بدو أن سباق الانتخابات الرئاسية بدا يتفعل حتى قبل مناقشة والتصويت على القوانين المنظمة له في إطار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وقد بدا رحى الحملات الانتخابية السابقة لاوانها يدور منذ فترة سواء مارستها أحزاب المعارضة أو احزاب الائتلاف الحاكم. يعتبر عدد من المتابعين ان استقالة حمادي الجبالي من رئاسة الحكومة انما هو شكل من اشكال الدعاية الحزبية والسياسية خاصة مع ارتفاع الاصوات التي اكدت ان الجبالي سيكون مرشح حركة النهضة للانتخابات القادمة. وقد تجسدت تلك المقولات في الزيارة الاخيرة التي ادّاها "الجبالي المستقيل" الى سوق الجملة نهاية الاسبوع الماضي ولم يطلع "المستقيل " واقع الاسعار فقط بل اطلع التونسيين عن مستقبله السياسي الذي لن يكون بعيدا عن قصر حيث خرجت اطراف محسوبة على لجان حماية الثورة – وفقا لما اكده العاملون بالسوق يومها – ليناشدوا الجبالي بالرئاسة رافعين في ذلك شعار "الرئاسة يا الجبالي... الرئاسة يا الجبالي ". وتاتي هذه الحركة غير العفوية لتؤكد خطط الحزب الحاكم للمراحل السياسية القادمة اذ ان استقالة الجبالي ما هي الا منطلق لاعادة تعبئة رصيد حركة النهضة جماهريا بعد ان فقدته اثر اغتيال شكري بالعيد واتهام الحركة ورئيسها راشد الغنوشي بذلك. ومع ارتفاع التهم التي طالت في الآونة الاخيرة عضو المجلس الوطني التاسيسي وليد البناني كان لابد من متنفس من شانه ان يعيد التوازن للحركة من جديد فكانت استقالة الجبالي هي المخرج السياسي للنهضة. مقابل الاستقالة يكون الجبالي مرشح حركته لمنصب الرئاسة برصيد شعبي اوفر من اي مرشح اخر بما ان الصورة التي سيقدم من خلالها الرجل هي صورة "القديس" الذي ضحى بنفسه من اجل انقاذ البلاد. وتاتي هذه الحركة كخطة استباقية فالنهضة تدرك ان جميع الاحزاب تسعى الى جعل النظام السياسي في تونس نظاما مزدوجا وبالتالي فان ذلك من شانه ان يرفع في صلاحيات رئيس الجمهورية القادم على عكس النظم البرلمانية التي تحدّ من صلاحيات رئيس الدولة لفائدة الحزب الاكثر تمثيلية في البرلمان وبالتالي فان نجاح الجبالي في المرور الى قصر قرطاج من شانه ان يضمن لحركة النهضة المحافظة على ذات التوازنات السياسية على غرار التعيينات الوزارية والادارية والسياسية السامية. في المقابل فان رغبة النهضة في المحافظة على النظام البرلماني تجد ما يبررها اذ ان الحركة تدرك انها ستكون الاكثر تمثيلية في الانتخابات التشريعية القادمة بما يؤهلها من تشكيل الحكومة القادمة وبالتالي فانها تصبح قادرة من جديد على صنع الموازنات السياسية مرة اخرى وإعداد شركاء جدد في الحكم تستطيع من خلالهم البقاء في سدّة الحكم كما هو الشان لحزبي المؤتمر والتكتل. المرزوقي على الخط وإذ يبدو ان الجبالي ليس وحده المنطلق على خط السباق اذا ما اخذنا بعين الاعتبار رغبة رئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي في البقاء بقصر قرطاج . فقد انطلقت الحملة الانتخابية للمرزوقي منذ توليه منصب رئاسة الجمهورية عبر زياراته الى عدد من الجهات المحرومة دون سواها من المناطق التونسية الاخرى. كما حاول المرزوقي البروز بموقف الرجل الجامع لكل الفرقاء وقد ظهر ذلك في احداث العنف التي تعرّض لها النقابيون في بطحاء محمد علي بالعاصمة او من خلال لعب دور "رجل الوفاق الوطني" في الازمة الاخيرة رغم إدراكه المسبق عدم قدرته على الفعل المباشر في النقاشات الاخيرة مع تشبث حركة النهضة بموقفها النهائي القاضي بحكومة سياسية بدل حكومة كفاءات وطنية. ...ولبن جعفر نصيب من جهة اخرى لم يستبعد عدد من المقرّبين من رئيس المجلس الوطني التأسيسي والأمين العام لحزب التكتل مصطفى بن جعفر امكانية ترشحه الى الانتخابات الرئاسية القادمة. وقد اظهر بن جعفر من الهدوء واللياقة في التعامل مع جملة المسائل العالقة سواء داخل"التأسيسي" او خارجه ما يعطي انطباعا على هدوئه كرجل دولة. غير ان خصومه لا يرون في هدوئه الا دليلا على ضعفه وان بن جعفر قد استثمر كبرياءه وطموحه السياسي في مطرقة المجلس التي ذوبت شخصيته لتمنحه شخصية اخرى لم يعرفها عنه اصدقاؤه ورفاق دربه.. ومن ابرز ما تم تداوله ان بن جعفر كان يمكن ان يكون مرشح حركة النهضة الا ان هذا الامر لم يعد ممكنا مع وجود حمادي الجبالي على نفس الخط. ◗ خليل الحناشي قضية أحداث 12جانفي 2011 بصفاقس.. محمد الغنوشي يدلي بشهادته.. ◄ بلحاج قاسم: «بن علي هددني وطلب مني مغالطة الرأي العام» أجّلت مساء أمس المحكمة العسكرية الإبتدائية الدائمة بصفاقس النظر في قضية أحداث صفاقس ليوم 12جانفي2011 التي سقط خلالها الشهيد عمر الحداد إلى جلسة يوم 18مارس2013 لاستدعاء المكلّف العام بنزاعات الدولة وللتحرير على الشاهد علاء الدين حاج لطيف. وأفاد الوزير الأول الأسبق محمد الغنوشي خلال جلسة سماع شهادته أمس أنّه ومنذ تنقيح الفصل 60 من الدستور بتاريخ 25جويلية1988 كانت مهمّته الأساسية التنسيق فقط على مستوى الوزارات الفنية ذات الطابع الإجتماعي والإقتصادي ووزارات السيادة كانت تتبع رئيس الجمهورية الذي كان يهتم بالأمور الأمنية مع وزير الداخلية مضيفا بأنّه لم تقع استشارته قط في الأمور الأمنية والقضائية بحكم أنّ الوزير الأول ليس عضوا بالمجلس الأعلى للقضاء أو الجيش أو قوات الأمن الداخلي. وأكد الغنوشي بن علي كان خلال فترة اندلاع الأحداث منذ 17ديسمبر2010 يجيبه بأنّ التدخّل في إطار الاحداث الحاصلة قبل 14جانفي2011 هي في إطار الدفاع الشرعي نتيجة لأعمال الشغب والحرق التي تقع من قبل المتظاهرين وأنّ أعوان الأمن هم في إطار دفاع شرعي. وأضاف أنّه يوم 9جانفي2011 اتصل به الأمين العام للإتحاد التونسي للشغل آنذاك عبد السلام جراد على إثر الأحداث الحاصلة ليبلّغ الرئيس ما يشعر به من إحباط طالبا منه تدخّل رئيس الدولة لوضع حدّ لما تشهده البلاد من عنف، وباتصال الغنوشي ببن علي أقرّ له بأنّ الوضع صعب وأنّه هناك عمليات اعتداء على بعض مراكز الأمن بالزجاجات الحارقة وقد أعطى تعليمات للجيش لينتشر بهدف استتباب السلم وأفاد الغنوشي بأنّه نقل فحوى تلك المكالمة إلى الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل. وبخصوص يوم 12جانفي2011 وعلى إثر مكالمة تلقّاها محمد الغنوشي من قِبل أحمد فريعة الذي نُصّب يومها أفاده هذا الأخير بأنّ الوضع صعب في شارع الحبيب بورقيبة وانّ راضية النصراوي متواجدة أمام مقر وزارة الداخلية صحبة عدد من الصحفيين الأجانب وطلب فريعة من الغنوشي الإتصال برئيس الجمهورية لإعلامه بالوضع. وقال الغنوشي إنه وفي اتصال ببن علي في حدود الساعة 10 والنصف صباحا أجابه بأنّه قد أعطى تعليمات لوزير الداخلية لإطلاق سراح حمّة الهمامي وانّ بن علي أردف قائلا "ما عندهم وين يوصلو ولو تطلّب الأمر القضاء على ألف أو أكثر ليستتبّ الأمن". الغنوشي وفي شهادته أكّد على انّ قول الرئيس الأسبق بن علي كان مجرّد حديث وليست بتعليمات وأضاف محمد الغنوشي"كنت أنتظر أن يؤكّد لي بن علي على مزيد الإنجازات الإقتصادية وكذلك الإجراءات التي أقرّها وحرصت على تذكيره بها وقلت له بأنّ الحل أن يتم تفعيل لجان تقصّي الحقائق ومقاومة الفساد وتفعيل التنمية في المناطق الداخلية" كما أضاف الوزير الأول الأسبق أنّه لم تكن لديه معطيات ولم يتم إعلامه بتعيين أحمد فريعة كوزير للداخلية موضحا أن بن علي لم يكن يستشيره في التغييرات بحكم طابع النظام الرئاسي الرئاسوي ببلادنا على حد تعبيره. «قريرة أعلمني أنه سيوقف السرياطي» محمد الغنوشي وفي سماعه كشاهد في جلسة الأمس بخصوص إقالة رفيق الحاج قاسم الذي كان على رأس وزارة الداخلية أفاد "لا وجود لنص قانوني يبيّن انّ وزير الداخلية يواصل عمله إلى حين تسلّم مهام الوزير الجديد ويحصل ذلك في حالة الإستقالة لكن في حالة العزل لا اعلم بالتحديد وعادة عندما يستقيل الوزير يواصل إلى أن يتم تعيين آخر جديد وفي حالة الإقالات إذا ما وقع إقالته لم تعد له صلوحية للمواصلة وأنّ رئيس الجمهورية في النظام الرئاسي هو المسؤول عن الإدارة ويتصرّف في دواليبها وكذلك الأمن العام". وأضاف"وقع إرسال سيارة لي بهدف جلبي إلى قصر قرطاج وبن علي وقتها لم يغادر بعد البلاد وعند وصولي إلى قصر قرطاج علمت أنّ الرئيس غادر البلاد وبعد ركوبي السيارة اتصلت بوزير الدفاع رضا قريرة للتثبّت من مغادرة الرئيس وأكّد لي قريرة ذلك وأعلمني أنّه سيوقف علي السرياطي وأنّ لديه معطيات بخصوص ذلك وأنّني عندما علمت بصفة فجئية بمغادرة الرئيس والبلاد في حالة طوارئ قصوى والمسؤول في الأمن الرئاسي يتحدّث عن حمّام دم منتظر ولتفادي ذلك تحمّلت المسؤولية واتصلت بديواني الوزاري طالبا استشارة ورأينا في تفعيل الفصل56 لسدّ الفراغ الوقتي على أن يتم تفعيل الفصل 57 في أقرب وقت وتمّ إعلام سيك سالم بذلك وأنّه باعتبار الإنعكاسات المحتملة بخصوص الفراغ وجب عقد اجتماع المجلس الدستوري بحكم أنّ رئيس الجمهورية لم يعد قادرا على مواصلة مهامه وتفعيل الفصل56 من الدستور رغم أنّني لا أملك توكيلا وتمّ أخذ الإجراءات متاخّرا في حدود الساعة 9 ليلا لدعوة المجلس الدستوري للإجتماع صبيحة الغد ليأخذ مسؤولياته في نقل السلطة إلى الرئيس الجديد وقمت يوم السبت صباحا باجتماع مع رئيس المجلس الدستوري وقمت بتوقيع رسالة الإعلان على أنّ الرئيس السابق لا يمكنه مواصلة مهامه في وقت كان بالإمكان أن يعود فيه بن علي ورغم ذلك تحمّلت مسؤولياتي وخاطرت بحياتي وأخذنا الإجراءات يوم السبت لتحويل السلطة إلى رئيس مجلس النواب". حقيقة الندوة الصحفية!!! رفيق القاسمي (شهر بلحاج قاسم) أفاد بأنّ عزله وكأنّه جاء في إطار تغيير وطي الصفحة وأنّه يوم 8جانفي2011 في اجتماع الديوان السياسي للتجمّع وجّه له بن علي اللوم بخصوص ذلك وأضاف "بن علي توجّه إلي باللوم في ذلك اليوم على أساس انّه هناك قيادات محلية وجهوية من النقابات وأخرى دينية وراء الأحداث وقال ذلك بحضور الرئيس الأسبق الذي كان رئيس مجلس النواب وأعضاء الديوان السياسي ولو كنت أعطيت أوامرا بخصوص القبض على قيادات من الإتحاد العام التونسي للشغل او محامين أو غيرهم لقامت الدنيا ومحمد الغنوشي كان حاضرا في اجتماع الديوان السياسي للتجمّع وقتها، كما تمّ تهديدي يوم 10جانفي2011 عندما استدعاني بن علي مع سمير العبيدي وعبد العزيز بن ضياء على أساس أنّني كنت مكلّفا للقيام بندوة صحفية للإدلاء بأنّ من كان يسيّر المسيرات ويوجّهها ويعلّم التلامذة صنع المولوتوف هي جهات تنتمي للنقابة واليسار وحركة دينية وأجبته بالرفض بحكم أنّني لا أملك في التقارير الأمنية ما يفيد بذلك وهو ما دفع بن علي للومي من جديد بقوله أنّ وزارة الداخلية غير قائمة بواجبها وقال لي بأنّ سمير العبيدي هو من سيقوم بهذه الندوة الصحفية". الحاج قاسم أضاف بأنّه لا يوجد في الفترة ما بين 17ديسمبر2010 و8جانفي2011 في مرجع نظر الأمن الوطني ما يفيد بسقوط قتلى، وأكّد على كلمة مرجع نظر الأمن الوطني لا جهة أخرى مبيّنا بأنّه هناك يوميا نشريات أمنية تذهب إلى الرئاسة بما فيها مسألة الحركة المرورية والحدودية. وردّا عن سؤال توجّهت به النيابة العسكرية لمحمد الغنوشي يتعلّق بالرئيس السابق ولمن كان يعطي التعليمات الامنية سواء كان ذلك بصفة مباشرة أم غير مباشرة، أجاب الغنوشي بأنّ بن علي لا يعطي تعليماته إليه وأنّ وزارات السيادة كانت خارجة عن أنظاره والتعليمات بخصوص الامور الأمنية تعطى إلى الوزراء المعنيين. ◗ صابرعمري مساء أمس القبض على مشتبه به رئيسي في قضية اغتيال شكري بلعيد علمت"الصباح" أن أعوان الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية بالقرجاني وبعد سلسلة من التحريات والتحقيقات الميدانية الماراطونية توفقوا في ساعة متأخرة من مساء أمس الاثنين في القبض على أحد المشتبه بهما الرئيسيين في قضية مقتل الشهيد شكري بلعيد الأمين العام للجبهة الشعبية، ومن المنتظر أن تصدر اليوم وزارة الداخلية في صورة نجاح المحققين في إيقاف الطرف الثاني بيانا حول الأبحاث في القضية وهويتي المشتبه بهما الرئيسيين والجهة التي ينتميان إليها. وكان وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال علي العريض أكد في تصريح إعلامي خلال الأسبوع الفارط تقدم الأبحاث في القضية على أن تبلغ قريبا مرحلة الإيقافات، وهو ما حصل فعلا مساء أمس بتمكن الأعوان من القبض على أحد المشتبه بهما الرئيسيين، والذي يرجح أنه سائق الدراجة النارية. يذكر أن المرصد التونسي لاستقلال القضاء أصدر أمس بيانا من أهم ما جاء فيها أن الفرقة المختصة تولت باذن من قاضي التحقيق استنطاق عدد من المشتبه فيهم بناء على التحريات التي قامت بها والنتائج التي تم التوصل اليها من خلال دراسة الصور والأشرطة وكاميرات المراقبة بالمحلات العامة وتحليل المكالمات وغير ذلك من المعطيات المتوفرة سواء بموقع الجريمة او بالأماكن الملاصقة له وقد ادى ذلك الى استنتاجات كاشفة على خيوط اساسية للجريمة مكنت من ايقاف شخصين يتم الاحتفاظ بهما منذ خمسة أيام تطبيقا للفصل 13 مكرر من مجلة الاجراءات الجزائية بعد التمديد في أجل الاحتفاظ بهما باذن من قاضي التحقيق المتعهد بالملف، غير أن معلومة مؤكدة ل"الصباح" تشير إلى أن الأعوان أوقفوا أمس أحد المشتبه بهما الرئيسيين فيما مازال مشتبه به ثان بحالة فرار وأن إيقافه مسألة وقت لا غير.