التدخل العسكري الفرنسي في مالي،، مهما كانت مبرراته ودواعيه المعلنة وغير المعلنة هو في الأخير حرب بمواصفات فرنسية سوف تتحمل فرنسا وحدها تبعاتها الأخلاقية خاصة.. إن عاجلا أمام الرأي العام الانساني ولا نقول العالمي أو آجلا أمام محكمة التاريخ.. نقول تبعاتها الأخلاقية لأن «الكلفة» الأخلاقية للحروب في زمن العولمة والطفرة الاتصالية أضحت تعد هي الأعلى والأبهض حتى بحسابات الربح والخسارة عكسريا على اعتبار أن «الجبهة الاعلامية» هي اليوم واحدة من أخطر وأسخن الجبهات في الحروب... ربما لهذا السبب تحديدا بدا موقف بعض الدول الغربية من "المغامرة" العسكرية الفرنسية في مالي فاترا نسبيا وذلك على الرغم لا فقط من حساسية واغراءات شعار مقاومة الارهاب "الاسلامي" الذي بررت به فرنسا حملتها العسكرية وإنما على الرغم أيضا من العدد المرتفع من الرهائن من جنسيات أوروبية وأمريكية الذين سقطوا قتلى في عملية «عين أميناس» الارهابية التي تلت مباشرة التدخل العسكري الفرنسي في مالي.. من يدري،، "قد تتحمس" لاحقا المجموعة الأوروبية لهذه الحرب الفرنسية على مالي.. فتكون هناك في المستقبل مساعدات غربية أكبر ل»الشقيق» الفرنسي بحسب تطورات الوضع عسكريا وأمنيا خاصة وأن دعوة صدرت بالأمس عن الاتحاد الأوروبي يقترح من خلالها عقد «مؤتمر دولي» حول مالي في شهر فيفري القادم.. على أن الذي يعنينا أكثر هنا هو تحسس ماهية بعض المواقف الرسمية العربية والافريقية المعلنة من التدخل العسكري الفرنسي في مالي.. فالجزائر مثلا التي فتحت في سابقة تاريخية مجالها الجوي أمام الطائرات الحربية الفرنسية قالت إنه لن يعبر جندي جزائري واحد الحدود للمشاركة في مقاتلة المجموعات المسلحة في مالي !!! أما تونس فقد راوحت في موقفها بين "نعم.. ولكن" فهي تعتبر كما جاء على لسان الرئيس المرزوقي أن الملف المالي "سياسي وأمني" في نفس الوقت.. وهو ما يستدعي "العودة إلى التناول السياسي".. "شيء" واحد يمكن أن يفهم بوضوح من هذين الموقفين هو أن الحرب فرنسية والحرج تونسي جزائري مزدوج ولله في خلقه شؤون !!!