تغيرت المؤتمرات وأسماؤها وأماكنها، ولم يحصل الشعب الفلسطيني إلى اليوم على أبسط حقوقه في تقرير المصير وبناء دولته المستقلة ذات السيادة... مؤتمرات مختلفة بعناوين متعددة، ولكن في كل يوم وفي كل عام ننتظر.. ماذا ننتظر؟ شعب يحتضر وقضية أصبحت في الرفوف لم تزدها المؤتمرات غير الخيبة تلوى الأخرى والمجازر تلوى الأخرى. تغيرت المؤتمرات من مدريد إلى أنابوليس ولكن ما لم يتغير هو سياسة إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني وما تشنّه يوميا من اعتداءات يندى لها الجبين الإنساني وترقى إلى مستوى ارهاب الدولة بامتياز ولا تختلف عن أية عملية تطهير عرقي شهدها التاريخ بل تفوقها قسوة ووحشية ستحتفظ بها الذاكرة الانسانية رغم الطمس اليومي والتعتيم الاعلامي والصمت الدولي المطبق تجاه شعب وقضية ليس هناك ما هو أعدل منها في التاريخ المعاصر، وليس هناك من مشكلة يمكن بحثها واعطاء الأولوية المطلقة لها قدر القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المسلوبة منذ قيام الكيان الاسرائيلي. ان الصمت الدولي اليوم حيال ما يجري في غزة يؤكد مرة أخرى أن الدول الراعية للسلام غير جادة بالمرة ولا هي متحمسة لوقف المجازر التي تقترفها إسرائيل في الأراضي المحتلة... اسرائيل التي تواصل عدوانها وتهدد بمحرقة كبرى في غزة إن لم تتوقف الصواريخ التي تطلقها الفصائل الفلسطينية دفاعا عن أراضيها وقضيتها العادلة وهي ان فعلت ذلك فلأنها لم تجد أي خيار آخر فالمقاومة حق مشروع ضد الاحتلال وما من شعب وقع احتلاله إلا وقامت مقاومة. في الواقع ان العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني هذه الأيام وتلويح قادة تل أبيب بمحرقة كبرى في قطاع غزة ليس بأمر مستجد، فالاعتداءات الاسرائيلية قد أصبحت خبز الفلسطينيين اليومي الذي لا يميز بين الطفل والكهل ولا بين الشيخ المسن والمرأة الحامل، ولعل ذكريات مجازر دير ياسين وصبرا وشاتيلا وحدها تبرز تاريخ هذا الكيان الدموي، واستهانته بمختلف القوانين الدولية ورميه عرض الحائط بالاتفاقيات التي تحمي المدنيين زمن الحرب من التجاوزات ومنها اتفاقية جينيف الرابعة الى جانب استخفافه بكل القرارات الأممية ذات الصلة بالصراع العربي الاسرائيلي... غير أن ما لم يستطع قادة إسرائيل ادراكه الى حد الآن هو أن العنجهية وسياسة القوة لا يمكنهما أن تحسما الموقف في نهاية المطاف طالما أن هناك مقاومة... وأن المقاومة لن تتوقف طالما أن هناك احتلالا... وبالتالي فإن أي سلام في المنطقة سيظل مرهونا بتلبية مطالب الشعب الفلسطيني العادلة عبر التوصل الى حل يكفل حصوله على حقوقه المشروعة في اقامة دولته المستقلة ذات السيادة على أراضيه.