من اغتيل تونسي.. لا يساري ولا يميني ولا ليبرالي ولا قومي - ◄ حبيب خضر: كونية حقوق الانسان في الدستورتبقى معضلة خلافية - أكد سمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية ل "الصباح" -على هامش ندوة وطنية انتظمت أمس بمقر الوزارة حول "دسترة حقوق الإنسان من خلال مسودة الدستور" - أن "باب الفوضى الذي فتح باغتيال المناضل الحقوقي شكري بلعيد واستباح دم التونسي بهذا الشكل يجب أن يغلق حالا وفورا. وأضاف قائلا:" غير أن التحديات كبيرة وكثيرة والسبيل الوحيد لتجاوزها هو التوافق والسعي إلى تغليب صوت الحكمة والوصول إلى حلول سريعة أمام الإشكاليات السياسية الحالية".. وأكد ديلو في كلمته الإفتتاحية" قد تمتدّ الأيادي الآثمة لتغتال استقرارنا ولكن لا يمكن لأي قوة أن تمتد لإغتيال آمالنا". على الرغم من أهمية موضوع الندوة أي دسترة حقوق الاتسان في الأسابيع والأشهر الماضية -على حد قول ديلو- وعلى الرغم من عمق تأثيره في الأشهر والسنوات القادمة فهو "لا يعد محور حديث حاليا فقد استجد في تونس ما صرف الأنظار عن هذه القضية ومثيلاتها على أهميتها". فتونس "تعيش اليوم ظروفا صعبة وتمر بامتحان لم تعشه في تاريخها حيث أهدر الدم التونسي وتجاوز الاحتقان والتجاذب كل الخطوط الحمراء" وبالرغم من ذلك اعتبر ديلو بأنها أيضا "لحظة لتنتصر الحياة على الموت ولكي ينتصر البناء على التهديم وكي لا تشغلنا مصاعب الحاضر عن آمال المستقبل" فالأمل في نجاح الثورة التونسية تحت سموات أخرى أمل ضعيف جدا ". وأشار أن "كل مقومات نجاح الإنتقال الديمقراطي متوفرة لدينا إن أحسنّا إدارة اختلافاتنا وعملنا وفق ذهنية الشركاء في الوطن وإن تعددت بنا سبل الإجتهاد الفكري والسياسي والإيديولوجي". وقال:"الذي أغتيل بالأمس لم يكن يساريا ولا يمينيا ولا ليبراليا ولا قوميا فقد كان تونسيا والدماء التي سالت هي دماء تونسي" وبالتالي فإن البلد الذي ضحى من أجله آباؤنا وأجدادنا في مرحلة التحرير الأولى ضد الإستعمار وفي المرحلة الثانية ضد الديكتاتورية والإستبداد يجب أن "لا يهون علينا ويجب أن تتوحد كل الجهود حتى نحفظه من الفوضى باعتبارها أخطر من الإستبداد"، فالفوضى أو الفتنة "تفتح بابا نعلم متى يُفتح ولكن لا أحد يعلم متى يُغلق". لا لإستقواء الأغلبية وأكد ديلو أن باب الفوضى الذي "فُتح باغتيال شكري بلعيد وإزهاق روحه يجب أن يُغلق إلى الأبد ويجب أن نتوجه نحو بناء المستقبل، وأول خطوات البناء والتأسيس – قبل أن تكون في المؤسسات والإطار القانوني وفي الواقع والذهنيات – هي خطوات التأسيس الدستوري" بصياغة "دستور جديد يحفظ الحقوق والحريات ويؤسس لنظام سياسي يضمن ديمقراطية مستقرة ومزدهرة يتم فيها التداول على السلطة بشكل سلمي وهو ما يمثل أكبر التحديات المطروحة على التونسيين". ولاحظ أن "الدستور الذي نكتبه هو لأبنائنا وأحفادنا فمهما كانت التوازنات السياسية داخل المجلس الوطني التأسيسي فإنه لا يحق للأغلبية أن تستقوى بعددها لأن الدستور إذا كُتب على قياس أغلبية فإن الأغلبيات تتبدل على حسب نتائج الإنتخابات، وإن صغنا دستورنا على قياس نتائج الإنتخابات الحالية فإنه سيكون علينا حينها أن نُعدله حسب نتائج الإنتخابات المقبلة، غير أن الدساتير كما هو معلوم تُكتب لتدوم". في جانب آخر من الندوة الوطنية قال حبيب خضر المقرر العام للدستور أن من الشعارات المرفوعة في الثورة التونسية شعار الحرية والكرامة "فالحرية حق والكرامة نتاج للتمتع بالحقوق وممارستها" وهو ما يعني أن "الثورة قد اعتبرت مسألة الحقوق والحريات مسألة مركزية وبالتالي فإن الإهتمام بها اهتمام مشترك بين كل مكونات المجلس الوطني التأسيسي" و حتى تكون هناك فاعلية وفعلية لهذه الحقوق والحريات أكد خضر أن ذلك ّيقتضي أن يكون هناك تنصيص وضبط وتدقيق إلى جانب توفير الضمانات حتى لا تبقى الحقوق والحريات المدرجة في النص مجرد كتابات " مضيفا أن مسودة الدستور في صيغتها الثانية هي محور نقاش حاليا بالمجلس الوطني خاصة فيما يهم المحاور الدستورية من أجل مزيد التحسين والمتانة والجودة بما يليق بطموحات الشعب وأهداف الثورة. كونية الحقوق ارتكزت أغلب النقاشات في الجلسة الإفتتاحية الصباحية حول التنصيص على مسألة كونية حقوق الإنسان من عدمها في الدستور التونسي الجديد إلى جانب انتقادات وجهت حول الشكل والمضمون لتكرار عدد من المبادئ بين فصول وأخرى وفتح باب التأويلات. نقاط خلافية حول مدى توجه أعضاء المجلس الوطني التأسيسي نحو التنصيص على كونية حقوق الإنسان في النص الدستوري، أكد الحبيب خضر المقرر العام للدستور ل "الصباح" أن هذه المسألة هي من النقاط الخلافية في المجلس وقد طرحت صلب اللجنة ولم تقبل من غالبيتها وكذلك في الجلسات العامة وفي الحوار الوطني وهناك من طرح نقيض هذا الرأي وستطرح المسألة مجددا في الجلسات العامة المقبلة ". إلى جانب التنصيص على كونية حقوق الإنسان من عدمها تمحور النقاش أيضا حول دسترة حقوق الفئات ذات الحاجيات الخصوصية بحضور جمعيات ممثلة عنهم على غرار الاتحاد الوطني للمكفوفين بالجمهورية التونسية الذي تقدم إلى المجلس الوطني التأسيسي بمقترح لفصل جاء فيه "تحمي الدولة الأشخاص ذوي الإعاقة من أي شكل من أشكال التمييز السلبي، ولكل شخص ذي إعاقة الحق في الإنتفاع حسب طبيعة إعاقته بكل التدابير التي تضمن له على أساس المساواة، الإندماج الكامل في المجتمع وتحقيق إستقلاليته"، وقد جاءت هذه الصياغة تعويضا للفصل 39 المقترح في مسودة الدستور . ◗ إيمان عبد اللطيف