ذكر الخبير في القانون الدستوري أمين محفوظ في تصريح ل «الصباح» أن الاهتمام اليوم لا بد أن ينحصر فقط في محاولة إيجاد دستور يحمي الحقوق والحريات ويسهم في إيجاد سلط تحترم مبدأ الفصل والتوازن بينها حتى لا تستبد سلطة على باقي السلط. واعتبر انه يصعب انطلاقا من دستور دخل حيز التنفيذ تحديد طبيعة النظام السياسي أما تحديد هذه الطبيعة انطلاقا من مشروع مسودة يتضمن رؤى متعددة فان ذلك يصبح مستحيلا. مشيرا إلى أن الدستور هو جزء من تعريف النظام السياسي وجب العودة إلى معطيات أخرى منها القانوني (قانون الانتخابات، النظام الداخلي للمجالس النيابية، قانون الأحزاب، قانون الصحافة...)ومنها واقعي (سلوك الحكام ,الرأي العام....). وأشار محفوظ في نفس السياق إلى أن دخول الأحزاب السياسية داخل المجلس التأسيسي في تحديد طبيعة النظام السياسي أضاع الكثير من الوقت بما انه أثار جدلا عقيما أشبه ما يكون بالنقاش البيزنطي إذ كان يجدر بالنواب الابتعاد عن الأحكام المسبقة والقوالب الجاهزة والانكباب على إيجاد آليات في الدستور تسمح بحماية الحقوق والحريات وبحسن تنظيم السلط. وأضاف أن الدستور يساهم في بناء نظام ما شرط حصول انسجام بين التوطئة والفصول فالدستور الناجح هو ذلك الذي يفرز فكرة وفلسفة واضحة المعالم تجد صدى لها في كامل النص. وفق تعبيره. وأشار إلى أن الجمع بين المتناقضات داخل النص لا يفرز نظاما جيدا حتى ولو كان ذلك باسم «الوفاق». وأوضح محفوظ انه لو وقع فهم هذه المعطيات الأساسية لأمكن بسرعة غربلة مشروع المسودة في اجل لا يتجاوز15 يوما، استنادا إلى وجود إجماع بين الأطراف على عدم تكريس النظام الرئاسي ومن الواضح كذلك عدم الأخذ بالصلاحيات الشرفية والمحدودة لرئيس الدولة وهو ما يعني الابتعاد عن تطبيقات النظام الانقليزي أو الألماني أو الايطالي. واعتبر أن إسناد صلاحيات دنيا للرئيس (تمثيل الدولة، ووحدتها وضمان استقلاليتها واستمراريتها واحترام المعاهدات وحقوق الإنسان ختم القوانين حق النقض العرض على الاستفتاء ومخاطبة الشعب وتعيين أعضاء الحكومة وحل مجلس الشعب...) تفرض ضرورة إعطاء الرئيس مشروعية مباشرة من الشعب ولا من المجلس النيابي. وقال «إن الشعب لا يحتاج إلى وسيط بينه وبين مؤسسة تمارس مثل هذه الصلاحيات. فمشروع المسودة المقترح يعتبر وعلى عكس النظام البرلماني التقليدي (الاقتصار على تجسيد وحدة الدولة وتقديم الاستشارة والتحكيم) عنصرا فاعلا». واعتبر الخبير في القانون الدستوري أن عملية تدقيق الصلاحيات بين رئيس الجمهورية وبين الحكومة من شانها أن تحقق الأهداف الواردة في الفقرة 3 من التوطئة التي وصفها ب»دستور الدستور» والمتمثلة خاصة في احترام سلطة الشعب والتوازن بين السلط.