في إطار زيارتها لكل مناطق الجمهورية للتعرف على مشاغل المواطنين في كل الأنحاء. كان ل"الصباح" زيارة شاملة لولاية سيدي بوزيد بمختلف مناطقها وكانت الانطلاقة من معتمدية المزونة التي توجد في أقصى الجنوب من ولاية الشرارة الأولى لثورة الحرية والكرامة. موقع استراتيجي.. ومركز محوري تقع المزونة في الوسط التونسي وهي المدخل الجنوبي لولاية سيدي بوزيد من جهة صفاقس وقابس وكذلك قفصة. وتعتبر المنطقة مركزا محوريا يمر عليه كل من ينتقل من الجنوب إلى الشمال أو العكس. وهي تعتبر أحد أعرق المناطق التونسية لان تاريخ تأسيسها يعود إلى عشرات السنوات ولها عديد المزايا على العديد من المناطق المجاورة. لكن كل ذلك لم يشفع لها بأن تجد حظها التنموي وتنال التفاتة من السلطات في كل العهود وظلت المنطقة مهمشة جدا وهو ما لاحظته "الصباح" أثناء تواجدها بهذه المنطقة. نقائص بالجملة.. مقارنة ببقية المناطق المجاورة تشكو المزونة عديد العوائق وخاصة في البنية التحتية التي تشكو نقصا فادحا. فلا يوجد بها أي فرع جهوي للشركة التونسية لتوزيع المياه أو الشركة التونسية للكهرباء والغاز كما أن المزونة لا تملك أي فرع بنكي أو مكتب تشغيل إلى جانب بقية الفروع الإدارية الأخرى وهو ما يكلف مواطني الجهة أتعابا طويلة للحصول على وثيقة بسيطة لا يستغرق استخراجها بعض الثواني. كما أن مكتب البريد الموجود بالجهة يشهد حالة اكتظاظ كبيرة جدا على امتداد الأسبوع وخاصة في المناسبات أو في مواعيد استلام العملة لأجورهم لذلك فان سكان الجهة يدعون السلطات إلى إضافة شبابيك أخرى والزيادة في مساحته لتجنيب المواطن المشاكل التي تحصل بشكل يومي أو إضافة مكتب بريد مرادف يساعد على تلبية خدمات المواطن بالجهة. ومن أكبر المشاكل أيضا المتعلقة بالبنية التحتية نذكر الحالة الكارثية للطرقات التي تربط المنطقة بغيرها من المدن على غرار الطريق الجهوية89 التي تمر بغدير الربايع وتربط بين سيدي بوزيد وقابس وصفاقس. هذه الطريق اليوم في وضعية يرثى لها وتشكل خطرا متواصلا على كل روادها خاصة في المناسبات بما أنها تشهد حركية عالية. انعدام فرص التشغيل.. تعاني المزونة من انعدام مواطن التشغيل بصفة كلية إذ أننا لا نجد أي مصنع أو معمل بمختلف العمادات رغم الوعود الطائلة من طرف السلطات. فمعمل البلاستيك بالمزونة أغلق أبوابه منذ سنة2008 بعد أن كان يوفر لقمة عيش العشرات من العائلات ولم يتم فتحه حتى بعد الاحتجاجات والإضرابات المتكررة من طرف أهالي المنطقة الذين سئموا الحياة في ظل البطالة الكبيرة التي تلاحق أبنائهم. فمن المضحكات المبكيات أننا نجد في بعض العائلات ما يفوق ثلاث أشخاص أصحاب الشهائد العليا عاطلين عن العمل ولم تجد لهم الدولة أي حل. ولا يختلف الحال في العمادات على المنطقة البلدية إذ أن منطقة غدير الربايع مازالت تحلم إلى اليوم بتجسيد مشروع "القرية النموذجية "الذي وعدت به منذ سنة 1993 بالتعاون بين الدولة التونسية المتمثلة في وزارات التنمية والتخطيط وكذلك الاستثمار والتعاون الدولي وبعض المنظمات الأجنبية ورغم أن التخطيط مازال إلى الآن لدى الأهالي فان هذا المشروع بات مجرد كلمات لا أكثر وهو ما عمق مشاكل هذه الجهة خاصة وأنه كان بالإمكان توفير مواطن شغل لأبنائها وأبناء المناطق المجاورة كالفوني وأولاد دلالة ... بعد الثورة تم تداول الحديث حول معمل الاسمنت بمنطقة البوع وهو خبر استبشر له أهالي المزونة لكن هذه الأحاديث ظلت إشاعات زائفة لأن الواقع يثبت عدم وجود مشروع للتشغيل بهذه الجهة التي ظل مصير أبنائها مجهولا بعد الثورة. الفلاحة في خطر.. على غرار بقية مناطق سيدي بوزيد فان النشاط الأساسي لأهالي المزونة هو القطاع الفلاحي اذ أنها مورد الرزق الوحيد للشق الأكبر من العائلات لكن الفلاحة اليوم أصبحت في خطر كبير نظرا لغياب الدعم من الدولة في ظل سنوات الجفاف المتواترة وكذلك الانقطاع المتكرر للمياه. وإلى حد اليوم لا توجد أي مؤشرات لإنقاذ الثروة الحيوانية والنباتية بالمزونة التي توجد بها المحمية الوطنية ببوهدمة التي أصبحت اليوم بدورها تعاني من الرعي العشوائي للماشية. رغم أن هذه المحمية هي مكسب وطني وتوجد بها أنواع من الحيوانات والزواحف التي لا توجد بغيرها من المحميات بالبلاد.