افتقدت الساحة الثقافية مساء الأحد الماضي أحد أبرز عناصرها المجددة في مجال الفنون التشكيلية وهو الفنان علي الناصف الطرابلسي عن سن تناهز الستين سنة وهو في أوج عطائه الفني ويعتبر هذا الفنان من القلائل الذين تميزوا بمقاربة عضوية وحية في التعاطي مع المسألة التشكيلية حيث يعزى له الفضل في فتح آفاق الشكل الفني التراثي على مجالات حيوية شديدة الصلة بالحياة اليومية مثل التصميم والنحت وتصميم الفضاء والابتكار في الصناعات الحرفية... وهو الذي شغل خطة أستاذ لفن الخط العربي وفن النسيج بالمعهد العالي للفنون الجملية بتونس وكان قد حصل عى الأستاذية في التصميم الصناعي من أكاديمية الفنون الجميلة بجامعة بغداد، ثم سنة 1983 على شهادة الكفاءة في البحث من المعهد التكنولوجي للفنون والهندسة المعمارية والتعمير بتونس. اشتغل علي الناصف الطرابلسي على العديد من الخامات والتقنيات في ممارسته التشكيلية وسواء تعلق الامر بالرسم على الزجاج أو المنسوجات الحائطية أو التقنيات المختلفة، فإن للخطاب التشكيلي لديه ارتباطات أساسية وأصيلة بالمرجعية التراثية للفن العربي الإسلامي بتونس، وذلك من داخل لغة تشكيلية حديثة، مثلما تجلى ذلك على مستوى معالجته الابداعية لفن الخط القيرواني أو للتراث الزخرفي على سبيل المثال. وبمثل هذه الطروحات، شارك علي الناصف الطرابلسي في جل التظاهرات الفنية منذ بداية الثمانينات بكل من تونس والخارج ومن ذلك الخليج العربي وتركيا وفرنسا وبوركينا فاسو وألمانيا وبلجيكا واليابان فضلا عن المعارض الفردية التي أقامها الفنان منذ 1987 بكل من صفاقسوتونسوالرياض ومرسيليا. وكان الراحل يتمتع بثقافة إبداعية شاملة ومنفتحة على فروع ابداعية شتى رغم ما تميز به من تخصص في مجال الابتكار والتصميم والحرف الفنية، وهو الذي كانت له إسهامات في فن المسرح فترة شبابه وقد تتلمذ على يد المسرحي والاذاعي الراحل عياد السويسي. حصل على عديد الجوائز منها جائزة رئيس الجمهورية للحرف الفنية وجائزة اليونسكو للحرف الفنية والجائزة الثانية لصالون الفنون التشكيلية بصفاقس وجائزة الابداع الحرفي للديوان الوطني للصناعات التقليدية والجائزة الاولى للابتكار في الصناعات التقليدية في بداية العشرية الاخيرة. وفضلا عن تكريمه من قبل سيادة الرئيس زين العابدين بن علي، كان قد وقع تكريمه من قبل المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون (بيت الحكمة) تونس خلال مشاركته في أيام الخط العربي الثانية (2006) تحت عنوان «الخط العربي بين العبارة التشكيلية والمنظومات التواصلية» ثم من قبل جمعية صيانة المدينة بقابس في شهر التراث بنفس السنة. كما وقع تكريمه من قبل جمعية أحباء الفنون التشكيلية بصفاقس بمناسبة معرضها السنوي (2007) وكذلك بإذاعة صفاقس في نفس السنة... أما آخر مشاركاته الفنية فكانت بالمعرض السنوي لاتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين بمتحف مدينة تونس قصر خير الدين. هذا وسيشيع جثمان الفقيد اليوم الثلاثاء من مقر سكناه الكائن ب4 نهج المحيط الهندي، حي الزاهرة المرسى - الرياض. رحم الله الفقيد ورزق أهله وذويه جميل الصبر والسلوان. خليل قويعة