في وقت طغت فيه الصراعات السياسية على المشهد العام في البلاد، واحتدم الصراع بين الكتل السياسية والحكومة من جهة، والتجأ سكان الجهات الداخلية إلى التحرك للتعبير عن رفضهم لهذا الواقع مطالبين بحقهم في التنمية والتشغيل وغيرهما من المطالب التي لا تنتظر التأخير، تعطل المسار السياسي الرامي إلى كتابة الدستور ووضع الآليات والأطر التي تؤسس للمرحلة القادمة، وأهمل على وجه الخصوص البعد الاقتصادي واختلط فيه الحابل بالنابل على مستوى إطلاق العنان للترفيع في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية في غياب مراقبة لصيقة لنشاط الأسواق اليومية. وبين ما هو سياسي واقتصادي احتار المواطن وارتبك في مواجهة غلاء الأسعار التي شهدت قفزة هامة ما عادت معها العائلات البسيطة قادرة على تأمين غذائها اليومي من الخضر العادية، حيث بلغ سعر البطاطا 1200 مليم والفلفل 2500 مليم والبصل 1200 مليم، والطماطم بين دينار ونصف ودينارين ونصف، وحلقت بقية أسعار هذه المواد عاليا لتقع الزيادة في أسعار كل الخضر الورقية الشتوية التي تبقى ملاذا لكل الفئات الاجتماعية بعد أن وضع حاجز بينها وبين كافة أنواع اللحوم والسمك التي لم يعد بالامكان شراؤها. هذا الواقع الصعب الذي خيم على الحياة العامة للمواطنين غيبته الحكومة والسلط المسؤولة والإدارات التابعة لها من اهتماماتها اليومية واعتمدت خطابا خشبيا في الرد على تذمر المواطنين. ولم تعد تجري مراقبة الأسواق والأسعار ومسالك التوزيع، وانخرم التوازن داخل الأسواق اليومية بغياب بعض المواد وفي مقدمة ذلك مادة الحليب، وذلك على الرغم مما تم من توريد لتغطية الحاجيات، لكن يبدو أن ما تم في هذا المجال لم يف بالحاجة، ولم يكن توزيعه منظما بدرجة يجعله يصل إلى كل الجهات، حيث تم اعتماد توزيع الحليب في المساحات التجارية الكبرى دون سواها . فإلى متى سيتواصل هذا النزيف في ارتفاع اسعار المواد الاستهلاكية الأساسية؟ ولماذا أهملت وزارة التجارة عملية مراقبة الأسواق؟ وهل أن البعد الاقتصادي لم يعد يهم الحكومة أمام أهتمامها بالواقع السياسي الذي طغى على كافة نشاطها؟ تلك هي جملة الأسئلة التي بات يطرحها المواطن ولا يجد لها جوابا في ظل تنامي التجاوزات التي تحصل في الأسواق وسكوت إدارات المراقبة الاقتصادية وعدم فعلها في هذا الواقع الذي ما انفك يتعقد ويزداد صعوبة دون تدخل الحكومة للحد منه.