قال وزير المالية إلياس الفخفاخ في تصريح لوسائل الإعلام إن من أولويات الحكومة مقاومة غلاء الأسعار والتضخم الذي تفاقم في الآونة الأخيرة نتيجة التهريب والاحتكار وارتفاع أسعار المواد الأولية هذا إلى جانب ضخ الأموال في السوق في إطار الزيادة في الأجور الذي لم يقابله ارتفاع في نسب النمو وتطور في حركة الانتاج. هذا الموقف جاء متناغما مع ما رود في بيان حكومة العريض الذي تضمن الإشارة إلى تركيز الحكومة مستقبلا وضمن أولويات عملها على الحد من تفاقم الأسعار وغلاء المعيشة ومحاولة الحفاظ على التوازنات الكبرى للبلاد بالضغط على تفاقم نسب العجز في ميزانية النفقات ونسب التداين. توافقات مع الشركاء ويعد حصر مهام الحكومة المقبلة على المستوى الإقتصادي منطقي من منطلق أن المدة المتبقية من عمر الانتقال الديمقراطي قد لا تخول لأي حكومة القيام باصلاحات جوهرية كبرى في الجانب الاقتصادي باستثناء بعض الخطوط العريضة لاصلاحات تتواصل مستقبلا وتتصل بالمجال الجبائي والبنكي .. لكن نجاح حكومة العريض في مقاومة غلاء المعيشة قد يحتاج إلى جملة من الإجراءات من بينها الاستجابة لمطلب سابق رفعته منظمة الدفاع عن المستهلك ويتصل بتجميد الأسعار وأيضا مطلب آخر كان قد تحدث عنه سابقا وزير المالية المستقيل الحسين الديماسى عندما طالب بتجميد الزيادة في الأجور لفترة وكان هذا المطلب من بين أسباب أستقالته من حكومة الجبالي. في المقابل التوصل لمثل هذه الإجراءات يتطلب دون شك صيغة من التوافقات مع بقية الشركاء الإقتصاديين وفي مقدمتهم اتحاد الشغل في الجوانب المتصلة بالمفاوضات الإجتماعية خاصة إذا ما كان الاتحاد قد أشار سابقا إلى أن نسق غلاء المعيشة أثر كثيرا على المقدرة الشرائية للأجراء وأي توجه نحو تجميد الأجور سيتحمل تبعاته المواطن وسيزيد من تآكل الطبقة الوسطى في تونس. مناخ الحوار ولعل التساؤل المطروح هنا يتعلق بمدى توفر المناخ الملائم للتوصل لتوافق مع اتحاد الشغل الذي رغم التزامه بالصمت إلى حد الآن في الإعلان عن موقف رسمي من حكومة العريض في انتظار انعقاد اجتماع للمكتب التنفيذي للاتحاد،إلا أن عديد المؤشرات والمعطيات الواقعية لا تؤشر على ذوبان كل الجليد في العلاقة بين الحكومة والمنظمة الشغيلة. أول هذه المؤشرات تتصل بنتائج التحقيق في الإعتداء الأخير على مقر الاتحاد في ذكرى اغتيال الزعيم فرحات حشاد حيث أكد بعض أعضاء الاتحاد في تصريحات شخصية حول موقفهم من حكومة العريض أنهم ينتظرون إعلان الحكومة عن نتائج التحقيق وتطبيق قانون الجمعيات على لجان حماية الثورة التي يتمسك الاتحاد بضلوعها في الاعتداء أو أن الاتحاد سيقوم بنشر نتائج التحقيق بمفرده. من جهة أخرى يعتبر البعض أن تزحزح العلاقة بين الاتحاد والحكومة هو رهين التفاعل الإيجابي من الترويكا الحاكمة أو بالأحرى النهضة والمؤتمر من الجزء الثاني من المؤتمر الوطني للحوار بقيادة الاتحاد الذي ينتظر أن يعلن عن موعده مطلع الأسبوع القادم . يذكر أيضا أن التأمل في بعض التصريحات الصادرة مؤخرا عن قيادات في الاتحاد لا تؤشر على الأقل ظاهريا إلى وجود مناخ ثقة ملائم للحوار وإيجاد حلول لانقاذ الاقتصاد على غرار ما صرح به الحسين العباسي على هامش الاحتفال بذكرى وفاة الحبيب عاشور حين أشار إلى وجود وزراء .."يعتبرون وجهة نظر الاتحاد من باب لي الذراع ومن الوزراء كذلك من يحاول إدخال البلاد في حالة من الفوضى والبلبلة بحكم غاياتهم السياسية وترويج فكرة أن الاتحاد يريد أن ينقلب على الثورة وأهدافها وتبديل وجهة الرأي العام نحو نعت الإتحاد كونه لا يلعب الدور الوطني.." بدوره صرح حفيظ حفيظ عضو المكتب التنفيذي بالاتحاد في إحدى الصحف عندما سئل عن موقفه من حكومة العريض قائلا:"في رأيي الشخصي الحكومة الجديدة لم تعرض برنامجا.. والعريض لم يقد شيئا في علاقة بالمشاكل المطروحة.." على كل تبقى التصريحات الإعلامية ليست المحددة لطبيعة المواقف وإن كانت مؤثرة على المناخ العام.. والجميع ينشد تشكل ملامح جدية للعلاقة بين الحكومة والاتحاد من أجل المصلحة الوطنية.