الكل ينتظر انفراجا يبدد جملة الصعوبات التي خيمت على البلاد منذ أشهر، لكن الثابت أن هذا الانفراج أصبح مثل'قودو' الذي يأتي ولا يأتي، حيث طال انتظاره وبلغت عودته المنتظرة حد اليأس. كما أن الانفراج المنتظر يختلف لدى المواطنين في تونس، حيث إنه يمثل وجها سياسيا لدى سكان العاصمة الذين غلب على اهتمامهم ما يجري من تطورات سياسية وصراعات بين الأحزاب يتمثل بالخصوص في خارطة طريق بالنسبة للمرحلة القادمة، وغيرها من الاستحقاقات ذات الصلة بهذا الجانب من أبرزها التحوير الوزاري الذي طال انتظاره واختلفت الآراء والمقاصد بخصوصه. ومقابل هذا يبقى الشأن السياسي ثانويا ولا يعني أي شيء لدى سكان الجهات الداخلية، حيث تتركز اهتماماتهم حول التنمية والتشغيل وغيرهما من الابعاد المتصلة بغلاء الاسعار والبنية الاساسية المتدهورة والتي تعاني منها جهاتهم. وهذه الصورة العامة التي ارتسمت لدى الجميع خلقت نوعا من الخوف لدى جميع السكان بعد تعطل أوجه الحياة وتراجع الأمن وكثرة التجاوزات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وخلق توترات حول مواضيع لا تمت بصلة للاستحقاقات الحقيقية التي ينتظرها. ولعل البارز أن القيادات السياسية عامة والحكومة على وجه الخصوص باتت في وضع لا يسمح لها بلملمة الأمور، حيث شغلها اللهث وراء استحقاقات تؤمن من خلالها مستقبلها القريب والبعيد سواء في البقاء على كرسي الحكم أو من خلال تأمين الانتخابات القادمة لصالحها. وهذا الاهتمام شغلها بشكل تام عن الصعوبات التي مازالت تعاني منها الجهات الداخلية كما جعلها في غنى عن اهتمامات سكان المدن الكبرى ومشاغلهم الحياتية اليومية وخاصة غلاء اسعار المواد الاستهلاكية اليومية. وفي العموم فإن الخوف الذي أحاط بالجميع مثل كابوسا وأنه يتزايد يوما بعد يوم ولا دليل على إمكانية تجاوزه أو فك أسبابه التي اختلطت بين ما هو اجتماعي واقتصادي وسياسي، ولكل هذا فإن كل القوى السياسية بما في ذلك الحكومة مدعوة إلى تحمل مسؤولياتها قبل ان ينفرط عقد المجتمع ويتداعى الامل الذي تحقق بعد الثورة.