فسّر عدد من نواب المجلس الوطني التأسيسي الاقبال المحدود على الترشح للهيئة العليا المستقلة للانتخابات بعدم الثقة في المستقبل السياسي للبلاد، ويرجعه آخرون لتهاون مكتب المجلس في الإعلان عن فتح باب الترشحات بالكيفية المطلوبة.. في حين يعتبر البعض أن الترفيع في سقف الخبرات المطلوبة للترشح ساهم بشكل كبير في حرمان آلاف التونسيين من إمكانية الترشح.. وفي تصريح ل "الصباح" قال النائب فتحي اللطيف إن أهم الأسباب التي جعلت الاقبال على الترشح إلى حد الآن محدودا تتمثل في شروط الترشح نفسها إذ اقتصرت على اختصاصات محددة خلافا لما كان مع الهيئة السابقة. وأضاف أن السبب الثاني يكمن في الوضع السياسي العام غير المطمئن الذي تمر به البلاد، خاصة في ظل غياب تحديد آجال مضبوطة للانتخابات.. وهو ما يبعث على التشاؤم. أما السبب الثالث فيتمثل على حد تعبيره في كثرة الشروط المرافقة لبلاغ الترشح.. ويعود السبب الرابع لمحدودية الاعلام عن حدث فتح باب الترشح.. وفسر أنه كان من المفروض في مثل هذا الحدث الهام أن يتولى رئيس المجلس الوطني التأسيسي إلقاء كلمة يتوجه بها إلى الشعب في نشرة الأخبار ويعلم فيها عن فتح باب الترشحات ويستحث فيها الناس على الترشح لها إضافة الى تنظيم حملة اعلامية واسعة في وسائل الاعلام في نفس السياق. ولاحظ اللطيف أن الظروف التي حفت بالترشح للهيئة السابقة تختلف تماما عن مثيلتها في الهيئة الجديدة، ففي السابق كان هناك اقبال اكبر وحماس أشد لكن الآن هناك أغلبية متفرجة وهذا يمثل خطرا حقيقيا على المسار الديمقراطي، وعلى المسار الانتخابي. وعبر عن خشيته من هذا التراخي وقال إن ذلك لن يجعل هناك هامش كبير للاختيار وبالتالي لا يضمن كما يجب توفر الاستقلالية التامة في المترشحين الذي سيكونون الهيئة. عزوف.. وخوف أما النائبة ربيعة النجلاوي فترى أن عدم الاقبال على الترشح للهيئة المستقلة للانتخابات يكشف عزوف التونسيين عن الحياة السياسية عموما، وهذا خطير في مثل هذه المرحلة الانتقالية الحساسة التي تمر بها البلاد.. وأضافت النائبة أن السبب الثاني يعود إلى مسألة دقيقة تتعلق بالهيئة الانتخابية السابقة التي بذل أعضاؤها وخاصة رئيسها كمال الجندوبي جهدا كبيرا من أجل تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة ولكن في المقابل كان جزاؤهم التشكيك فيهم، وأدى هذا الأمر إلى تخوف العديد من الكفاءات الوطنية من الترشح ومن التعرض إلى نفس المصير.. ولاحظت أن الحوافز التي يوفرها قانون الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لأعضاء الهيئة غير مشجعة على الترشح.. فرغم أن شروط الترشح مجحفة فإن المقابل المادي لا يرقى لمستوى الانتظارات .. وعبّرت النجلاوي عن أسفها الشديد لمحدودية اقبال المرأة التونسية عن الترشح للهيئة الانتخابية وهي تتساءل عن الاسباب ولا تجد أي مبرر لمثل هذه الاستقالة.. ويرى النائب شكري قسطلي، أن محدودية الاقبال على الترشح مردها الشروط المجحفة المتعلقة بالاختصاصات وبالأقدمية والكفاءة والاستقلالية وعدم التورط مع منظومة الاستبداد والفساد. وفسر أن شبكة المعايير المطلوبة فيها عنصرين أساسيين يعسر الاقناع بهما وهما الاستقلالية والنزاهة.. فاذا طلب من القاضي مثلا أن يتوفر فيه هذين الشرطين، فهذا من تحصيل الحاصل لأنه من المفروض ان يكون القاضي مستقلا ونزيها والتشكيك في ذلك يعد بدوره مشكلة لأن الكوادر الكبرى سواء في محكمة التعقيب او المحكمة الادارية تعاملت مع النظام السابق وهذا معلوم للجميع. ومن الاسباب الاخرى التي يرى القسطلي أنها وراء عدم الاقبال على الترشح الخوف من المحاصصة الحزبية.. ويرى النائب الحل في تنقيح بعض فصول القانون المتعلق بالهيئة، والتمديد في الفترة المخصصة للترشح وتطعيم لجنة الفرز بخبراء في القانون الدستوري للاستئناس بآرائهم ومواصلة انشاء الهيئات التعديلية الأخرى والتوافق حول الدستور وتعديل التنظيم المؤقت للسلط لتفادي الأزمة السياسية التي تسبب فيها. احتجاج على ضعف الاعلام ولا يختلف النائب بدر الدين عبد الكافي مساعد رئيس المجلس المكلف بالعلاقات مع المواطن ومع المجتمع المدني والتونسيين بالخارج كثيرا عما ذهب إليه بقية النواب، وبين أن عدد الترشحات التي وصلت الى المجلس إلى غاية مساء أمس كان في حدود 300، وبين أن سبب عدم الاقبال على الترشح يكمن أساسا في الشروط.. إذ أن المجلس رأى حين سن القانون المنظم للهيئة الانتخابية ضرورة الاستجابة إلى جملة من الشروط المعينة بهدف الحد من تدفق مطالب الترشح وحتى لا تكون تلك المطالب بالآلاف، لكن النتيجة كانت غير منتظرة وهي أن عدد المطالب الواردة على المجلس كانت محدودة.. وفسر أن هذا الأمر يعود إلى سببين رئيسيين يتمثل أولهما في أن المجلس لم يقم بالإعلام الكافي عن فتح باب الترشح.. وكشف أن العديد من المكالمات الهاتفية وصلت المجلس ويحتج أصحابها على هذه النقطة. أما السبب الثاني فيكمن في محدودية الفترة الزمنية المخصصة لقبول الترشحات في مرحلة أولى وكانت المراسلات التي وصلت الى المجلس قبل التمديد في تلك الفترة محدودة ولكن العدد بدأ يتحسن.. وعن سؤال يتعلق بتقييمه لدور المجتمع المدني في المساعدة على الاعلام عن هذا الحدث الهام، بين أن المجتمع المدني يتجاوب دائما مع المجلس لكن بما أن صوت المجلس في ما يتعلق بالترشح للهيئة الانتخابية كان خافتا فإن النتيجة لم تكن في المستوى المطلوب.. وأضاف عبد الكافي أنه كان من المفترض أن يكرر المجلس الوطني التأسيسي عديد المرات بلاغات الاعلان عن هذا الحدث لاستحثاث المواطنين على الترشح كما كان من الواجب تنظيم حملة اعلامية في وسائل الاعلام في نفس الصدد. وأكد أن مكتب المجلس تداول هذا الملف وشدد على ضرورة الاعلام المكثف عن فتح باب الترشحات.