رغم ان حكومة علي العريض تضمّ في أغلب تركيبتها أسماء من الحكومة السابقة في نسخة جديدة من "الترويكا" مع تحييد وزارات السيادة فانها مطالبة اليوم بالقطع مع الماضي بمختلف تفرعاته والابتعاد عن سياسة حكومة حمادي الجبالي التي كانت عنوانا للفشل في أغلب الميادين وفقا لاعترافات رئيس الحكومة السابق نفسه الذي أقر بعجز تشكيلته على تحقيق انتظارات المواطنين وتجسيد أهداف الثورة. وفي الوقت الذي تأتي فيه مواصلة النهوض بالاقتصاد والتشغيل ومقاومة ارتفاع الاسعار مراعاة لظروف المواطن في المرتبة الثالثة في سلم أولويات الحكومة بعد توضيح الرؤية السياسية وبسط الأمن ومقاومة الجريمة والانحراف والعنف فانه على حكومة العريض استخلاص العبر من تجربة الحكومة السابقة التي وان طوينا صفحتها فانه يتعين تجاوز أخطائها في عديد المجالات. لم تتبع الحكومة السابقة سياسة حوار ناجعة في الجهات في ظل صم اذانها في عديد المناسبات عن مطالب المواطنين مما أدى الى الاحتقان في أكثر من جهة بل ان سياسة التجاهل واللامبالاة كادت أن تؤدي الى كوارث آخرها احداث سليانة وهي سيناريوهات يجب تفاديها في الفترة القادمة تجنبا لتوتر الأوضاع وصفحات سوداء نريد طيها. وفي ظل حالة التهميش التي مازالت تعيشها عديد الجهات الداخلية -التي تنشد التنمية- التي تأخرت لعديد الاعتبارات في مقدمتها عدم الاستقرار الأمني فان الحكومة وهياكلها الجهوية مدعوة الى مزيد التواصل مع المواطنين والحوار معهم بشفافية بعيدا عن الوعود الوهمية التي سبق أن أشعلت فتيل الاحتجاجات في عديد الجهات. لا بدّ من الاقرار ان جزءا من فشل حكومة الجبالي يعود أساسا لصعوبة التواصل والاصغاء لمشاغل المواطنين بل ان عناد بعض الولاة واتباعهم سياسة الأبواب المغلقة أدى الى الاحتقان وما انجر عنه من احداث وردود أفعال غير محسوبة مثلما حصل بسيدي بوزيد وسليانة وغيرها من الجهات المحرومة التي انتهت باقالة بعض الولاة وهي أخطاء يجب ان تتعظ منها حكومة علي العريض. لا ننسى ان العلاقة بين المواطن والحكومة الجديدة لا بدّ أن تبنى على الحوار والوضوح والشفافية والمصارحة مهما كانت مرارة الواقع في سبيل بناء الثقة من جديد في وقت كادت ان تفقد فيه في الفترة الماضية في ظل تتالي أخطاء الحكومة السابقة وعنادها ومكابرتها أحيانا بعيدا عن أسلوب تواصل ناجع يساهم في التهدئة وبعث رسائل طمأنة في ظل واقع يبعث على الخوف من المجهول. ان الفترة الدقيقة التي تمر بها بلادنا على جميع المستويات تحتم على مختلف الأطراف من حكومة ومواطنين في مختلف الجهات تفهم تحديات المرحلة وما تتطلبه من تضافر الجهود من أجل الانقاذ بعيدا عن التجاذبات والصراعات والاحتجاجات التي قد تحكم علينا بعدم الخروج من عنق الزجاجة في سيناريو لا نتمناه بل أننا نرفضه.