- شكلت العدالة في جميع تجلياتها إحدى أهم أسس التنمية والاستقرار في مختلف البلدان والمجتمعات .. والعدالة تشمل جميع أوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقضائية والتنموية والثقافية والادارية ..ولعل هذه الأخيرة يغفلها بعض الساسة والوزراء والمسؤولين والمنظرين؛ أو يربطونها بقطاعات أخرى ربما لعدم دراية بأهميتها وارتباطها الوثيق بجميع جوانب الحياة؟ وربما أيضا لعدم إلمام هؤلاء أو تجاهلهم للفساد الإداري المستشري في الادارات والمؤسسات العمومية ..؟ ونحن في تونس لزمن ليس بالقصيرأصبحت الادارات التونسية والمؤسسات العمومية بؤرة فساد إداري ومالي وانتشار للمحسوبية والاقصاء والمحاباة والعنصرية الجهوية وتحقير القانون والتشريعات وغياب الإحساس بالمسؤولية تجاه الادارة والمواطن واستغلال الصفة لتحقيق المكاسب والفائدة ..ولعل ما ظهر بعد ثورة 17 ديسمبرالمباركة من حقائق في استغلال وزراء واطارات عليا وحتى موظفين صغار لوظيفتهم للاثراء ونشر جميع أصناف الفساد الاداري والمالي؛ وهم كانوا واهمين بانهم لن يحاسبوا وأنهم فوق القانون لحصانة اكتسبوها إما بالولاء الحزبي لأحد أباطرة التجمع الدستوري الديمقراطي أو للأحزاب وللمنظمات والجمعيات والأجهزة الدائرة في فلكه وفي دائرة المصالح و"المافيا" الحاكمة بأمرالبلاد أو لولاء وتبعية لأحد المسؤولين أوالعائلات المتنفذة بالبلاد أو لجهل وغرور وكبرياء وانعدام لروح الصدق والمسؤولية والاخلاق الادارية والانسانية وبالتالي الوطنية الصافية الطاهرة من الانانية وحب الذات ..وهوما يدفعه الى تجاهل وتحقير التشريعات والقوانين والمبادئ الانسانية كالمساواة والحياد والمصداقية والعدالة الادارية في الترقيات والمكافءات واسناد الخطط الوظيفية ؛ وفي اداء المهام المنوطة بعهدته من انصاف للمظلومين واستماع لتظلمات المواطنين، ومعاملة للاطارات والأعوان العاملين بالادارة العمومية الذين يمثلون الرأس المال الثابت والدائم لتنفيذ وانجاح العمل والسياسة الادارية للقطاع العاملين فيه كقطاعات الثقافة والتراث أوالتربية والتعليم والتكوين المهني او الفلاحة والصناعة اوالخدمات الاقتصادية والتجارية أو السياحة أوالخدمات الاجتماعية والتضامنية أو المؤسسات البنكية والاستثمارية .... وللحقيقة قد اشتغلت في عديد القطاعات كالجمعيات والتعليم العالي والتدريس و وزارة الثقافة، وخبرت وعلمت كيف يشكل العنصرالبشري من أبسط عون إلى أرفع إطارسام... أحد أهم و أجل العناصر المكونة للمنظومة الادارية والذي يحقق لها النجاح والديمومة والاستقراروربح المنافسة مع البلدان الاخرى؛ والكل يعلم من التونسيين كم من مشروع استثماري ومن خطة عمل ومن برنامج اجتماعي تنموي لم يتحقق له النجاح لأن العنصر البشري المسؤول والكفء والصادق تم تجاهله أو تغييبه بشكل متعمد وإقصائه لاعتبارات مصلحية أو جهوية أو فئوية أو شخصية ... أو ان الادارة التونسية المسؤولة على المشروع أو البرنامج أفشلته بتخلفها وانتشارالفساد فيها من بيروقراطية وطول الاجراءات واقصاء الخبرات والكفاءات داخلها بفعل تسلط وغرور وأنانية المسؤول الاول فيها ....والقائمة تطول حول الفساد الاداري والمالي والتشريعي داخل الادارات التونسية ... وما يهمنا هنا بالذات هو"العدالة الادارية في الوزارات والمؤسسات العمومية التونسية"ودورها الهام في المساهمة في تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية والتنموية بالبلاد ..وسنجمل مجمل الهواجس والآمال التي تراودني حول الموضوع في الأسئلة التالية لعلها تستفزالحكومة والوزراء ومن بينهم وزيرالثقافة والمسؤولون الاول للإدارات التونسية لتطوير وتأهيل أنفسهم ونظرتهم الى العمل الاداري والموظفين والاطارات العاملة معهم .. فهل هناك عدالة إدارية بين الموظفين والاطارات في توزيع الترقيات والخطط الوظيفية ..؟ وهل هناك منظومة تشريعية وقوانين تنصف الإطارات الادارية المظلومة والمقصية والمهمشة داخل الادارت التونسية ..؟ وهل تم وضع خطة عمل وبرامج لمراجعة طرق وآليات التسيير الاداري والمالي والبشري بالادارات التونسية ..؟ ولماذا لا يتم تشريك المواطن في أجهزة الرقابة والمحاسبة للمؤسسات العمومية التونسية ..؟ ولماذا لا يتم تدعيم النسيج الجمعياتي والحقوقي والمؤسساتي في تطوير ومحاسبة ومراقبة المؤسسات الادارية التونسية..؟ ولماذا لا يتم التفكيرفي وضع خطة استشرافية لدراسة واقع العمل الاداري والتسيير للإدارات التونسية وتقديم مشروع تطويري لها ..؟ ولماذا لا تفكررئاسة الحكومة في دعوة جميع الوزراء ومنظوريهم من مديرين عامين وجهويين الى اعتماد مبدإ الشفافية والمساواة والحياد والعدالة الادارية في أداء الخدمات والمهام الادارية وفي إسناد الخطط الوظيفية أوالترقيات والحوافز للإطارات والخبرات العاملة معهم ..؟ وأخيرا اعتقد ان وضع منظومة رقابة ومحاسبة على الادارات التونسية وعلى جميع المسؤولين الأول للادارات بتشريك الجمعيات والمنظمات والمؤسسات البحثية والرقابية الوطنية والدولية فيها سيمكن ذلك شبكة الادارات التونسية من تطويرنفسها وبالتالي المساهمة في مجهودات التنمية الشاملة للبلاد خاصة بالمناطق المحرومة مثل إقليم الثورة. وخلاصة القول أن العدالة الادارية والمساواة والحياد داخل المؤسسات والادارات التونسية خاصة بين الموظفين والاطارات وأساسا فتح المجال للخبرات والكفاءات التونسية في عديد المجالات ورفع جرائم الاقصاء والمحسوبية والجهويات المسلطة عليها سيمكن تونس من استثمار وربح الطاقات البشرية الهائلة النائمة والمقصية داخل سراديب الادارات التونسية . ان انصاف خبراتنا وطاقاتنا وكفاءاتنا البشرية المهدورة والمتآكلة بفعل الفساد الاداري والامراض المنقولة "" اداريا واجتماعيا "" سيمكننا من بناء تونسالجديدة والديمقراطية ,والحرية التي يسود فيها العدل والحرية والمساواة والتسامح والتي يشارك الجميع في نسج وتحقيق اشراقة مستقبلها دون اقصاء أو ظلم؛ وخاصة طاقاتها البشرية الصادقة ذات الكفاءة والخبرة والتجربة والمتحلية بالمسؤولية والوطنية التي همشت وأقصيت بالادارات التونسية .. ولن يتحقق ذلك الا بالعدالة الادارية والمساواة والى وزير الثقافة أتوجه بخطابي هذا لعله يفهم القصد والمغزى ويعيد النظر في الملفات والمراسلات والمطالب المركونة والمنسية بمكتبه او بمكتب رئيس ديوانه او بجميع الادارات العامة والادارات التابعة لوزارته.. وإن في حديثنا لألم وأمل يا سيادة وزيرحكومة ثورة (17ديسمبر -14 جانفي) وزير الثقافة والمحافظة على التراث ..؟؟...... إطار تنشيط مستشار ثقافي