عاد رشيد النايلي التونسي الوحيد الذي احتجز في قاعدة «عين أميناس» الجزائرية إلى أسرته وأهله بمنطقة قصر أولاد دباب من معتمدية تطاوين الجنوبية وكأنه وُلد من جديد. عن عملية الاقتحام والمخاطر الحقيقية والظروف القاسية التي عاشها يومي الاربعاء والخميس الماضيين، تحدث رشيد النايلي إلى مراسل «الصباح» فكان التقرير التالي: رشيد النايلي شاب في عقده الثالث مهندس عرف بنبوغه وتألقه في مختلف المراحل الدراسية، عمل لسنوات في بلده تونس ثم انتقل الى الجزائر ليمثل شركة أجنبية في حقل معالجة الغاز بعين أميناس بخطة مهندس منذ خمس سنوات لم يعرف خلالها ما يعكر أجواء عمله وارتبط خلالها ايضا بعلاقات أخوة وصداقة متينة مع زملائه الجزائريين والأجانب. وقال محدثنا في سرده لأحداث الاقتحام: «في حدود الساعة الخامسة وخمس واربعين دقيقة، استفقنا على أصوات طلق ناري مكثف داخل المجمع السكني الواقع على بعد حوالي 5 كلم عن محطة معالجة الغاز حيث نعمل وفي الحين انطلقت صفارة الخطر للإشارة إلى أن حدثا كبيرا قد حصل وعلينا بالبقاء في البيوت. وأضاف رشيد يقول: بقينا في بيوتنا ما يقارب الساعتين وبعدها جمعنا المهاجمون، وكنا ما بين خمسمائة أو ستمائة شخص، في مكان واحد وبقينا تحت حراستهم طيلة يوم الاربعاء وليلتها وحتى الخميس مساء في ظروف صعبة للغاية خوفا من سوء الخاتمة وتحت دوي الطلق الناري لعدة أنواع من الأسلحة الخفيفة والثقيلة. وبعد ان لاحظنا تواجد الجيش الجزائري حول المجمع، قرر الجميع الفرار فاندفعنا ناحية الجيش تحت طلق ناري مكثف بين الطرفين وعندها فعلا شعرنا بالخوف الشديد خاصة من الرصاصات الطائشة ولو اننا لاحظنا استهداف المهاجمين الاجانب الغربيين والأروبيين قبل غيرهم. وافاد محدثنا بأنه خيّر ان يكون ضمن الجزائريين دون ان يُظهرانه أجنبي وفي ذلك حماية له من قصف المهاجمين ومخاطرهم. وأشار الى ان الجيش الجزائري حال ما علم بأنه تونسي أحاطه باهتمام خاص ومرره على مركز صحي لفحصه قبل ان ينقله الى مدينة «عين أميناس» حيث تأكد من نجاته وأبلغ السلط بهويته كاملة. عندئذ تقبل رشيد اتصالا هاتفيا من سفير تونسبالجزائر وآخر من قنصل تونس بتبسة، وهنا في تونس اتصل به وبأسرته رئيس الحكومة حمادي الجبالي» . وبعد الرعب الذي عاش على وقعه الاسبوع الماضي لم يحدد رشيد موعد رجوعه الى سالف عمله من عدمه بما انه مازال تحت وقع «الغصرة» التي عاش ظروفها القاسية ومخاطرها، ومن المؤكد انها ستبقى حدثا تاريخيا لا ينسى. ولما هممت بطلب أن يمدّني بآخر صورة له لنشرها في هذا الموضوع، اعتذر مني وأفادني بأنه منع من التصوير لأسباب وقائية ومهنية... الحمد لله أولا واخيرا على سلامة رشيد . والد رشيد السيد محمد النايلي تعلو محياه فرحة نجاة ابنه من موت كان محققا وروى لنا اللحظات الطويلة والصعبة التي عاشت خلالها العائلة في متابعتها لأطوار الحجز.