من المتعارف عليه أن الشيوخ، قدوة لنا ولمن سبقنا والأجيال المقبلة فنحن الى اليوم نستقي من مواقف الطاهر الحداد والشيخ الفاضل ابن عاشور وآخرون أنجبتهم «الزيتونة».. لكن يبدو أن المفاهيم قد تغيّرت إن لم نقل قد انقلبت عندما تتهاطل علينا فتاوى الشيخ الحبيب اللوز القيادي بحركة النهضة حيث اعتبر ختان البنات عملية تجميل للمرأة وتحدّث عن اللذة الجنسية بعد ختان ما يسمى "النتوء الزائد". وإن لا أحد يشك في أنه من محاسن الثورة أن الواحد منا أطلق حريته وثار على انطوائه على أفكاره فلا يعني ذلك أننا سننتظر من أحد شيوخ حركة النهضة مثل هذه الفتاوى في وقت كان عليه الإنصراف لإنجاز الدستور ومتابعة الشأن العام للبلاد بما أن حزبه يحظى بالأغلبية ويحكم البلاد بدل أن يطلق العنان لأفكار وفتاوى لا تتماشى وطبيعة المرحلة ولا أيضا مع العصر، ولا تتجاوز حدود اثارة الجدل والتجاذبات، ولو أن البعض استساغ نشر مثل هذه الأفكار حتى يزاح الستار عن البعض ومنهم الشيوخ ولو أن مثل هذا الموقف لا يمكن استغرابه طالما بلادنا أصبحت تستقبل الدعاة والجانحين فكريا على غرار وجدي غنيم الذي كان في استقباله الحبيب اللوز نفسه.. تتواتر زيارات الدعاة على بلادنا والمؤسف ان يحظوا بحسن الاستقبال من الجهات الرسمية والحال أنهم دعاة النكاح ومواضيعهم جنسية أفسدوا بها تلك الصورة الناصعة للأم والأخت والزوجة وغيرها.. ذلك التمثال الشامخ للمرأة ولعل آخرهم الداعية البحريني حسن الحسيني الذي قدم إلى سوسة لينصح نساء الماخور ليقلعن عن الدعارة ثم عاد ليفضحهن ويكشف أمرهن بأسلوب ما أنزل الله به من سلطان.. وحتى العوضي لقد حل بتونس ليرسّخ أفكارا غريبة و»تقرطيس» بنات صغيرات السن في الحجاب، وليعلم البعض الآخر شعار «موتوا بغيضكم».. لقد بتنا نخشى على شيوخنا الذين عدّدوا محاسن الاسلام وسماحته وساهموا في إنشاء مجتمع متديّن يقوم على الوسطية.. شيوخنا الذين حرروا المرأة وأسّسوا النقابات زمن الاستعمار من أولئك الوافدين علينا من وراء البحار بفتاوى الدبر والنكاح وأيضا من بعض الشيوخ المحليين الذين يشرّعون بطريقة أو بأخرى لمثل هذه الأفكار. ما أحوجنا إلى شيوخ ينيرون السّبيل، لكن نحن في حاجة أشد إلى رجالات ينقذون البلاد من عديد المنزلقات ويعالجون المشاكل الحقيقية بدل الاهتمام بالتفاهات ويفتون في غلاء المعيشة ويحملون هموم «الزوالي» بدل الحديث عن النصف الأسفل من الجسم.