بقلم :رئيف بن حميدة - هذا العنوان استوحيته من جريدة الصباح العريقة (الجمعة7ديسمبر.ص4).وهوعنوان لتقرير يُحوصل آراء ثلاثة خبراء وثلاثة سياسيين في القضية المثيرة للجدل :" قانون العزل السياسي..لتحصين الثورة " .. ولقد جاءت النتيجة متماثلة ضد الإقصاء(2-1)في كلا المجموعتين. وبقدر اهمية آراء النخب ،وخاصة الخبراء ،فإنّ أشملَ رأي كافٍ شافٍ هو الذي قدمه الاستاذ قيس سعيد ،فكان متميزا بتجرّده،حيث دعى الى إستفتاء لحل هذه المعضلة ..!رأيٌ حصيفٌ إتخذته عنوانا لهذا المقال... ومن الأجدى إعتماد رأي الاستاذ قيس سعيد إيضا لحل القضية الساخنة جدا التي تعصف بالبلاد وهي: شرعية الرابطة الشعبية لحماية الثورة..وإنّ تجاوزاتها المتكررة والمتفاقمة هي التي دفعت الى الإضراب العام ! .. وفي تقديري الخاص ، صلاحيات هذه الروابط إنتهت بإنتهاء الهيئة العليا " إبنتها"، وميلاد المجلس التأسيسي وريثهما الشرعي والوحيد. هذا لو أردنا حقا السلم الإجتماعي !!! . لقد بلغ السيل الزبى ووصلت التجاذبات والمناكفات والصدامات حدا خطيرا جدا يهدد بزوال مؤسسات الدولة بل وأمن شعبها ووحدته... إنّ ما جدّ منذ أيام في ساحة الإتحاد وما سبقه من إحتقان جماهيري في سليانة وبرقو وإرتداداتها على سائر البلاد، أمر لا يمكن تجاوزه دون ضمانات حقيقية قوية.. مهما كلفت التكاليف!..ألم يحدث الصدام أمام مقر الإتحاد !؟..فمن كان المستفز ، ومن أتى الى الآخر !؟..أليست صفاقة وأكبر عنجهية أن لا يجدوا من يوم ل"تطهير الإتحاد" إلا يوم ذكرى إغتيال حشاد حين كان النقابيون متجهين كعادتهم السنوية الى مقامه لتلاوة الفاتحة على روحه النبيلة !؟..فهل هذه هي أخلاق الإسلام !؟.. أليس الله هو الحق وأمر بالحق في كل شيء((..كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين..)) !؟..والدين الإسلامي أصلا ،هل هو "مِلكية خاصة" !؟..فهل يجوز لمن يستحوذ عليه تجاوزه والحصانة منه و"حق الفيتو" !؟.. ومن الاكيد،ما كان لهذا التوتر، الذي سبّب اضرارا مادية وبشرية موجعة جدا، ما كان له أنْ يصل الى هذا الحد لو أننا أحتكمنا الى الشعب ووضعنا آلية للتواصل معه(مكاتب مقترحات كتابية في كل ولاية مثلا، فأهلُ مكة أدرى بشعابها وبأوجاعها.. والديمقراطية المحلية هي أصلا ضرورية لل"عدالة الإنتقالية"!) ، ولكن نرى الحكومة تمعن في إقصاء الجماهير عن القرار، وهي عقلية متعسفة موروثة عن العهود التي كانت فيها الجماهير تساق كالقطعان الى المعالف والموارد.. إن وُجدت. أعود الى قضية الرابطة الشعبية لضمان الثورة، فهل هي لضمان الثورة أم.. لتأبيد السلطة !؟.. إنها في تقديري شبيهة بذلك المسمار الأسطوري..فبداهة ، لو إفترضنا أنّ حزبا آخرا خلَفَ النهضة عبر "الصندوق" فما مصير هذه الرابطة وما مصير هذه الجمعية.. المدنية!!!؟ لنفترض أنّ مجموعة من المزارعين يتناوبون على إستأجار حقل بالتناوب تباعا ، و خلال إستئجاره وضع واحد منهم نَمِرًا في الحقل لحمايته، ثم إستطاع هذا المستأجر "الشاطر" أنْ يستصدر قانونا يفرض عدم المساس بهذا النمر وحتى بمجرد تقييده ( الذي تربى على يديه منذ نعمومة.. مخالبه) ألا يعدل هذا النمر تحت هذا "القانون"! Titre bleu ندعو جميع الأحزاب وكل المواطنبن فردا فردا الى عدم الإستهانة بخطورة الأوضاع،ندعوهم الى فرض هذا الإستفتاء.. في القريب العاجل!.. وعدم ترك الحوادث تمر سبهللا..هذا هو المنهج المقنع للتهدئة والحوار الشامل (الحوار الذي دعى اليه الإتحاد جميع الفرقاء دون تمييز أو "عنصرية سياسوية " ودعاة "التطهير" هم الذين رفضوا المشاركة في الحوار الوطني الشامل !(. إنّ الإتحاد يمثل عمود البلاد الفقري والمكافح التاريخي من أجل تونس وهو الحاضن لجميع الإنتفاضات المشروعة ومنها الثورة ،وقد دفع مناضلوه الأفذاذ ،الأحياء منهم والأموات،الثمن غاليا جدا جدا..وما إستكانوا وما بدلوا تبديلا..وإنني أسأل جميع أصحاب العقول والضمائر النقية،هل كان قادة الإتحاد يعلمون بأن بن علي سيسقط !؟....ألم يكن إحتضانهم و تأطيرهم للثورة وإعلانهم الإضرابات تباعا مجازفة خطيرة و عملا إنتحاريا، خاصة وهُم قد إكتووا ببطش السلطة وإنتقامها منذ ... جانفي78وجانفي84 وجانفي88 وأخيرا جانفي 2011..أليس ذلك المشهد الشهير لعبد الناصر لعويني في شارع بورقيبة اكبر دليل على أنّ المناضلين لم يكونوا على "علم غيب" بسقوط بن علي !!.. ندعو الجميع وبكل إلحاح الى مراجعة اللقطة : التونسي الذي ابكى كل من شاهده [..تحررنا .. الشعب التونسي ما يموتش.. تحيى تونس الحرة .. المجد للشهداء.. السفّاح السارق هرب ..يا توانسة يا الي عذبوكم..يا توانسة يا اللي قهروكم ..يا توانسة يا اللي غبنوكم ..يا توانسة يا اللي سرقوكم..تحيى تونس العظيمة..]. وبمناسبة [..يا توانسة يا اللي قهروكم ..يا توانسة يا اللي غبنوكم.. ] ندعو الى مراجعة(ملف خاص بإنتفاضة الحوض المنجمي) ، وهو ما عثرتُ عليه منذ يوم ،ويبدو أنه من إنجاز "البديل" خلال تلك الأيام الغبراء، وألفتُ إنتباه القراء الكرام بصفة خاصة الى تقربر يوم 6 ماي حيث ينقل الكاتب في آخره، بكل تجرد وبراءة، واحد من الشعارات المرفوعة :"الله أكبر عاصفة على البوليسية ناسفة"..إنّ هذا التجرد والنزاهة يكفي لوحده لدحض جميع التشويهات والأكاذيب التي عبثت بالمشاعر الدينية خاصة لدى صغار السن وجيشتهم بالباطل من أجل " تطهير الإتحاد" وكل الفتن بالبلاد! فمن الواضح أنّه لم يكن لليسار من عدو غير الظلم والفقر والقهر والغش والخداع والكفر والنفاق..وإننا حتى لو إفترضنا صدق الإشاعات كونهم "كفار وجاهليين" ألمْ يكن الرسول ،عليه الصلاة والسلام،يقول اللهم أهدي قومي فإنهم لا يعلمون.. أليس هو الذي قال خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام !؟ أليس هو القائل:(اللهم أعزّ الإسلام بأحد العمرين) تقديرا لسيدنا عمر.. حتى قبل إسلامه!؟.. ألم يأمر بإطلاق سراح إبنة حاتم الطائي وقال (أتركوها فإنّ أباها كان يحب مكارم الأخلاق)!؟. أليس هو القائل،تقديرا لكريم أشعار عنترة لما تُذكر بمجلسه (ما وُصف لي اعرابي قط فأحببتُ أنْ أراه إلا عنترة)!؟. ألمْ يُصلّ صلاة الغائب ومعه الصحابة، على النجاشي (المسيحي!) لمّا علم بوفاته ، وقال (مات اليوم رجل صالح فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة)!؟ أخيرا ننبه لخطورة التجاذبات الحزبية وخاصة الأيديولوجية وبصفة أخص الدينية، لقد أصاب من قال : "الحزبية قبلية العصر الحديث" ...وإننا نعتقد أنها في غياب التبصر و الإحتكام للعقل أدهى من القبلية أصلا، فالمتصارعون قبليا يحكمهم منطق وهو منطق المحاصصة، بينما المتصارعون دينيا أو أيديولوجيا كالطرشان المتحاورة لا يحكمهم منطق.. فهم كمجموعة "بيزنطية" إحتدم بينها العناد حول لون الثلج... بسبب إختلاف ألوان نظاراتهم! أنه واجب على كل المثقفين الخيرين أن يجتنبوا المشاحنات والتفرقة بين أبناء الشعب الواحد، ولكن لكل شيء ضمانات ، والضمانات المطلوبة اليوم بإلحاح هي التعهّد بالإستفتاء مقابل الغاء الإضراب أو تأجيله ريثما يتأكد حسن النية. فلا عاش في تونس من خانها *ولا عاش من ليس من جندها!