تطرح حادثه إقدام شاب تونسي أول امس على إحراق جسده بشارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة رمز الثورة التونسية وهو يصرخ بعلو صوته حسب شهود عيان كانوا على مقربة منه "هذا هو الشباب الذي يبيع السجائر، هذا ما تفعله البطالة"، وذلك احتجاجا على مضايقته من قبل بعض رجال الأمن سؤالا جوهريا إلى أين وصلت أشغال الفضاء الذي سيخصص للباعة المنتصبين وسط شارع الحبيب بورقيبة لاحتوائهم والضغط على الانتصاب الفوضوي؟ وللتذكير فانه عقب ثورة 14 جانفي تم الحديث عن رصد اعتمادات لتهيئة الأرض التي كان قد شيد عليها سابقا مقر الشركة التونسية للتوزيع وانجاز فضاء تجاري لاحتضان الباعة المتجولين الذين غزوا تونس العاصمة عقب الثورة وسط كر وفر بينهم وبين رجال الأمن. وبعد ان طال الانتظار لهذا الفضاء المفترض ان يكون جاهزا خلال السنة الفارطة تأتي هذه الحادثة الأليمة التي راح ضحيتها شاب في مقتبل العمر يدعى عادل الخزيري الذي يئس ملاحقته ومنعه من الانتصاب لبيع السجائر ليعيل أشقائه الأربع. المفاجأة الكبرى لكن باتصال "الصباح " بالمصالح المعنية لم نجد مجيبا على أسئلتنا المتعلقة بمراحل تقدم انجاز الفضاء ولماذا هذا التأخير في الأشغال لكن المفاجأة الكبرى هي ان كل جهة كانت ترمي بالكرة للجهة الثانية فالمكلف بالإعلام بولاية تونس قال ان هذه المسألة هي شأن بلدي وحكومي ولا علاقة لولاية تونس بالموضوع لا من قريب ولا من بعيد. واكد قائلا "ان استقبال الوالي للباعة المتجولين عقب الثورة هو قبل كل شيء لانهم مواطنين". في حين تشير بعض المعلومات التي نشرت سابقة في بعض الصحف التونسية ان مقر الشركة التونسية للتوزيع الكائن بشارع قرطاج تعود ملكيته للمجلس الجهوي لولاية تونس. كاتب عام بلدية تونس: المشروع ليس بلديا ومن جانبه أكد كاتب عام بلدية تونس حامد عبيد ل "الصباح" أن الأرض ليست على ملك البلدية ولم ترد عليهم أية مراسلة بشان تهيئتها لاستغلالها كفضاء خاص بالباعة المتجولين، كما لم يتم تداول المسألة على مستوى اللجان البلدية أو المجلس البلدي. ونفى عبيد ما ذكره المكلف بالإعلام قائلا" أن المشروع ليس بلديا وذلك لأمر بسيط جدا وهو ان الأرض ليست على ملك البلدية". وما يمكن استنتاجه من مماطلة السلط المعنية قد يتحول في يوم من الايام الى قنبلة موقوتة وعليهم ان لا يستهينوا بهذه الفئة المهمشة من الباعة الذين يبحثون عن قوتهم ولكي لا ينسوا فالأمس قريب جدا وليتذكروا البوعزيزي ذلك الشاب البائع المتجول الذي ثار غاضبا عندما اغتصبت لقمة عيشه وثار من بعده جميع التونسيين على الظلم والقهر الذي عانوا منه لسنوات طويلة وكل هذه دروس ليتها تكون عبرة للجميع. و في هذا السياق اجتمع أمس عدد من المواطنين أمام المسرح البلدي بالعاصمة في وقفة احتجاجية بعد وفاة الشاب و قد رفع المحتجون و هم في أغلبيتهم من "النصابة" شعارات تنادي بايجاد حلول لهم للانتصاب في فضاءات قارة.