التربية الحسنة يا أحفادي اسكندر، وسليمة، ومحمد يونس، ومريم، واحفاد بني وطني وعقيدتي تقوم على اساس الرفق واللين لتؤتي ثمرة طيبة، هذا ما اكتشفته حين باشرت التدريس، وكذلك حين باشرت مهمة وظيفية بالادارة، ففي الفترة التي باشرت التدريس حدثت بعض المشاهد منها عندما خرجت من القسم لاحظت احد تلاميذي المجتهدين حزينا جالسا فوق المدرج، فمسكته من يده وقلت له لا تحزن انت معي، فباح لي بما يخالجه ويجعله في هذه الحالة وهو في حالة يأس وقنوط. فرفعت عنه هذا اليأس والقنوط وحوليته الى أمل وبشرى، ووعدته بتوفير كل ما يحتاجه، وان يصارحني كما يصارح أباه او أكثر، وكان ذلك كذلك حتى نجح بفضل اجتهاده وتخرج طبيبا، مرت الايام فالتقيت به في كلية الطب، عندما توجهت لأرافق ابنتي التي تدرس في هذا الاختصاص، فسرّ بي، وكانت مفاجأة له، وقال لي «لن أنساك فانت الذي عالجتني من داء اليأس والقنوط وبعثت في نفسي الأمل» فأجبته «لا تنسى أنك ذكي ومجتهد، فابتسم وانشرح صدره. وفي مشهد اخر تغيب احد تلاميذي فاستفسرت زملاءه عن السبب فأفادني بعضهم بالسبب، فاستدعيت والده، واستأذنته لازور ابنه بعد حوار جري بيننا، ويتركني لوحدي معه في بيته، فكان الامر كذلك، فحملت معي مجلة ترفيهية، فتفاجأ عندما شاهدني قلت له لنتصارح فحصل الحوار، وكشف لي عن السبب، اذ كان مغرما بمن احبها وهي اكبر منه سنا ولها زوجها، فأقنعته علميا انه مازال في بداية سن البلوغ، ولكي ينال مبتغاه في من سوف يحبها عليه ان يقلع عن التغيب، ويواصل دراسته حتى يصبح مرغوبا فيه لقيمته العلمية فوعدني، وعاهدني، وتصافحنا، فانجز ما وعد، واجتهد، فنجح، ونال وظيفة سامية، وكلما التقي بوالده يعلمني ان ابنه لن ينسى توجيهاتك، ومعاملتك الرحيمة، والحنينة له. وعندما أسندت الي مسؤولية ادارية سامية بالمؤسسة التشريعية، تعاملت في عديد القضايا بنفس الاسلوب، ومن القضايا الخاصة، تدخلي بالصلح بين خلافات عائلية حصلت لبعض الاعوان الذين يعملون داخل هذه المؤسسة وبين قضايا انسانية لها علاقة بالعمل، الى جانب الضيوف من الزوار الذين يلتمسون العون في قضاياهم من نذلك احد الفنيين الاوائل في مطبعة صحفية وهو من مقاومي الاستعمار، ظلم في حقه عندما بلغ سن الشيبة، وضاع شبابه بما يرضي الله والوطن، طلب مقابلتي، وعند دخوله قال بصوت مختنق «لاول مرة يلبي طلبي مسؤول ويقابلني» فقلت «اهدأ وتفضل بكل سرور» فحكى لي حكايته المؤلمة، انسكبت دموعي، وطلبت مد ضيفي بفنجان قهوة، فارتاح الي وختم كلمته «يرحم الوالدين اللذين أنجباك وربياك» فقلت «وكذلك المعلمين والاساتذة والمشائخ والدكاترة الجامعيين الذين اخرجوني من الظلمات الى النور» قال: «نعم انت اصيل» والحمد لله الذي سخرني وانفرج حاله. وذات يوم هاهي استاذة جامعية بالجزائر ابنة كاتبة وصاحبة قصص لها شأن كبير تلتمس التدخل لتسجيل ابنتها أي حفيدة الكاتبة في كلية الطب المنستير، بسبب ظروف البلاد انذاك، وتم ذلك وكان شعاري «من يتق الله يجعل له من امره يسرا» (الطلاق اية 4) وامام بصيرتي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم» ما من امام اووال يغلق بابه ذون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة الا اغلق الله ابواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته» روي عن ابن عمر وبن مرة وكذلك «من اجرى الله على يديه فرجا لمسلم فرج الله عنه كرب الدنيا والاخرة» روي عن الحسن بن علي.