بالرغم من بروزهم بمظهر المتماسكين الا أن واقع العلاقة داخل الائتلاف الحزبي المكون ل"الترويكا" يبدو عكس ما يسعى عدد من قيادات الاحزاب الثلاثية الى تاكيده. فمع كل تحول سياسي تظهر الخلافات كمعطى اساسي بين ثلاثي الحكم ولئن وضعها البعض منهم في اطار الظاهرة الصحية سياسيا والتاكيد على انها شكل جديد من التعاطي السياسي التونسي، غير ان بعض الاطراف الاخرى ومن داخل «الترويكا» ترى في ذلك شكلا من اشكال التململ داخل تلك الأحزاب سيما حزبي المؤتمر و"التكتل". وعلى عكس شريكيها فقد بدت علامات التعجب بادية على حركة النهضة من التصريحات التي كثيرا ما يلوح بها سواء نواب الشريكين او وزرائهم من تعابير كثيرا ما تقاطعت مع مفهوم الاستبداد ومحاولة السيطرة من قبل النهضة على الحزبين الآخرين. وبدت اولى الاشكاليات المتعلقة بثلاثي الحكم مع ما اعتبره النائب السابق لكتلة التكتل بالمجلس الوطني التاسيسي خميس قسيلة الذي قال أن"التكتل" انصهر مع اطروحات حركة النهضة ولم يعد قادرا على الخروج من سيطرة الحركة التي حولتنا الى كتلة ثانية لها"على حد قوله. ولم يكن التكتل وحده الذي خسر نوابه نتيجة"التماهي" في المواقف فقد عرف حزب المؤتمر من اجل الجمهورية ايضا نفس الوضع تقريبا مع اعلان النائب عبد العزيز القطي عن انسحابه من الحزب بسبب ما اعتبره تغول حركة النهضة على حساب بقية الشركاء." وان لم تبرز هذه التحولات من خلال مواقف فردية فحسب بل ظهرت بشكل جماعي من خلال تسجيل عدد من الانسحابات والانسلاخات والاستقالات سواء كان من داخل المجلس الوطني التاسيسي او لعدد من المكاتب الجهوية للمؤتمر والتكتل. كما ظهرت جملة من التصريحات لعدد من المسؤولين ضمن الائتلاف الحاكم كان اخرها ما اعتبره وزير الشؤون الاجتماعية خليل زاوية خلال اجتماع له بمدينة صفاقس»تغول النهضة» على حد وصفه. حملة قبل الاوان وفي رده عن سؤال يتعلق"بصحة" أحزاب "الترويكا" الحاكمة وعلاقاتها ببعضها البعض وموقفه من بعض التصريحات قال نائب رئيس المكتب السياسي بحركة النهضة نورالدين العرباوي "ليست المرة الاولى التي نسمع فيها مثل هذه التصريحات التي تصلنا بين الحين والاخر". واعتبر العرباوي ان هذه المواقف تدخل في اطار حملة انتخابية سابقة لاوانها تقوم على اعتماد كل طرف من الترويكا على اصطياد اخطاء الاخر." واضاف المتحدث ان"الترويكا" تعيش على وقع ائتلاف من اجل تسيير الدولة وبالتالي نجد ان الاختلاف القائم علامة حيوية وليس هناك حزب يجر بقية الاحزاب". وخلص العرباوي الى القول "ان صدور مثل هذه التصريحات وفي هذا التوقيت بالذات لا يؤذي الحركة فحسب بقدر ايذائه للتحالف الثلاثي ايضا ونسعى الى ان لا تؤدي هذه التصريحات الى اي تاثير." ...بصحة جيدة من جهته اوضح رئيس الكتلة النيابية لحزب التكتل المولدي الرياحي صعوبة العمل الائتلافي حتى في ارقى الديمقراطيات مضيفا "نحن في التكتل واعون بهذه الصعوبة منذ البداية لان الرؤى السياسية متباعدة وهو ما يحفزنا باستمرار على المحافظة على الائتلاف ومزيد تحسين ادائه." وقال الرياحي "رغم كل الصعوبات التي مر بها الائتلاف فاني اقر ان وضعيته الصحية طيبة ومواجهة الترويكا لهذه الصعوبات تجعله اليوم اكثر واقعية واقدر على التماسك ومواجهة الصعاب بنجاعة افضل". وبخصوص موقف خليل الزاوية من حركة النهضة اوضح الرياحي أنه اتصل بالزاوية وباطارات من التكتل بجهة صفاقس واكدوا ان وزير الشؤون الاجتماعية لم يتحدث عن"تغول الحركة وسعيها للسيطرة على مفاصل الدولة" بل ان الامر تعلق بنقد وجيه لاداء الائتلاف الحاكم ككل وضرورة تجنب عقلية التغول." المؤتمر.. التحوير الوزاري وكان الناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر من أجل الجمهورية اكد في وقت سابق ل"الصباح" ان حزبه سيقرر البقاء أو الخروج من الائتلاف الحاكم في ظرف لا يتعدى الأربعة أشهر وذلك بعد تقييم مدى نجاعة المقترحات التي سيرفعها المجلس الوطني لحزب المؤتمر إلى الترويكا." وللتذكير فان أعضاء المجلس الوطني للمؤتمر قد قدموا في اجتماعهم مؤخرا جملة من الشروط لمواصلة البقاء في الائتلاف الحاكم منها تقديم تصورات لإدخال تحويرات في كل من وزارة العدل والخارجية، وقد صرح الأمين العام للمؤتمر من أجل الجمهورية محمد عبو خلال اجتماع المجلس الوطني ان وزراة الخارجية معنية بالتحوير الوزاري. وحسب بن عباس فقد تمت المطالبة كذلك بسدّ الشّغورات في بعض الوزارات مثل وزارتي المالية والإصلاح الإداري. وقال "ان المؤتمر هو طرف داخل الحكومة ويتضامن معها ولا يستهدف ايّ حزب من أحزاب الترويكا، ويندرج اجتماع المجلس الوطني في إطار الديمقراطية التشاركية داخل حزب المؤتمر فهو هيكل جديد يرجع له بالنظر تقييم عمل المكتب السياسي ويجتمع دوريا كل أربعة أشهر". وحسب بن عباس "ان المجلس الوطني للمؤتمر يؤكد على ضرورة التعجيل بنسق الإصلاح داخل هياكل الدولة وتكريس مبدأ الشفافية في الحكم وبإعطاء نفس جديد للحكومة عبر ادخال تحوير وزاري جزئي علما وان كل هذه المقترحات سترفع الى التنسيقية العليا للترويكا للمصادقة عليها بعد النقاش وقد لاقت هذه المقترحات موافقة كل من التكتل وحركة النهضة خلال مناقشتها في آخر اجتماع لهم."