كانت مبادرة أحمد بن صالح من أولى المبادرات الداعية للتهدئة والتي حاولت اقناع الأطراف المعنية بالأزمة بضرورة التروّي وتغليب لغة الحوار والتعقّل وتفادي كلّ ما من شأنه أن يؤجّج الأوضاع. وعلى اثر صدور قرار الهيئة الادارية بالغاء الاضراب، كان لنا مع الأستاذ أحمد بن صالح، الأمين العام الأسبق للاتحاد العام التونسي للشغل ومؤسس حركة الوحدة الشعبية، الحوار التالي: *كيف تقبّلتم هذا القرار؟ - لقد تقبّلنا بكلّ ارتياح الاتفاق المبرم بين الاتحاد والحكومة اذ نعتبره خطوة نحو تجنيب البلاد الدخول في نفق نحن في غنى عنه، وبالتالي هذا يبشّر بالدخول في مرحلة جديدة نحن متفائلون في أن تنسينا الهزات التي عرفتها البلاد خلال الفترة السابقة، ولكن يجب أن تجعلنا نفكّر بكلّ عمق في المستقبل يكون ضامنا لاستقرار اجتماعي لا ينفي التدافع السياسي المطلوب لضمان ديمومة الديمقراطية في بلادنا. *كيف ترون الاتحاد بعد هذه الخطوة؟ - لقد أكّدت سابقا أن روح حشّاد لا تزال تسكن دار الاتحاد، وقد برهنت منظمتنا مرّة أخرى أنّها في مستوى دورها التاريخي وحجمها الوطني، اذ أكّد الاتحاد نزعته لتغليب المصلحة العليا للبلاد ونكران الذات أمام الزجّ بالبلاد في منزلقات قد تكون خطيرة على مدنية وسلمية المسار الديمقراطي. لقد برهنت قيادة الاتحاد أنّها متشبّعة بروح الروّاد والمؤسسين، وأنّها بالفعل قادرة على قيادة سفينة الاتحاد في هذا الظرف العسير الذي تعيشه البلاد والمملوء بالدسائس والفتن. وقد أثبتت أنّها عصيّة عن التوظيف أو الاستغلال، وأنّها تغلّب لغة العقل والتحكّم حتى وان أراد البعض دفعها نحو الانفعال والتشنّج المفرطين. * هل تعتبرون أن هذا انهزام للاتحاد؟ - أبدا، هذا لا يعتبر تراجعا من الاتحاد بل دفع من الاتحاد للبلاد نحو الأمام، بالتالي فلا مجال للحديث عن غالب ومغلوب حيث أنّ البلاد هي التي خرجت منتصرة برجالاتها الصادقين والغيورين على مناعتها ووحدة شعبها، وهم عديدون موجودون في مختلف قواها السياسية والاجتماعية، من الطبيعي تواجد بعض الهزات خلال مثل هذه الفترات ولكن البحث عن التوازن هو الأمل والحلّ الوحيد لتحقيق الاستقرار وضمان سلامة المسار الديمقراطي. كما يمكن اعتبار هذا الاتفاق رسالة موجّهة الى كلّ المتربّصين بالبلاد والساعين الى ادخالها دوّامة العنف والفتنة، ويمكن اعتبارها أيضا رسالة ضمنية الى المجلس التأسيسي للإسراع بإنجاز الدستور ومختلف النصوص التأسيسية. كما أن هذا الانجاز لا يمكن الاّ أن يدفعنا جميعا للبحث عن حلول دائمة ووقائية لتجنّب مثل هذه الأزمات. * يعتبر الرأي العام أنّ مبادرتكم ساهمت في تهدئة الأجواء، كيف ترون ذلك؟ - نعتبر أنّ الأطراف الرئيسية المباشرة في هذه الأزمة هم الفاعلون الرئيسيون في انهائها، وبالتالي الوصول الى تهدئة يعود بالأساس الى ما أظهروه من وعي، ثمّ انّ مبادرتنا جاءت مصاحبة لعدّة مبادرات أخرى، وبالتالي فانّه يكفينا لو ساهمنا ولو بجزء بسيط في تحقيق هذه التهدئة. في الحقيقة، وخلال هذه الأزمة، لاحظنا الهبّة التي قامت بها بعض النخب السياسية لتهدئة الأجواء، ولاحظنا كذلك من بقي يترقّب من بعيد التطاحن الوشيك. وهذه دلالة مرّة أخرى أن المشهد السياسي بقدر ما فيه قوى صادقة، تتوق الى حماية البلاد من الفتن، بقدر ما يضمّ قوى تعمل وفق أجندات مشبوهة، وتسعى الى دفع البلاد من أزمة الى أخرى.