تونس - الصباح: تمرّ اليوم 18 سنة على رحيل الفنانة التونسية الكبيرة علية، ففي مثل هذا اليوم من عام 1990 رحلت عنّا فنانة نذرت حياتها للإبداع الموسيقي الأصيل... غنت كل الأنواع وشدت بمختلف الأنماط الموسيقية بصدق وتفان وحبّ... فعشقها الجمهور الذي وجد فيها أحاسيسه... أحلامه... أماله... وطموحاته. فنانة مؤرخة لئن ولدت ونشأت الراحلة علية في بيئة عشقت المسرح فأبدعت فيه من خلال والدها الفنان المسرحي الراحل البشير الرحال فإنها اختارت أن تشق طريقها بالاعتماد على موهبتها في الغناء التي صقلتها من خلال التردد على مجالس الطرب لتصبح بعد ذلك احدى رائدات الرشيدية... في كل أغنية من أغانيها قصة وحكاية وعبرة وتاريخ. شدت برائعة الشاعر الكبير الراحل عبد المجيد بنجدو «بني وطني» التي أعطاها الشاذلي أنور لحنا خالدا لتروي قصة صمود بنزرت في وجه الاحتلال الفرنسي... وغنت «يا مداوين الناس» لتؤكد بحث الانسان على ما يبعث الطمأنينة في النفس... وارتقت بقصيد «الساحرة» إلى مراتب العاطفة السامية. نوعت علية في أغانيها وانتصرت على كل العراقيل التي اعترضت سبيلها بتأسيس خط فني قوامه التعابير الصادقة والصوت القوي الذي ينصهر الى حد الذوبان في كل ما يقدمه من أغنيات بدون منّ ولا مماربة... ولا تردّد ولا تكلّف.. بحثت علية علي امتداد حياتها وسعت إلى أن تكون صوت وجدان الانسان التونسي بكل صفاء... فكسبت الرهان... فحتى وان اختارت الهجرة الى مصر فإنها بذلك كانت قد فتحت المجال واسعا للأصوات التونسية لتتبوأ مكانة بارزة تحت سماء الابداع الموسيقي في القاهرة.. فكانت لطيفة العرفاوي ثم الراحلة ذكرى دون أن ننسى سميرة بن سعيد من المغرب... والقائمة طويلة في هذا المجال. ولا غرابة أن تعد الراحلة علية منذ رحيل المطربة صليحة واحدة من أقوى وأقدر وأجمل الأصوات التونسية على اعتبار حرفيتها في التعامل مع المقامات والنغمات التونسية والشرقية على نفس مستوى الحماس والتميز والاقناع والامتاع. ولا غرابة أيضا أن تظل علية واليوم تمرّ 18 سنة على رحيلها ذكرى خالدة في المدونة الغنائية التونسية والعربية فهي صوت الابداع الخالد... الذي لا يموت.