يعرض هذه الأيّام الفنّان التّشكيليّ فوزي حمدي بقاعة المرحوم الرّسّام المنّوبي بوصندل للمعارض بدار الثقافة ابن رشد بمنزل عبد الرّحمان لوحاته التّشكيلية وعددها47 لوحة وهي تمثّل جزء من إبداعه في الرّسم الذّي بدأه بطريقة عصاميّة منذ السّتينات من القرن الماضي والذّي مجموعه 112لوحة وقع شراء أكثرها من قبل هواة الرّسم وخاصّة من السّياح الأوربييّن أو خلال المعارض التّي أقامها سابقا وهي ثمانية معارض منها معرض في مدينة تولون الفرنسية والبقية داخل البلاد وفي ولاية بنزرت مثل معرضه في نابلوبنزرت. وعن سؤالنا حول قلّة شهرة فوزي حمدي الرّسّام على المستوى الوطني رغم تجربته الكبيرة في الميدان وكثرة لوحاته أجابنا أنّه ينظر إلى الرّسم باعتباره هواية ولا يميل بطبعه إلى البحث عن الشّهرة والبروز لأنّه وهو المربّي المتقاعد يعتبر أعماله استجابة لحالة نفسيّة وانطباع ارتسم في الذّاكرة وهي لا تخلو من بعد تربويّ يأمل في تحقيقه لدى المشاهد لهذه اللّوحات. وقد لاحظنا أنّه يحرص على تسجيل انطباعات الزّوّار للمعرض من التّلاميذ خاصّة بدعوتهم إلى ذكر اللّوحة التّي أعجبتهم أكثر من غيرها وقد برّر لنا ذلك برغبته في معرفة أذواق هؤلاء الزّوّار ليأخذها بعين الاعتبار في أعماله. ويحتوي معرض الرّسّام فوزي حمدي الذّي يتواصل من 2 إلى15 مارس الحالي لوحات زيتيّة ميزتها التّنوّع. تنوّع في اتّجاهات الرّسم إذ هناك ما هو مندرج ضمن الرّسم التجريديّ مثل لوحة الجميلة والمرآة ولوحة زوبعة في الصّحراء ومنها ما هو إلى الرّسم الواقعي أقرب مثل لوحة زنقة الزنايدية ببنزرت ولوحة الرّحى وهناك تنوّع في تاريخ الرّسم إذ من اللّوحات ما يعود إلى سنة 1999 وما بعدها مثل لوحة المتحجّبة التّي رسمها سنة 2006 وهي تعكس حسب أحد زوّار المعرض الرؤّية الاستشرافية لدى هذا الرّسّام ومن اللّوحات ما هو يعود إلى أشهر قليلة فقط مثل لوحة الثّورة ولوحة موعد وهناك تنوّع في الأمكنة فرغم تجذّر بعض اللّوحات في معالم منزل عبد الرحمان موطن هذا الرّسّام مثل لوحة مقهى البطحاء و لوحة حلويات العيد فإنّ عديد اللّوحات الأخرى تفتح على فضاء أرحب من الأمكنة من بنزرت في لوحة المرسى القديم إلى سيدي بوسعيد في لوحة جامع سيدي بوسعيد إلى الجنوب التونسي في لوحة إسكافي مدنين ولوحة عرس بجربة إلى أعماق افريقيا في لوحة سوق افريقية وتنوّع المواضيع وجه آخر من هذا الثّراء في معرض فوزي حمدي إذ يحتفل في أعماله بلقطات خزنتها الذّاكرة من عادات قديمة مثل لوحة العولة ومشاهد تفاعل معها مثل لوحة كوخ الصّياد ولوحة خيول السّباق ومواقف تحتفي بالفنّ وأهله مثل لوحة خميس ترنان ولوحة الموسيقييّن الثّلاثة. وعن هذا التّنوّع يقول الرّسّام فوزي حمدي إنّ الإنسان في حدّ ذاته متعددّ يحمل عديد الأقنعة فما بالك بالفنّان الذّي يتّسم عمله بالانفعال والحرّية وأكّد قوله بالإشارة إلى إحدى لوحاته في هذا المعرض وهي لوحة الأقنعة التّي تعبّر عن هذا الموقف. اكتشفنا من خلال هذا المعرض رسّاما ذا مسيرة طويلة في عالم الرّيشة وذا منهج في الفنّ يقوم أساسا على الحرّية والتّنوّع ورغم أنّ هذا الرّسام يقرّ بقلّة اهتمام المواطن بالأعمال الفنّية وخاصّة معارض الرّسم فإنّه يؤكّد إقبال الأجانب على اقتناء أعماله فتمكّن من بيع أكثر من نصفها حتى وإن كنا نعتقد أن قيمة عدد من أعمال الفنان التشكيلي أكبر بكثير من ثمنها.