تنشر «الصباح» اليوم الجزء الأول من الدراسة التي أعدها أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ...يتعلق الأمر بجدول يتضمّن التعليق على الفصول المتعلقة بالسلطة التنفيذية والواردة بمسوّدة مشروع الدستور المؤرخ في 14/12/2012 . ولكن قبل المرور إلى الجدول يتجه الأمر إبداء الملحوظات التالية: - لا اعتبر أن النّص المقترح نصّا مصاغا وإنما هو مجرّد أفكار في حاجة إلى التّبويب، الدّقة، الوضوح، المرونة، حسن التعامل مع الزّمن... لازلنا بعيدين عن عملية الصّياغة. فهو نصّ أقرب منه إلى أفكار في حالتها الخام من نصّ خضع لقواعد الصّياغة. - تعهّد الجلسة العامة بنصّ لم يرتق بعد إلى مستوى المشروع لا فقط كان مخالفا للفصلين 65 و75 من النظام الداخلي للمجلس بل إن من نتائجه السّلبية إضاعة وقت ثمين كان ممكن استغلاله في مسائل أخرى ذات أهمّية. - الفصول التي طرحت أكثر جدلا بين النواب هي الفصول المتعلقة بالسّلطة التنفيذية لهذا السبب لن تكون المهمّة سهلة خاصة مع تواجد صيغ واقتراحات متعدّدة شملت عشرين فصلا من جملة 29 فصلا. وهي الفصول 66 و67 و68 و71 و72 و 74 و75 و76 و77 و 78 و80 و84 و86 و87 و 89 و90 و91 و92 و93 و 94. - تدخل هيئة التنسيق والصياغة كان أحيانا تدخلا مضادا لقواعد الصياغة ومربكا لها. ويعود ذلك، في تقديري، إلى سببين رئيسيين: تمسّك الأطراف الفاعلة داخل المجلس في البحث في طبيعة النظام السياسي برلماني، رئاسي أو مختلط دون التركيز على الآليات. وتوقع كل طرف أنه سوف يمسك غدا إمّا بالحكومة أو بالرئاسة. من القواعد الذهبية للصياغة أخذ مسافة عن التجاذبات السياسية التي تبقى ظرفية والحال وأن القاعدة الدستورية يفترض أن تتّسم بالدّيمومة. فما أبعدنا عن التفكير المؤسساتي. وبالرغم من التنبيه في مناسبات عديدة إلى أن طرح طبيعة النظام السياسي من هذه الزاوية هو طرح مغلوط لأنه وبكل بساطة طرح سابق لأوانه. إن همّ محرّر الدستور يجب أن ينصبّ أساسا على إيجاد الآليات المثلى التي تسمح بتكريس نظام سياسي ديمقراطي ومستقرّ. وفي بعض الحالات تصبح المسألة معقدة لانتقالها من الطّرح السّياسي إلى الطّرح الفنّي. ومن هذه الزاوية تساءلت هل أن المشروع المقترح يضمن وجود سلطة تنفيذية تساهم في تكريس ديمقراطية النظام السياسي المرتقب وفي استقراره؟ وقد توصّلت إلى قناعة مفادها أن هذا المشروع ولئن تضمّن مؤشرات تسمح بإيجاد سلطة تنفيذية تساهم في تكريس نظام ديمقراطي إلا أنه يشكل خطرا كبيرا على وحدة واستقرار البلاد. لهذا السّبب كانت الحلول المقدّمة، وهي ليست إلاّ محاولات، تحكمها دائما إيجاد معادلة تسمح بتحقيق الديمقراطية مع ضرورة الحفاظ على الإستقرار. والمحاولة ليست، في النّهاية، إلا فرصة تسمح بالتقدم بأكثر سرعة في النقاش وفي الصّياغة النّهائية لمشروع الدستور.