لا بد من الإعتراف بأن إعلان رئيس الحكومة حمادي الجبالي أمس عن العجز عن التوصّل إلى حل بخصوص التحوير الوزاري وإن كان متوقعا ومنتظرا وغير مفاجئ كان مخيّبا للآمال. كان مخيبا للآمال ليس لأن الرأي العام التونسي يراهن كثيرا على هذا التحوير المؤجّل منذ أشهر والذي طال انتظاره حتى يئست الناس منه وإنّما لأن التونسييّن الذين من أبرز سماتهم الصّبر وترك باب الأمل مفتوحا انتظروا إشارة واحدة إيجابية تصدر عن الترويكا الحاكمة تعرب فيها عن احترامها لتعهّداتها أمام الشعب الذي رفعها إلى سدّة الحكم في انتخابات 23 أكتوبر2011. لكن التّرويكا أبت إلاّ أن تقدم للتونسيين مرة أخرى الدليل المادّي على عجزها وعلى عدم قدرتها على أن تكون في مستوى خطورة المسؤولية التي تحملتها وسعت إليها. وإذا ما عدنا إلى تصريحات رئيس الحكومة أمس بالمناسبة وقوله بالخصوص أنّه سيتوجّه إلى المجلس الوطني التأسيسي في شأن التحوير الوزاري فإنه يعلن بذلك ولو بشكل ضمني عن فشل حزب حركة النهضة صاحب الأغلبية بالمجلس الوطني التأسيسي ومجلس الشورى به الذي تولى مهمة قيادة المشاورات وفتح الحوار مع الأطراف السياسية في البلاد في التوصل إلى حل توافقي حول التحوير الوزاري مما يعني كذلك أنه أي حزب حركة النهضة ورغم موقعه بالمجلس الوطني التأسيسي لم يتوفّق في حشد التأييد لمشروعه السياسي للبلاد. ولعلّنا إذا ما حاولنا ان نعدّد القراءات الممكنة حول إعلان رئيس الحكومة أمس العجز عن الوصول إلى اتفاق حول التحوير الوزاري الموعود بعد مشاورات طويلة لن نحصيها. كنّا نحبذ بطبيعة الحال لو أن الإتفاق حول تركيبة الحكومة الجديدة- إن كان لابد من تحوير وزاري- تم خارج المجلس حتى نوفر على السلطة التشريعية الجهد ونجنبها مزيدا من إضاعة الوقت. هل كانت حكومات ديمقراطية خارج تونس خاصة إذا كانت لها أغلبية بالبرلمانات ستعجز في تحوير وزاري وهل سيمنع رئيس الحكومة أو رئيس الدولة حسب نظام الحكم بهذه البلدان من تنفيذ تحوير وزاري إن عن له ذلك مادام الأمر يدخل ذلك ضمن صلاحياته. أما نحن ورغم أحزابنا الكثيرة والمتحالفة والقوية بفوزها في الإنتخابات والمعتدّة برموزها ومشايخها فإننا نعجز حتى على مجرد تحوير وزاري. أي مثال تقدمه النخب الحاكمة للشعب التونسي وأي نموذج تمرّره إلى العالم وأي أسلوب تونسي يعتمد في إدارة البلاد؟. ثم ما الذي دفع الجماعة إلى طرح فكرة التحوير الوزاري أصلا ليخلقوا بذلك أزمة لأنفسهم وللشعب من ورائهم. كانوا تركونا في حالنا وكانوا جنّبونا وجنّبوا أنفسهم التعب وإرهاق الأعصاب ووفّروا علينا وعلى أنفسهم هذا الوضع الذي لا نعتقد أن هناك في العالم من يحسدنا عليه.