من بين الامثلة الشعبية الاكثر رواجا في أوساط عديدة: «..فلانة (أو فلان) مثل لحمة الكرومة ..متاكله مذمومة..» ولحم «الكرومة» (أي العنق أو «العنكوش») لذيذ جدا ..رغم الذم الذي يوجه إلى العنق ..بسبب كثرة عظامه ..وإن تعلق الامر ب«عنكوش» دجاجة.. (ولا تسل عن بقية الأنواع؟؟)
تذكرت هذا المثال الشعبي بمناسبة تزايد عدد الفضائيات العربية التي تمولها وتدعمها حكومات غير عربية في أوروبا وامريكا واسيا .. من روسيا والصين الى الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة .. فجأة أصبح العرب المذمومون («الارهابيون والمتطرفون واللاساميون ..») «لحمة» مرغوب فيها.. وتتتسابق جميع حكومات الدول العظمى («مشكورة») لكسب ودهم ..والتاثير فيهم ..ومخاطبتهم بلغتهم ..مع دعم بعض القنوات التي تراعي الخصوصيات فتبث باللهجات المحلية مثل العراقية أو «الشامية» (السورية اللبنانية الفلسطينية)؟؟.. «تاكلش يادجاج».. وللتعبير عن حسن نوايا عواصم الدول العظمى من موسكو واليابان الى واشنطن مرورا بلندن وباريس ومدريد وروما فقد قامت تلك العواصم بمبادرات جديدة ..فرصدت اموالا طائلة لبث قنوات بالتركية والفارسية والكردية والاوردو والسواحلي.. الى جانب قنواتها العربية .. طبعا يضاف إلى هذا «الانفتاح الاعلامي» على مئات ملايين العرب والمسلمين في افريقيا واسيا ..الأموال «الخاصة» التي أصبحت ترصد لوسائل الاعلام الناطقة ببقية اللغات الاوروبية والامريكية لمخاطبة أكثرمن مليار عربي ومسلم ..ينظر إليهم حينا على أساس كم هائل «من المستهلكين» الذين ينبغي اغراؤهم بالمنتوجات العالمية الجديدة ..وحينا آخر على أساس أنهم «العدو الجديد للعالم المتحضر» بعد انهيار «المعسكر الاشتراكي» ..و«العدو السوفياتي».. وفي كلتا الحالتين يتضح أن «الايديولوجيا» لا تزال تحكم تحركات مجموعة من صناع القرار في العالم ..خلال تعاملهم مع ال56 دولة الأعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي وشعوبها ..ايديولوجيا تخلط بين الديني والسياسي ..بين أخطاء التاريخ وتعقيدات الجغرافيا .. فمتى تتغير أوليات كبار ساسة العالم؟؟ ومتى يتعاملون مع شعوبنا بعيدا عن عقليات الاستعلاء والوصاية ..وميولات الهيمنة..؟.