عبر عدد من المخرجين العاملين بالتلفزة التونسية عن رفضهم لقرار الإدارة العامة للتلفزة التونسية اختيار مخرج متقاعد من المؤسسة منذ سنوات لتسند له مهمة إخراج العمل الدرامي لرمضان القادم الذي تنتجه المؤسسة العمومية. وذلك بإسناد هذه المهمة إلى المخرج الحبيب المسلماني فضلا عن تسليم عملية الإنتاج إلى نجيب بن عياد في حين أن عددا كبيرا من المنتجين عبروا عن رغبتهم في ذلك. لأنهم يرون أنه أحرى بهذه الإدارة أن تمنح الأولوية إلى المخرجين المباشرين للعمل بالتلفزة خاصة أن عددا كبيرا من هؤلاء لهم من الكفاءة والتجربة ما يؤهلهم للقيام بهذه المهام سواء تعلق الأمر بالمسلسلات أو غيرها من الأعمال الكبيرة والبرامج والمنوعات الأخرى التي تنتج خصيصا لبرمجة شهر رمضان أو غيرها من المناسبات والمواعيد الكبيرة. وهدد هؤلاء المخرجين حسب شهادة بعضهم أنهم سيدخلون في إضراب مفتوح انطلاقا من يوم غد الاثنين إذا لم تستجب إدارة التلفزة لمطالبهم خاصة أنهم طلبوا من المديرة العامة للتلفزة التونسية لقاء منذ يوم الجمعة الماضي للاستفسار حول ما اعتبروه مشكلة إلا أنها رفضت مقابلة وفد المخرجين الذي طلبوا ذلك. وأكد في هذا السياق المخرج نجيب بالهادي قائلا:" أستنكر الممارسات التي خلنا أنه تم القطع معها بسقوط منظومة العمل في التلفزة التونسية مع انهيار نظام بن علي بعد أن تجند عدد كبير من الكفاءات العاملة بالمؤسسة لتكريس سياسة جديدة تتطلبها المرحلة ودواعي تطوير المادة التي تقدمها الشاشة الصغيرة في بلادنا في مستوى الشكل والصورة والمضمون ليكون أبناء المؤسسة طرفا فاعلا فيها لأنه من العيب أن تبقى مثل هذه الأعمال حكرا على أسماء دون غيرها. في المقابل تبقى بعض الأسماء التي لها من التجربة والخبرة والقدرة والاستعداد لتحمل مثل هذه المسؤوليات والتعلم منها". وأضاف في جانب أخر قوله:" كما نظن ونسعى بأن يوضع حد للفساد وغلق الأبواب أمام "المتمعّشين" من هذه المؤسسة العمومية ومنح الفرص لمن يرغب في خدمة المشهد السمعي البصري إلا أنه يبدو أن الإدارة العامة للتلفزة ترى عكس ذلك والدليل اختيارها للحبيب المسلماني وغيره ممن لا تتوفر فيهم أدنى الشروط لإخراج برامج وأعمال كبرى مقابل تغييب مخرجين على غرار تكليف مخرج مساعد ثاني بإخراج عمل كبير في حين مخرجين كبار من قبيل الحبيب الجمني وفرج سلامة وشهاب الغربي وحسن بن عبدالله يبقون خارج دائرة عمل الإدارة التي يبدو أنها مع الرداءة وضد الكفاءة والشهائد العلمية". وأفاد نجيب بالهادي أن المخرجين بالعاملين بالمؤسسة سيعقدون اجتماعا بمقر عملهم غدا الاثنين للتباحث حول قرار موحد للخروج من هذه الأزمة المفتعلة حسب وصفه. وحمّل إدارة التلفزة مسؤوليتها الكاملة في ذلك بعد أن تبيّن له توجهها إلى تكريس نفس السياسة التي كانت سائدة قبل الثورة بما فيها من محسوبية وتملّق وضرب مسألة الكفاءة والجدية في العمل بعرض الحائط. وبيّن في ذات الإطار أن فرضية الدخول في إضراب مفتوح وإيقاف العمل والانتاج ممكنة طالما وأن الإدارة لا تريد الاستماع لمطالبهم وهي تبقى خيارا واردا في ظل تغاضي إدارة المؤسسة على أبنائها من ناحية وعلى الشروط العلمية والمهنية من ناحية أخرى ودائما حسب نفس المتحدث. ولدى اتصالنا به حول الموضوع أفادنا المكلف بالإعلام والاتصال في التلفزة التونسية الياس جراية أن الإدارة العامة للتلفزة الوطنية لم تحسم بعد في اختيار اسم المخرج الذي سيتولى اخراج العمل الدرامي الذي ستنتجه هذه المؤسسة لرمضان القادم. وأكد أنه تم تكوين لجنة ضمت ممثلين عن مختلف الهياكل ذات العلاقة بالمسألة على غرار مديري القنوات التلفزية والمصالح المشتركة ليتم اتخاذ القرار النهائي يوم غد الاثنين بعد الاطلاع على تقرير لجنة القراءة. وبيّن أن الاختيار على المنتج والمخرج يتم بمراعاة تكلفة العمل وامكانيات المؤسسة ومدى القدرة على جاهزيته للموعد المحدد طالما أن المدة التي تفصلنا عن شهر رمضان المعظم لا تتعدى 21 أسبوعا وهذه المدة غير كافية لمواصلة التشاور. أما فيما يتعلق بمراجعة مسألة منح المهمة لمخرج من أبناء الدار المباشرين أو المضيّ في خيار مخرج متقاعد أكد الياس جرّاية أن مجال الإبداع مفتوح للجميع دون استثناءات بما في ذلك المتقاعدين الذي يعتبرهم من أبناء الدار أيضا. من جهة أخرى سبق للتلفزة التونسية أن منحت ثقتها لعدد من المخرجين من أبنائها خلال السنتين الأخيرتين ولكن أعمالهم كانت متواضعة ولم ترتق إلى مستوى شد الجمهور واعتبر الإحصائيات المحددة لنسب المشاهدة دليل واضح على ذلك. لذلك فهو يرى أن منح مهمة اخراج المسلسلات والسيتكوم وغيرها من الأعمال التي ستنتج خصيصا للبرمجة الرمضانية قد تعيد مخرجين متقاعدين إلى دائرة العمل لأن التلفزة في حاجة إلى خبراتهم.