في الوقت الذي انتظر فيه التونسيون انفراجا للوضع السياسي فان خطاب رئيس الحكومة المؤقتة لم يزد المواطن الا مزيدا من الضبابية. فقد حملت اللحظات الاخيرة من المفوضات بين الفرقاء السياسيين تأكيدا على ان الاتفاق بينهم ليس بقريب. وفي الوقت الذي كنا نعتقد فيه ان اختلاف الشركاء واقع حول الحقائب الوزارية فقد تبين أيضاً ان الاختلاف انحسر كذلك حول الحد الأدنى السياسي المشترك بين اعضاء الائتلاف الحاكم. ولدى تقييمهم لخطاب الجبالي أوضحت مختلف الاحزاب ان ما ذهب اليه رئيس الحكومة يدخل في باب المناورة السياسية وربح الوقت في وقت كنا ننتظر منه ان يحسم في ملف التحوير لينطلق من جديد نحو محاور اخرى اكثر اهمية كالتنمية والتشغيل .وعلى اثر كلمته امس رصدت "الصباح" مختلف المواقف لعدد من السياسيين . فقد اعتبر عضو المكتب السياسي لحزب التحالف الديمقراطي محمود البارودي ان الجبالي كشف للعموم اصل الخلاف بين مختلف المكونات المتفاوضة وان الخلاف بينهم هو خلاف عميق . وحمّل البارودي حركة النهضة مسؤوليتها في حصول الازمة السياسية "لتعنتها وهروبها الى الامام دون اي مبرر". وأضاف ان الجبالي "لا يتحمل مسؤولية ما يحصل بما انه يسعى جاهدا لإنجاح المرحلة الراهنة الا انه اصطدم برغبة حركته في إرضاء منتسبيها حتى ولو كان على حساب البلاد". التكتل يرفع سقف مطلبه من جهته عبر الناطق الرسمي باسم التكتل محمد بنور عن تفاجئه بتأخر الاعلان عن التشكيل الوزاري. وقال ان التكتل عقد امس اجتماعا جديدا لمكتبه السياسي الذي بقيت أشغاله مفتوحة الى حين مزيد مناقشة مسألة تحييد وزارتي العدل والخارجية . عكس انتظارات الشارع وفي السياق ذاته يقول عضو المكتب السياسي للحزب الجمهوري رابح الخرايفي ان ما قاله الجبالي "لا يسمن ولا يغني من جوع" وذلك بالنظر الي انتظارات الشارع التونسي الباحث عن الشغل والأمن مع ارتفاع ضراوة الإرهاب السياسي في ظل انتشار المد الوهابي في تونس. واعتبر الخرايفي ان قبول الجبالي بإدراج خطة منسق عام للحكومة "امر غير مقبول ويحيلنا لقول ان رئيس الحكومة سيفقد اعتباريته ويبشر بميلاد جهاز مواز له من شانه ان يخنق وينهي مفهوم الدولة." من جانبه وصف الأمين العام لحزب الوفاق مصطفى صاحب الطابع اللقاء الإعلامي لرئيس الحكومة "بغير المعقول". البناء الجهادي وأضاف صاحب الطابع ان ما قام به الجبالي هو "اشبه بالمناورة السياسية لربح الوقت والهاء التونسيين عن قضياهم الحقيقية والحية والتي شكلت منطلقا لاندلاع ثورة الحرية والكرامة." وختم المتحدث بالقول ان مشروع البناء المشترك بين كل التونسيين هو المشروع الوطني الحقيقي "فلا معنى للديمقراطية والحرية والفقر في كل مكان والبطالة تنخر أحلام الشبان." التحوير اكثر الفصول مللا ولم يختلف موقف رئيس الحزب الوطني الحر سليم الرياحي عن بقية المواقف حيث قال:" لقد عبرنا عن موقفنا منذ مدة تجاه ما اصبح يسمى بمعضلة التحوير الوزاري إذ ليس من المفيد التعامل مع المسألة بمنطق المحاصصة التي قادت الحكومة الي دائرة الضعف والوهن حين وضعت أولوية الولاء على حساب الكفاءة واستراتيجيات تحقيق الاهداف ". وقال الرياحي "من غير المعقول ان يتم الحديث عن التحوير في اكثر فصوله مللا دون ان نسمع كلمة واحدة تقيم هذا الوزير او ذاك ." مهلة جديدة اعتبر عضو مجلس الشورى بحركة النهضة رياض الشعيبي أنه " في ظل عدم التوصل الى اتفاق مع بقية الأطراف المشاركة فقد تكون هذه مهلة جديدة لمزيد التباحث. وقال الشعيبي:" لقد حددنا سياستنا في التحوير الوزاري الذي يقوم على ثلاثة أسس وهي، المحافظة على الترويكا ودعمها وتوسيع الائتلاف الحكومي، وأخيرا القيام بتحوير جزئي". قبل أن يضيف :" نحن في النهضة نتحرك وفقا لهذه السياسات والفريق المفاوض يجتهد في اطار هذا ولا يمكن تخطي هذا الاتفاق الا بالعودة الى المؤسسة الحزبية التى تبقى وحدها المخولة لتقديم أوتأخير الشروط."