مضى أسبوعان على نيل حكومة العريّض ثقة المجلس التأسيسي دون أن ننتبه كشعب إلى أن هناك تغييرا جذريا وحقيقيا وحتى الرجة النفسية المرجوة والتي تنزّل في سياقها التحوير لا نعتقد إن كان لها أثر في الواقع رغم ضجيج المتفائلين بالتغيير الايجابي.. وزير الداخلية علي العريض أصبح ثالث الرؤساء،بعد بعض "الرتوش" و"المساحيق" السياسية التي قام بها الائتلاف الحاكم في محاولة لعلّها الأخيرة- لتلميع صورته الباهتة ولكن صعوده السياسي هذا لم يكن آمنا لأنه ما زال يقف على رمال متحرّكة،فالهنات والثغرات الأمنية التي حصلت زمن توليه حقيبة الداخلية جعلت كل جهوده في اعادة استتباب الأمن في البلاد توصف بالفشل الذريع ،فعملية اغتيال شكري بلعيد والتي تعوّل الحكومة على عامل الوقت "لامتصاص " حرقتها وحجب الفاجعة التي خلّفتها على رفاقه،ستبقى تثير غضب وحنق التونسيين الى حين الكشف عن ملابسات هذه الجريمة النكراء.. أحداث الرش بسليانة ،تعتبر كذلك من احدى النقاط السوداء في المسيرة السياسية لعلي العريض كرجل دولة،و له مسؤولية مباشرة بحكم وظيفته كوزير للداخلية في هذه الأحداث ،هذه المسؤولية تجعله تحت طائلة القانون لو كان لدينا قضاء مستقل خاصّة وأن اللجنة المستقلة لتقصّي الحقائق حول هذه الأحداث أكّدت على أن الردّ الأمني العنيف غير متناسب مع احتجاجات الأهالي.. اليوم تواجه حكومة العريض الى جانب أخطاء الماضي والتي تقاسمها عدد من الوزراء، تحدّيات المستقبل ،هذه التحديات التي لخّصها العريض في مستهل حكمه في أربعة محاور كبرى هي الأمن والتشغيل والتنمية ومقاومة غلاء الأسعار.. فالملف الأمني بات معظلة تحتاج لخطة وتصوّر كامل للمنظومة يتجاوز شخص الوزير ،والأهم بالنسبة للرأي العام هو دحض الشبهات التي تحوم حول الجهاز الأمني خاصّة مع تنامي وتيرة الاشتباكات مع العناصر الارهابية وجحافل الجهاديين المغادرين الى سوريا أو القادمين منها (وهذه أزمة أخرى انفجارها مؤجّل) ،أما بالنسبة للتشغيل والتنمية فهما مرتبطان عضويا بضرورة توفّر مناخ من الأمن ،أما الأسعار التي تعهّدت الحكومة بأن تكون ديدنها في فترة حكمها ما عدا المحروقات- فانه قد يكون من الصعب كبح جماحها إلا إذا وضعنا آليات محكمة لمراقبة مسالك التوزيع التي تعتبر موطن الداء.. حكومة العريّض يجب أن تستخلص العبرة من أزمات الماضي وأن لا تتصرّف بأريحية مع الحكم ،فنحن في وقت "غصرة" والاجراءات يجب أن تكون سريعة وحاسمة ويكفينا ما أضعنا من وقت في ترهات ومهاترات "عملية التجميل السياسي" التي خضعنا لها قسرا دولة وشعبا.