وسط إجراءات أمنية محكمة وفي أجواء سادها التوتر والاحتقان الشديدين أضاءت أمس ثورة الحرية والكرامة شمعتها الثانية. وقد قاطع مواطنو سيدي بوزيد ومختلف فعاليات المجتمع المدني مظاهر الاحتفال الرسمي لهذه الذكرى الخالدة رافعين شعارات موحدة منادية باستحقاقات الجهة في التنمية الشاملة والتشغيل والعدالة الاجتماعية والقطع مع سياسات التهميش والإقصاء والأبواب الموصدة التي كانت من الأسباب المباشرة لاندلاع الثورة التونسية. أصداء المهرجان - افتتحت الدورة الثانية للمهرجان الدولي لثورة 17 ديسمبر على الساعة العاشرة والنصف من صباح أمس بتلاوة الفاتحة على أرواح الشهداء وآداء النشيد الرسمي - قامت ثلة من عناصر الجيش الوطني بإطلاق 17 طلقة نارية قرب النصب الرمزي لعربة محمد البوعزيزي وهو من إنجاز جمعية "خطى" مساهمة منها في الاحتفال بهذه الذكرى المجيدة. - واصلت مجموعة من العاطلين عن العمل اعتصامهم المفتوح للأسبوع الثالث على التوالي داخل خيمة نصبوها في الغرض أمام المدخل الرئيسي للولاية كما هددوا بحرق أنفسهم في صورة عدم الاستجابة الفورية لمطالبهم المشروعة. - أصدر المكتب الجهوي لحركة النهضة بسيدي بوزيد بيانا حيا من خلاله نضالات التونسيين المتراكمة طيلة عهود الاستبداد من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية وتمسكهم بمقومات الهوية الوطنية وانتمائه وحماية ثورتهم من كل المخاطر وانتهاج الحوار والوفاق في معالجة كل الخلافات انسجاما مع أهدافها وجعل 17 ديسمبر يوما للاحتفال بالثورة والتأكيد على مبادئها وقيمها وأن تكون سيدي بوزيدوتونس العاصمة منطلق هذه الاحتفالات قبل تعميمها على مختلف مدن البلاد. - صرح الناشط السياسي والحقوقي عطية عثموني ل"الصباح" أن انتخابات المجلس التأسيسي كانت نتائجها معاكسة تماما للمد الثوري ولتضحيات الشعب التونسي أنصفت -وفق قوله- أناسا لم يكن لهم أي دور في الثورة بل كان البعض منهم يعمل على وأدها انتصارا لمصالحه مع النظام السابق. وقال أن الإنجازات التي طالب بها أبناء الجهة ذهبت سدى وأن الجهات المفقرة أو الهلال المنسي قد تعمق فقرها وطال أمد إهمالها وأن الشباب الذي انتصر إل الثورة لم يجن إلا الخذلان و التجاهل. على حد تعبيره. - توافد عدد كبير من أبناء الجهة على حلقات الحوار التي نظمها حزب التحرير للتعريف ببرنامجه وموقفه من ظاهرة الاحتفالات فيما رفع أنصاره شعارات مناهضة للحكومة ومطالبة باعتماد الشريعة كمصدر في الدستور الجديد. - حضر رضا بالحاج الأمين العام لحزب التحرير فعاليات المهرجان الدولي فيما أصدر الحزب بهذه المناسبة بيانا ذكر فيه أن صراع الحكومة والمعارضة تكريس للنظام الفاسد كما أن الأوضاع تسير من سيء إلى أسوأ مع قصور شديد وعجز من الحكومة في رعاية شؤون الناس حتى صاروا يتحسرون على زمن "بن علي" وجاء في البيان أن "ما زاد من تعقيد الأمر ما تشهده الساحة السياسية هذه الأيام من أزمات وصراعات بين أطراف سياسية سواء في قاعة المجلس التأسيسي أو في الشارع في عمليات استعراض للقوة يحاول كل طرف إثبات موقعه ومقدار تأثيره على الشعب." - قاطعت الجبهة الشعبية الاحتفال بالذكرى ونصبت خيمة بساحة الشهيد كما قامت بتعليق لافتات وشعارات ورايات سوداء تعبيرا منها عن الغضب وعدم الرضا لما لم يتحقق ولما آلت إليه الأوضاع بعد سنتين من الثورة. - اقتحم ليلة أمس الأول مجهولون خيمة الجبهة واعتدوا على عضو مجلس حماية الثورة "يوسف جلالي" بسلاح أبيض في محاولة لقتله. فيما تعرض منزل الكاتب العام للنقابة الجهوية للتعليم الأساسي بسيدي بوزيد للسرقة. - رغم التنظيم المحكم للتظاهر وجد كل من رئيس الجمهورية المؤقت ورئيس المجلس التأسيسي، ووزير الفلاحة وكاتب الدولة للشؤون الأوروبية صعوبة في الوصول إلى ساحة الثورة بسبب الحضور الجماهيري المكثف. - ألقى المرزوقي كلمة بهذه المناسبة أشاد فيها بدور الثورة في تخليص البلاد والعباد من منظومة الاستبداد والفساد والتأسيس لبناء دولة المواطنة الحقيقة التي تحترم فيها الحقوق والحريات العامة والفردية وتؤدى فيها الواجبات على أساس العدالة والمساواة. - أكد رئيس الجمهورية المؤقت في خطابه أن17 ديسمبر سيكون عيدا وطنيا و14 جانفي عيد النصر. - قال المرزوقي إن تونس يلزمها خمس سنوات للخروج من الخراب وتجاوز مآسي ونتاج الماضي المظلم كما أشار إلى أن واقع التنمية الجهوية يقتضي مراجعة جذرية وتشخيصا معمقا للوقوف على العوائق الموجودة وتقصي سبل علاجها في أقرب الآجال الممكنة. - تعرض مصطفى بن جعفر فور صعوده إلى المنصة لإلقاء كلمة في هذه المناسبة إلى احتجاجات لفظية من قبل بعض المحتجين على خلفية الالتفاف على تاريخ الثورة. - لم يتمكن رئيس المجلس التأسيسي من مواصلة تدخله بعد أن رفع المواطنون ومكونات المجتمع المدني في وجهه شعار"ديقاج". - بعد حادثة الاعتداء تدخل أعوان الأمن والجيش الوطنيين لتأمين موكب الرئيس ومنع المتظاهرين من اقتحام مقر الولاية بأسلوب حضاري تفاديا لأحداث عنف وتخريب محتملة. عبد الجليل الجلالي
"قالوا عن الذكرى الثانية لاندلاع الثورة" محمد العماري (رئيس لجنة الاحتفال) "الثورة حطمت أسوار الخوف وفضحت سلطة السيف" يرى محمد العماري رئيس لجنة الاحتفال بالذكرى الثانية للثورة التونسية في سيدي بوزيد أن أحداث 17 ديسمبر كانت ظاهرة اجتماعية سوسيولوجية لها أسبابها البعيدة وأسبابها المباشرة المتمثلة إجمالا في الإحساس بالقهر الجماعي والغبن الذي يولد على مرّ أعوام وعيا جماعيا بحتمية إزالته ويظهر في عتمة الاستبداد مواطنون خلص ومفكرون وأدباء ورجال سياسة على قلتهم يتدافعون لتحطيم أسوار الخوف وفضح سلطة السيف. وعادة ما يلاقون التضييق والاعتداء والتعتيم وهم بذلك يساهمون إلى حدّ كبير في تشكيل الوعي الجمعي بضرورة التغيير وترهل النظام الفاسد يوصل الشعب إلى حالة الإشباع القهري الذي لا مزيد عليه وعند هذه العتبة يصبح الشعب جاهزا مستعدا للتغيير ويصبح الأمر متوقفا على شرارة تشعل الثورة وهو ما يسمى بالسبب المباشر لقيام الثورة. لزهر الغربي : "مصرون على مواصلة استكمال مهام الثورة" أكد الناشط السياسي لزهر الغربي على ضرورة "ردّ الاعتبار لشهداء الثورة الذين رووا بدمائهم الزكية تراب وطننا الغالي فعبدوا لنا طريق الحرية والكرامة والعدالة منيرين بذلك دروب الخلاص والانعتاق من حكم الفاشية والرجعية". وأضاف "حزب العمال مصرّ على مواصلة مسار استكمال الثورة وتحقيق أهدافها التي تتمثل في ضمان الحريات العامة والفردية من خلال تكريس المواطنة والمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة والعمل على إرساء تنمية جهوية متوازنة تقوم على التوزيع العادل للثروة فضلا عن إعطاء الأولوية المطلقة للتشغيل خاصة المعطلين من أبناء الجهة وحق الجميع في التمتع بخدمات صحية راقية وتعليم ديمقراطي شعبي مجاني. سالم السعيدي (متفقد) : "دار لقمان على حالها" قال متفقد المدارس الابتدائية سالم السعيدي "إنها ذكرى أخرى للثورة ودار لقمان على حالها". وتساءل: "هل جُبل أبناء سيدي بوزيد على الصبر والمكابدة وهل كتب عليهم أن يزرعوا بذور الحرية والكرامة لينعم الآخرون بثمارها أم أن لغة الفرقة أصابتهم لتعصف مصالحهم الضيقة بجهودهم والتفافهم حول مشاكل الجهة وحقوقها في التنمية العاجلة؟. وأضاف السعيدي "لقد لف الظلام عهدا من الظلم والقهر ولفظ نظام الاستبداد أنفاسه" ونحن ننتظر بزوغ شمس يوم جديد تعلن ميلاد الحرية والعدالة الاجتماعية وتنفض الغبار عن ولاية تناساها أهل القرار وهمشوها ولا يزالون وفعل الدور فعله ولكن المتفق عليه لدى الجميع أنهم سيظلون واقفين قد يتمايلون ولكن أبدا لن يسقطوا من أجل غد أفضل يرون فيه مدينتهم تنهض ويتوافد عليها المستثمرون. مهدي عافي (ناشط جمعياتي):القطع مع المكباح يعتقد الناشط الجمعياتي مهدي عافي أن "الاحتفالات بعيد ميلاد الثورة الثاني كانت نسخة مكررة لبرامج التظاهرات الفارغة والديكورية إبان الحقبة البائدة". وصرّح أن أحداث 17 ديسمبر 2010 تعني له إشراق شمس الحرية والكرامة والديمقراطية السياسية والاجتماعية والتنموية التي تدفع أبناء سيدي بوزيد للتوجه إلى البناء والتطور في شتى المجالات، معتبرا أن هذا الحدث المفصلي في تاريخ تونس المعاصر منارة لتحرر بقية الشعوب العربية من أشكال الحيف ونظام الحزب الواحد.