يحق للرئيس الفرنسي ساركوزي أن يتذوق طعم فوز حزبه في الانتخابات التشريعية حتى قبيل الدورة الثانية من الانتخابات لأن الأغلبية الرئاسية أصبحت حقيقة يترجمها عدد المقاعد التي حصل عليها أو سيحصل عليها اليمين وبذلك سيكون ساركوزي في موقف مريح لتنفيذ ما وعد به الفرنسيين وهو إدخال فرنسا عهدا شعاره التغيير والتجديد. ولا شك أن الفوز الكاسح لليمين يعني في الآن نفسه تغيرا للخريطة السياسية، فقد نجح حزب «اتحاد الحركة الشعبية» في فرض توجهاته وخياراته في بلد اتضح أنه في حاجة إلى إصلاحات وإلى اجتهادات على مستويات عديدة لكي تستعيد فرنسا مكانتها في العالم ولقد دفعت عدة أحزاب ثمن هذا التوجه الجديد. وإذا كان الاشتراكيون أبرز الخاسرين فإن علامة استفهام كبرى أصبحت تطرح بخصوص مستقبل الحزب الاشتراكي في عالم أصبح يحول أنظاره عن تيار ربما يكون بصدد السير في مسار تاريخي معروف سلفا قياسا بانهيار الايديولوجيات وتحديدا الشيوعية في أوائل التسعينات، ولعل بداية القرن الحالي ستعلن نهاية الفكر الاشتراكي مادام التنافس منحصرا بين الوسط واليمين. إن خسارة الاشتراكيين الانتخابات الرئاسية والتشريعية يعني إفلاسا ايديولوجيا وفكريا لدى نخب اليسار الفرنسي الذين لم يبحثوا بعمق في جوهر أزمته وهي أزمة يمر بها اليسار في بلدان عديدة وكان يفترض ان تتم المراجعة الجذرية بعد فشل المرشح الاشتراكي جوسبان في الانتخابات الرئاسية لعام2002 . لقد ملت أغلبية الفرنسيين طروحات الاشتراكيين وكان لا بد من الإقدام على منعطف في تاريخ فرنسا من شأنه أن يصطبغ بتوجهات ساركوزي بطموحها وبشدتها وصدمتها وليس أفضل من ترك التاريخ يحكم على الرجل وعلى انجازاته. أما اليمين المتطرف فقد خرج متضررا من الانتخابات لأنه لم يحصل على أي مقعد في البرلمان وذلك لأن جانبا من الفرنسيين رأوا طروحات لوبان تشكل ولو بصورة خفية بندا من بنود برنامج ساركوزي الانتخابي.وبذلك يمكن القول أن نتائج الانتخابات برهنت على نهاية الثنائية بين اليمين واليسار بما أن حزب بايرو (الوسط) كان متضررا هو الآخر ولم تعد المسألة صراعا بقدر ما هي اكتساح يميني لجانب كبير من الخريطة السياسية حيث تتواجد أحزاب غير مستعدة للانتخابات أو لم تستطع إقناع الناخب الفرنسي. لقد حقق ساركوزي ما كان يصبو إليه على صعيد مسيرته الشخصية وعلى الصعيد السياسي ليمهد لبروز نظام رئاسي سيمارس دوره فيه حتى قبل أية تعديلات دستورية تنهي حقبة الجمهورية الخامسة.