جلسة استماع مشتركة حول مشروع ميزانية المهمة الخاصة بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء لسنة 2026    متحف اللوفر: المجوهرات المسروقة لم يتم العثور عليها والموقوفان يقرّان "جزئيا" بالتهم    أخبار النادي الافريقي ...شوّاط «آوت» والتفاوض مع مستشهر خليجي مجرّد اشاعة    بهدوء .. تَليُّف مزمن ...    رَجّةُ مُتَمرّد    أليستْ اللّغةُ أمَّ الثقَافة؟    داخل الكيان الغاصب...أزمة وجود مركّبة    سلسلة الفيفا لدعم كرة القدم النسائية: المنتخب التونسي يفوز على نظيره الافغاني    عاجل/ اتحاد الشغل يؤكد استهدافه ويكشف..    صفاقس : الإعلان عن انطلاق العمل باتفاقية حماية وتثمين "مشطية جبنيانة" بموجب علامة الملكية الفكرية الجماعية    تونس تعين كمركز تميز كايزان "في مؤتمر" إفريقيا كايزان 2025" بجوهانسبورغ    سيدي بوعلي: وفاة الطفل عمر اثر حادث سقوطه من حافلة    عاجل: تدخل طبّي أوّل من نوعه بالمستشفيات الجهوية: نجاح عملية استئصال ورم دماغي بجربة    العاصمة: وفاة شاب إثر سقوطه من عربة المترو بباب العسل    وزير الدفاع يؤدّي زيارة إلى عدد من الوحدات العسكرية بمدنين وتطاوين    توزر: ملتقى الواحة للفن التشكيلي بدقاش في دورته السادسة... حين تكون الواحة حضنا للفن    تونس تحتضن المؤتمر العالمي للغرفة الفتية الدولية    الديوان الوطني للمياه المعدنية والاستشفاء بالمياه يشارك في الدورة الاولى من صالون "أفري لاب وأفري هيلث"    تونس: المجال الإبداعي يضم ما يناهز 120 ألف شاب يعتمدون على العمل الحر كمصدر رزق أساسي    عاجل/ الصليب الأحمر يدين حماس..وهذه التفاصيل..    بطولة افريقيا للتجديف الشاطئي: فضية في زوجي الكبريات وبرونزية في زوجي الاكابر    عاجل: إعصار ميليسا يضرب كوبا بقوة ما صارتش قبل!    الكاف: المهرجان الاقليمي لنوادي الأطفال المتنقلة    جندوبة: استحثاث نسق ثلاثة مشاريع في البنية التحتية    عاجل/ وفاة تونسي في حادث مرور بالحدود الليبية    عاجل : مفاجأة جديدة في عملية سرقة متحف اللوفر بفرنسا    عاجل: حفل تكريم الفائزين بالبطولة الوطنية للمطالعة في بن عروس...لا تفوتوا الحدث!    افتتاح مهرجان مسرح التجريب بمدنين    ليبيا تطرُد منظمة "أطباء بلا حدود".. #خبر_عاجل    تقرير: الحكومة ترفع نفقات الأجور بنسبة 3.6 % سنة 2026    وفاء الصغروني بطلة العالم في التايكواندو    تصفيات مونديال 2026 - مباريات الملحق الافريقي مابين 13 و16 نوفمبر المقبل بالرباط    وكالة فيتش: البنوك التونسية تواجه ضغوطًا اقتصادية تحدّ من النمو والربحية    إليك أسعار الكلغ من الزيتون في صفاقس    بعثة نسائية تونسيّة إلى السعودية: لقاءات بالجملة دعما للمبادلات الاقتصادية    عاجل : الفرنسي نيكولا ماهو يودّع عالم التنس بعد 25 عاماً    تحب تبعث فلوس؟ شوف قداش باش تخلص على الحوالة البريدية!    إطاحة بمروج مخدرات في خزندار وحجز مبالغ مالية وأدوات الترويج    تنشط بين هذه الولايات: تفكيك شبكة لتهريب المخدرات تستغلّ سيارات إسعاف أجنبية    تونس: أصحاب الشهائد يطالبون بانتداب دفعة أولى من المعطلين في بداية 2026    ولاية منوبة تعلن عن موعد نشر القائمة النهائية لتراخيص سيارات "التاكسي الفردي "    علاش تونس اختارت تنتج أمّهات الدواجن؟    الرابطة الأولى: تشكيلة الإتحاد المنستيري في مواجهة إتحاد بن قردان    الرابطة الأولى: برنامج مباريات اليوم والنقل التلفزي    "هذا أمر مؤسف".. ترامب يتحدث عن الترشح لولاية ثالثة    طقس اليوم: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    إغلاق نهائي لسينما "جميل" بالمنزه 6... نهاية مرحلة وبقاء الأثر    تونس: وزارة التربية تنشر فيديو توضيحي لعملية التسجيل في كونكور السيزيام والنوفيام    عاجل: إذا ما عملت حتى عملية على حسابك الجاري.. البنك يسكروا تلقائيا بعد 3 شهور    ابتداءً من الخميس: تحويل جزئي لحركة المرور على جسر لاكانيا    عاجل/ 100 شهيد في غزة خلال 24 ساعة    عاجل: تراجع انتشار فيروس كورونا بعد ظهور المتحوّر ''أوميكرون''    كيفاش تعرف إذا كان عندك سكتة دماغية؟ أهم الأعراض اللي لازم تعرفها!    دراسة تحذر: النوم تحت الأنوار قد يسبب أمراض القلب    غدا.. إنطلاق مهرجان الرمّان في تستور    ملتقى حول الشيخ الطاهر بن عاشور    بالفيديو : صوت ملائكي للطفل محمد عامر يؤذن ويقرأ الفاتحة ويأسر قلوب التونسيين...من هو؟    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الحاجة إلى مبادرة وطنية
نشر في الصباح يوم 10 - 03 - 2013

بقلم: البحري العرفاوي -لا يختلف المراقبون في حقيقة أن البلاد بحاجة إلى مبادرة وطنية لمعالجة حالة «التسمم السياسي» وما قد يترتب عنها مستقبلا من إضرار بالدولة بما هي مؤسسات وقوانين وأجهزة وقيم ... مبادرة لا يستفيد منها السياسيون لوحدهم وإنما يستفيد منها
وبالدرجة الأولى التونسيون حين يشعرون بالأمان وحين يخرجون من حالة الضغط الإعلامي والسياسي ومن كوابيس الفوضى والجريمة والوعيد السياسي. مبادرة تعيد الثقة بين الفرقاء وتؤسس علاقاتهم على مبدإ المنافسة وليس العداوة وعلى قاعدة التدافع وليس التنافي.
ولكن قبل أن نصبح محتاجين إلى مبادرة كان الكثيرون ينتظرون أن تكون «شخصية» لها تاريخها النضالي ولها صدقيتها وهدوؤها ورجاحة عقلها ولها مرجعيتها الإيمانية المؤسسة على التعارف والتراحم والتسامح أن تكون هي الشخصية «الجامعة» والأكبرمن الأحزاب ومن الحسابات الحزبية الضيقة ومن تفاصيل ودقائق الخلافات...
منذ بداية «الثورة» سمعت أصدقاء من تيارات مختلفة يعبرون عن أملهم في أن تكون هذه الشخصية مُجَمّعة لكل التونسيين على قاعدة المواطنة والتوافق والتعايش دون النيل من حقيقة الاختلاف والتنافس المدنيين .
إن «الدولة» أكبرمن الأحزاب والحركات وإن «المستقبل» أرحب من المناصب ... وإن «الإنسان» في كرامته وحريته أقدس من كل الأحزاب والحركات مجتمعة... تلك الأحزاب ليست أهدافا بذاتها إنما هي وسائل لتحقيق كرامة الإنسان وصيانة إنسانيته«المقدسة» وتحقيق العدالة الاجتماعية ومنع المظالم وحماية حرية التعبيروالإبداع والمعتقد وتمكين الجهات الأقل حظا من نصيبها في الثروات الوطنية وجبر أضرارمن كانوا وقود الفتن السياسية لعقود من «زمن الغصّة الوطنية».
إن «الثورة» ليست حدثا فُجائيا ولا حَفل عَشاء ندعوإليه من نحب ونقصي منه من لا نحب... «الثورة» رؤية وقيم وذهاب كادح إلى مستقبل أرقى وأنقى وهي بهذا المعنى مشروع مفتوح لكل التونسيين لا نميزبينهم بالنوايا وإنما بالأفعال وبما يُقدمونه للوطن والمواطنين... مشروع «الثورة« لا يحتاجُ إلى حراسة رسمية ولا إلى تحصين قانوني وإنما يحتاج إلى وعي وثقافة وجُهد عملي من أجل مستقبل مختلف لفائدة تونس والتونسيين.
إن الحرص على سن قوانين لتحصين "الثورة" إنما يُعبرعن تصوّر قاصر للثورة وإنما يُعبرعن رغبة سياسية في تفريغ الساحة السياسية قَدْرالإمكان من الخصوم والمنافسين وهوما يعتبر شعورا بالضعف وبعدم الثقة بالنفس وبالبرامج والمشاريع وبالجماهير.
ثمة فرق بين قانون العدالة الانتقالية الذي يقتضي إعادة الحقوق لأصحابها ومحاسبة الفاسدين بناءً على ملفات ومُعطيات حقيقية وبين «قانون تحصين الثورة» الذي لا يُفهم منه سوى تسليط عقوبة جماعية تحت عنوان التجريم السياسي وهوما يذكّرالتونسيين بقانون الإرهاب أو بقانون الأحزاب والقوانين الانتخابية التي كانت تُفصّل على مقاس النظام الحاكم بما يمكنه من البقاء في الحكم وبما يسمح بإقصاء خصومه بحِيَل قانونية.
إن «قانون تحصين الثورة» لن يكون ولم يكن إلا وقودا للفتنة والأحقاد والنوازع الانتقامية. إن عشرات الآلاف من التونسيين المهدّدين بهذا القانون لن يُسلموا رقابهم بسهولة بل ولن تقبل ذرياتهم بإهانة آبائهم وأمهاتهم...إن الآلاف من الشباب المندفع إلى ساحات الاحتجاج ضدّ الحكومة الشرعية ليسوا من ذوي الإيديولوجيات المعادية للسلطة الحالية وإنما هم من ذوي التخوفات على آبائهم وأمهاتهم يرونهم مهدّدين بالإهانة والإذلال... إن الثورات لا تُحصنها القوانين ولا الأجهزة وإنما تحصنها الأفكارالتحررية والوعي الثوري والقيم الإنسانية ومشاريع الحياة...
إن مثل تلك القوانين لا يُلجأ إليها عادة لتحصين الثورة وإنما في الحقيقة لتحصين «السلطة» مع أن أي سلطة لم تقدرعلى تحصين نفسها بالقوانين حين فقد ثقة الناس بها وحين عجزت عن احتلال عقولهم وقلوبهم... أنا واثق من أن الذين يرفعون اليوم شعارات قُصْوية إقصائية ثورجية إنما هم الأطراف الضعاف سواء في الحكم أوفي حواشي الحكم وإنهم إذ يفعلون ذلك فإنما رغبة في أن يكونوا «كبارا» إعلاميا وهم يعرفون بأن مثل شعاراتهم تلك لن تجرّ عليهم وبالا وإنما ستجرّه على الطرف الأكبرحين ينقلب المشهد السياسي ضدّه وحين يُصبح يُنظرإليه على أنه خزّان أحقاد تصفوية وأنه مشروع عقابي يجب التحشّد للتصدي إليه وهوما يحصل الآن فعلا.
ستظل كل المبادرات مجرّد فخاخ سياسية ومجرد حيل لخدمة طرف أو للإيقاع بطرف آخرما لم تتأسس على مبدإ "الدولة" وما لم تنبع من جوهر «إنساني» نقي ومن روحانية تحررية صافية...
«المبادرات» يمكن أن تنقلب نجاحاتها إلى كوارث حين تعطي شرف النجاح لأطراف ليست جديرة بأن تكون عنوانا للاحتكام السياسي وليست مؤتمنة على «الحيادية» والموضوعية وحين تُكسب الأطرافَ تلك شرفا قد يستعملونه في التحول إلى «قوة إكراه» سياسي ضدّ أطراف معينة في سياق الترتيبات والتحالفات والمصالح وقد تتخطف بتلك النجاحات «شرعية» تستبدل بها الشرعية الشعبية .
سنحتاج وقتا آخرلكي "يعالج" السياسيون أنفسهم من الغرائزية السياسية ومن النزعة الغنائمية ومن شهوات التحكم ومن عقد الغلبة ...سنحتاج وقتا آخرحتى يتعافى السياسيون من الأنانية والحقد والتكبر ...سنحتاج وقتا آخرلتلقي المزيد من الصدمات والخيبات والإنكسارات حتى يتواضع المتكبرون بسلطة أو بنظرية أو برأسمال... سنحتاج وقتا آخر ننتهي بعده إلى قاعدة كنتُ ختمتُ بها مقالا بجريدة الموقف في جانفي 2005 «من كان مستعجلا على سلطة فإنها زائلة ومن كان حريصا على الوطن فإنه الباقي» .
كنتُ أتمنى أن تكون "أنت" خيمة التونسيين جميعا ...آلمني أن أراك تُدعى كما الآخرين لجلسة «صُلحية» وكأنك في خصومات لا تليق بمثلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.