دعا أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي خلال لقائه مؤخرا وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إلى حذف الديون الفرنسية تجاه تونس وتحويلها إلى استثمارات بهدف دعم الثورة التونسية وإنجاح مرحلة الانتقال الديمقراطي. وتقدر ديون تونس من الدولة الفرنسية ب 456 مليون دينار أي ما يعادل 12.2% من جملة القروض التونسية، وذلك حسب آخر تقرير صادر عن البنك المركزي والمتعلق بالقروض التونسية. وإذا ما تحدثنا عمليا، هل يمكن فعلا تحويل هذا المبلغ إلى استثمارات خاصة في ظل وجود نوع من الفتور على مستوى تعامل فرنسا مع الأنظمة الإسلامية؟ يرى بلقاسم العياري أمين عام مساعد باتحاد الشغل أن تحويل قيمة ديون تونس من فرنسا إلى استثمارات إجراء ممكن، قائلا: "النظام القديم هو الذي تداين هذا المبلغ ونحن لا نعرف أين ذهبت تلك الأموال وفيم وقع استغلالها، وخلال الفترة السابقة كانت بعض الأنظمة تتعامل مع شخص الرئيس وليس مع الشعب، لذلك لم لا يقع تحويل هذه الديون إلى استثمارات خاصة أننا في المراحل الأخيرة من الانتقال الديمقراطي". العقد الاجتماعي يسهّل تحويل الديون إلى استثمارات وأضاف العياري، قائلا: "تحويل هذه القروض إلى استثمارات أمر ممكن جدا خاصة إثر توقيع العقد الاجتماعي، فهذا العقد يبيّن للمستثمر مدى التقارب بين المنظمة الشغيلة ومنظمة الأعراف والحكومة وهو ما يدفع بالمستثمر إلى الارتياح وتشجيعه على الاستثمار بالبلاد". من جهته، يرى الخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي أنّ استجابة الحكومة الفرنسية لطلب الاتحاد العام التونسي للشغل إجراء مهم جدا على الصعيد الاقتصادي، قائلا: "هو أمر مفيد جدا ستكون له تداعيات إيجابية على الصعيد الاقتصادي، وهناك احتمال كبير لتطبيق هذا الإجراء لأنّ فرانسوا هولند زار تونس بعد الثورة وتحديدا قبل انتخابه رئيسا لفرنسا وأعرب عن موافقته تحويل هذه الديون إلى استثمارات". لكن سرعان ما أعرب البدوي عن قلقه، قائلا: "من شأن ارتكاب الحكومة الحالية لأخطاء متتالية أن يحول دون تحويل 12.2% من ديون تونس إلى استثمارات". 7مليار أورو حجم المبادلات الفرنسية التونسية وأشار في هذا الصدد إلى عدم وضوح موقف الحكومة التونسية من التدخل الفرنسي العسكري في مالي، قائلا:" إن رفض تونس تدخل فرنسا العسكري في مالي سيجعل هذا الأمر صعب التحقيق نظرا إلى عدم وجود فصل بين الجانب الاقتصادي والسياسي، فلا يمكننا أن ننسى رفض وزارة الخارجية في البداية للتدخل العسكري في مالي، وهو موقف أغضب الديبلوماسية الفرنسية". ودعا الخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي الحكومة التونسية إلى حسن البحث في مواقفها ووضع مصلحة تونس فوق الجميع. وعما إذا كان وجود حركة النهضة في الحكم سيؤثر في استجابة فرنسا لطلب العباسي وتحويل القروض إلى استثمارات، قال بلقاسم العياري: "بغض النظر عن صعود أي نظام إلى الحكم، فلا يمكننا أن ننكر التعاون بين الحكومتين التونسية والفرنسية، لكن تجدر الإشارة إلى أن تطبيق هذا الإجراء رهين الانتخابات القادمة، فالدول المتقدمة ومن بينها فرنسا تهتم إلى التجارب الديمقراطية التي تحترم حقوق الإنسان، لذلك على الحكومة الحالية أن تحرص على إرساء نظام ديمقراطي وجمهورية مدنية". تونس لن تكون الدولة الأولى التي ستساعدها فرنسا وتعفيها من القروض بل سبق وأعفت فرنسا دولة الكوت ديفوار من تسديد قروض تقدّر قيمتها ب 3 مليار أورو، كما لن تكون فرنسا الدولة الأولى التي ستعفي تونس من تسديد القروض فقد سبق وأعفت ألمانياتونس من سداد القروض، ويرى العديد من متتبعي الشأن الوطني أن الحكومة الفرنسية مطالبة بالتكفير عن أخطائها لما ساندت وزيرة خارجيتها ميشال آليو ماري نظام بن علي أيام الثورة ووقفت ضدّ الشعب. ويذكر في هذا الصدد أن حجم المبادلات التجارية بين تونسوفرنسا يقدر بحوالي 7 مليار أورو مع ميزان تجاري لصالح تونس يقدّر بحوالي 500 مليون أورو.