تبقى السنوات الاولى من العمر الفني لكل رسام ذات أهمية ودلالة في تجربته الابداعية المستقبلية... في هذه السنوات تتشكل أسس العملية الفنية وتبرز الملامح الأولى للمشروع الابداعي الناضج. الرسام الشاب زياد عويشي أحد الرسامين الذين يسافرون يوميا بحثا عن الحقيقة الابداعية للريشة... عمره 29 سنة ومع ذلك يحلّق بالمتتبع للوحاته الى عالم تشخيصي سحري يُخرج فيه كائناته وأبطاله على هيئة وفي شكل مستحدث يجمع بين الطرافة وبين التجاوز للأسلوب الأكاديمي. فالرسام زياد وُلد ونشأ ومازال بمدينة نصرالله من ولاية القيروان ولم يتلق يوما اي تكوين في هذا الفن كما لم يلتق يوما اي فنان من فناني هذا العالم الابداعي عدا فنان واحد هو النحات حسين المقدادي الذي يكنّ له كل التقدير. فكيف بلغ اذن بريشته تلك الحرفية المتجلية بسحر خرافي في لوحاته الزيتية؟ بحث عن الجمال يقول زياد : «أنا ابن مدينة الزربية والصناعات التقليدية وقد كنت في طفولتي أتأمل كثيرا كل عناصر تراثنا وابداعنا الحرفي التقليدي... كنت أنقل انطباعاتي ومشاعري المتولدة من حالات البحث عن الجمال الى لوحات أمارس فيها لعبة الخطوط والالوان التشخيصية التي تعطي أبعادا تشكيلية ومضامين فنية وانسانية تتجاوز المضمون المحلي الضيق». هكذا اذن يستوحي الرسام زياد لوحاته من التراث القيرواني والتونسي ويضيف عليها مسحات من جمالية صناعاتنا التقليدية... هذه الجمالية الحرفية فسحت له طريق بلوغ الجائزة الاولى في معرض الفنون التشكيلية بقربة منذ ثلاث سنوات وقد شارك في ذلك الحين بلوحة واحدة مع مجموعة كبيرة من الرسامين. فن وسياسة ويبقى طريق الجائزة الاولى دائما مفتوحا أمام الرسام زياد وهذه المرة بمهرجان الزربية بالقيروان منذ عامين وكالمرة الاولى شارك بلوحة واحدة مع عدد من الرسامين... ومرة أخرى يفوز الرسام زياد بجائزة مالية في معرض الصناعات التقليدية بالقيروان الذي أقيم منذ اكثر من سنة. الرسام زياد عويشي المتشبع بأحاسيس الفنان المرهفة يمارس فن الرسم الزيتي التشخيصي لغاية واحدة هي الرغبة في تجسيد الخانة الابداعية في رسوم تستمد ذاتيتها من الواقع التراثي الجميل...