إضافة إلى حالة عدم الاستقرار الاجتماعي التي طبعت المشهد الوطني على امتداد سنة 2012 المنقضية والتي كادت تنتهي بكارثة «الإضراب العام» الذي دعت إلى تنفيذه المركزية النقابية بتاريخ 13 ديسمبر 2012 قبل أن تتخذ قرارها الوطني والشجاع بإلغائه كانت هناك أيضا حالة من عدم الاستقرار السياسي ظلت بدورها قائمة ضمن نفس المشهد.. حالة عدم الاستقرار السياسي هذه التي تجلت خاصة في كمّ التجاذبات والصراعات الحادة بين الأطراف والقوى السياسية في السلطة والمعارضة مثلت ولا تزال عائقا جديا حال دون المضي قدما بعملية الانتقال الديمقراطي ورسم «خارطة طريق» واضحة المعالم والآجال تساعد على «تطبيع» الوضع والقطع مع «المؤقت».. ربما إذا ما عنّ للمتابع هنا أن «يرصد» حجم مسؤولية كل «طرف» فيما آلت إليه «الأوضاع» من تدهور وعدم استقرار على المستوى السياسي فإنه واجد بالتأكيد في جانب من الأداء السياسي للفريق الحاكم من جهة وكذلك في بعض مواقف و«شطحات» قوى المعارضة من جهة أخرى ما به ومن خلاله يمكن أن يدين الطرفين على حدّ سواء.. أجل،،، فلقد بدا أحيانا وكأن منطق «المحاصصة» الحزبية مثلا و«الزحف» على المواقع والمسؤوليات السياسية قد أضحى أكبر همّ أحزاب الإئتلاف الحاكم وليس الوفاء بالإلتزامات والإنتهاء في الآجال المعقولة من أداء المهمات الأساسية التي انتدبهم الشعب لها والمتمثلة في وضع دستور جديد للجمهورية وتحديد مواعيد معلومة وقارّة للانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة.. كذلك بدا من جهة أخرى وكأن همّ كل قوى المعارضة سواء وهي تمارس دورها النيابي داخل المجلس الوطني التأسيسي أو في الساحة السياسية أضحى محصورا في كل مرّة في التبشير بفشل الحكومة المنتخبة و»اختراع» مواعيد لانتهاء شرعيتها وشرعية المجلس الوطني التأسيسي !!! ولأنه لا بد لهذا الواقع «السريالي» والرديء أن ينتهي وأن تعمل مختلف «الاطراف» على الارتقاء بالمشهد السياسي الى مستوى طبيعة التحديات الفعلية القائمة اجتماعيا وأمنيا يكون «الحراك» المسجل في الايام القليلة الاخيرة والذي هو بمثابة محاولة شجاعة للخروج من حالة عدم الاستقرار السياسي والعودة الى منطق «التوافق» والاجتماع وطنيا على خدمة المشروع الاصلاحي الذي بشرت به ثورة (14 ديسمبر 14 جانفي) قد جاء في وقته تماما ليعيد بعض الأمل في نفوس عموم التونسيين.. إن سلسلة اللقاءات والحوارات التي أطلقها تنسيقية «الترويكا» مع عدد من أحزاب المعارضة بهدف البحث في صيغ عملية تضمن مشاركة كل القوى الوطنية في تأمين عملية الانتقال الديمقراطي يجب أن تجد صدى لدى الجميع وأن تعمل كل «الأطراف» بمسؤولية على انجاحها من منطلق وطني بعيدا عن أية حسابات سياسية أو حزبية ضيقة... لأنه وبكل بساطة لا خيار غير هذا.