة واستؤنف النشاط التجاري والاقتصادي إثر ما شهده الاسبوع المنقضي من احداث عنف ومواجهات بين المواطنين وقوات الامن بعد أن قرر الاتحاد الجهوي للشغل تعليق الإضراب العام وإعطاء الفرصة للحوار وتهدئة الاجواء العامة وتطبيق الاتفاق الممضى يوم السبت الفارط بين الطرفين الحكومي والنقابي وتمكين الاطراف الحكومية من حيز زمني ب15 يوما لمعرفة مدى التزامها بالاتفاق وتطبيق بنوده ومواصلة الحوار حول بقية النقاط خاصة فيما تعلق باستعمال"الرش" وفتح تحقيق شامل حول المعالجة الامنية المفرطة ضد المتظاهرين. تعليق الاضراب بصفة مؤقتة اقترن بحملة نظافة تطوعية قام بها اهالي المدينة وبمشاركة كل مكونات المجتمع المدني من جمعيات ومنظمات جهوية واعوان البلدية الذين تجندوا لتنظيف الشوارع والانهج والاحياء من بقايا الحجارة. وفي هذا السياق أوضح محمد علي الزكراوي رئيس النيابة الخصوصية بسليانة ان البلدية استأنفت عملها بعد تعليق الاضراب العام وتم القيام بحملات نظافة بمشاركة كل الشرائح الاجتماعية في سليانة وذلك في اطار تأكيد على الاسلوب الحضاري في التعامل، كما أضاف ان المجلس البلدي سينعقد غدا وسيتم خلاله تناول العديد من القضايا العالقة. ومن جهة اخرى قال نجيب السبتي كاتب عام الاتحاد الجهوي للشغل بسليانة ان المدينة عادت الى سالف نشاطها التجاري والاقتصادي بعد قرار تعليق الاضراب بصفة وقتية الى حين استكمال الحوار في بقية النقاط وبنود الاتفاق بين الطرف النقابي والحكومي، كما أوضح انه تم عقد جلسة حوارية تم فيها التطرق الى قرار التهدئة وتعليق الاضراب مؤكدا ان ابناء سليانة دعاة حوار ومطالبهم مشروعة بعد ان عانت الولاية ومعتمدياتها سنوات عديدة من التهميش والاقصاء. لا للاقصاء والتهميش.. عودة الهدوء الى ولاية سليانة تبعها ردود فعل متباينة حول تكيلف المعتمد الاول بتسيير شؤون الولاية بصفة مؤقتة ومدى قدرته على التعاطي مع الملفات الهامة فضلا عن رغبة المواطنين في التسريع في النظر في المسائل العالقة كالتنمية والتشغيل ومحاكمة الموقوفين في القضية عدد206 اضافة الى المطالبة في التسريع في اشغال الطريق الوطنية رقم 4 الرابطة بين سليانة وتونس والتى اعتبرها الجميع احد أسباب معوقات التنمية والاستثمار في الجهة. ولئن هدأت الاوضاع باتخاذ قرار تعليق الاضراب بصفة مؤقتة فإن المواقف تباينت لدى المواطنين في ولاية سليانة، هذا التباين مرده سياسة المماطلة والاقصاء والتهميش التى عانت منها الجهة خلال عقود مضت ونتيجة طبيعية لتراكمات السنوات الماضية خاصة وان منوال التنمية في الجهة لم يكن في مستوى التطلعات وانتظارات أبناء الجهة رغم ما تتميز به ولاية سليانة من موارد طبيعية وبشرية قابلة للاستغلال،المطالبة باقالة الوالي شكلت القطرة التى أفاضت الكأس على اعتبار ان ولاية سليانة عانت حسب تصريحات أبناء الولاية من "القمع الحكومي" و"الحقرة" خلال الحقبة البورقيبية والفترة النوفمبرية فضلا عن مواصلة نفس النهج بالنسبة للفترة ما بعد الثورة واستهتار المسؤلين السياسيين بالمطالب الاجتماعية مما زاد في حالة الاحتقان بعد التصعيد والطوق الامني علاوة على التعزيزات الامنية المكثفة التى قدمت الى الولاية والتى ذكرتهم بالاحداث التى وقعت في فترة التسعينات تم خلالها قمع الاحتجاجات السلمية التى طالبت بالتنمية والتشغيل والتى نتج عنها من حملات ايقاف ومداهمات ومحاكمات عسكرية. حالة الاحتقان والاحتجاجات التى عقبت المسيرات السلمية تولدت نتيجة للمعالجة الأمنية غير المبررة واطلاق كثيف للقنابل المسيلة للدموع والاعتداء على المواطنين بواسطة "الماتراك" وإطلاق الرصاص المطاطي واستعمال رصاص الشوزن "رشّ" نتج عنه حالة من الهلع والرعب لدى المواطنين والعائلات وحالات اختناق وإصابات مختلفة وأكثر من 255 حالة إصابة بالرصاص "رشّ" متفاوتة الخطورة حسب تصريحات مصادر طبية، بعضها إصابات خطرة على مستوى العين او أجزاء أخرى من الوجه أوجبت نقل الى مستشفى العيون الهادي الرايس بالعاصمة. بداية الأحداث.. والمنعرج الحاسم تسارعت الأحداث في ولاية سليانة خلال الأسبوع الفارط، وتطورت بصورة ملفتة، وأي كانت الأسباب المباشرة لهذه المواجهات التي خلفت اضرارا بدنية لعدد من ابناء المدينة، فما حصل في سليانة يعبر عن غضب شعبي للمواطنين هناك، غضب مرده التهميش و انعدام فرص التنمية. وتعود شرارة الأحداث، إثر الإعلان عن نتائج المناظرات الوطنية الخاصة بالمعلمين و القيمين والتي لم تتجاوز نصيب الجهة منها 1 بالمائة، وهو ما اعتبرته جمعية أصحاب الشهادات العليا المعطلين عن العمل حيفا ومواصلة للتهميش و الإقصاء الممنهج. وجاء الإضراب العام في قطاع التعليم يوم 12 نوفمبر كتعبير عن الغضب و الرفض لنتائج هذه المناظرة، وتتالت الأحداث وكانت حادثة المناوشة بين موظفين في الولاية القطرة التي أفاضت الكأس، وتقرر على إثرها الدخول في إضراب عام جهوي في كامل الولاية بداية من يوم الثلاثاء 27 نوفمبر 2012 إتفاق وتعليق الإضراب بعد5 أيام من الإضراب العام الذي شهدته ولاية سليانة، وما عرفته المدينة من احتجاجات وحالة احتقان ومواجهات واحداث دامية بين المواطنين وقوات الأمن على خلفية المطالبة بإقالة والي الجهة والتنمية والتشغيل واطلاق الموقوفين في القضية عدد 206، تم تعليق الاضراب العام والإتفاق بين الاطراف النقابية والحكومية على التهدئة وازالة كل مظاهر التوتر والاحتقان وتفعيل الحوار في هذا الاطار لحل القضايا العالقة المتعلقة بالتنمية والتشغيل فضلا عن دعوة السلطة القضائية للاسراع في البت في قضية 206 وايلاء عناية طبية للجرحى من ابناء سليانة بعد الاصابات التى تعرضوا لها نتيجة المعالجة الامنية المفرطة من قبل قوات الامن في قمع الاحتجاجات.