نواب من التأسيسي عدلوا مواقفهم بعد جريمة اغتصاب الطفلة - تعالت أصوات الحقوقيين المنادين بإلغاء عقوبة الإعدام في تونس منذ عهد بن علي، وفي 14 جانفي 2007 تمّ بعث الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام والذي ضمّ حينها 7 جمعيات قدمّت مشروع قانون لإلغاء عقوبة الإعدام. لكنّ سلسلة الجرائم البشعة التي شهدتها البلاد مؤخرا خاصة المتعلقة بجرائم الاغتصاب طفت بمسألة تنفيذ عقوبة الإعدام من جديد على الساحة. فهل من شأن تعدّد الجرائم خاصة المتعلقة باغتصاب الأطفال أن تضعف حجج المنادين بإلغاء عقوبة الإعدام؟ وهل أنّ التمسك بإلغاء عقوبة الإعدام في هذا الظرف الذي تمرّ به البلاد يعتبر أمرا سابقا لأوانه؟ يرى لطفي عزوز المدير التنفيذي لمنظمة العفو الدولية بتونس أنّ المنظمة لن تتراجع عن موقفها وأنّ سلسلة الجرائم التي شهدتها البلاد مؤخرا لن تزيدهم إلا تمسكا بمواقفهم لإيمانهم التام بأنّ «عقوبة الإعدام لا تحقق العدالة ولا تردع الجريمة وإنما تمثل عائقا أمام عملية الإصلاح»، على حدّ تعبيره. «موقفنا ليس مرتبطا بقضايا ظرفية» وشاطره الرأي في ذلك عبد الباسط بلحسن رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان الذي اعتبر أنّ الموقف من عقوبة الإعدام ليس مرتبطا بقضايا ظرفية، قائلا: «على العكس من ذلك تماما، فالمسألة تتعدى ذلك إلى رؤيتنا في مسألة الحقّ في الحياة، ومن واجبنا البحث في أسباب القضايا الإجرامية التي ليست حكرا على مجتمعنا فقط». وعن الدور الذي يمكن أن تلعبه عقوبة الإعدام في الحدّ من انتشار الجرائم والقصاص للمتضررين، قال رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان ل«الصباح الأسبوعي»: «إنّ عقوبة الإعدام تبحث عن الحلول السهلة، فالمعالجة الحقيقية تكون بتشخيص الظواهر وإيجاد الأطر القانونية لها». وهو نفس الموقف الذي تبناه مختار الطريفي الرئيس الشرفي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الذي أشار خلال حديثه معنا إلى دراسات أثبتت أنّ الجرائم البشعة تقلصت في الدول التي ألغت عقوبة الإعدام لكنها لم تنته في الدول التي تنفذ عقوبة الإعدام. وتساءل الطريفي، قائلا: «عقوبة الإعدام منصوص عليها في القانون التونسي منذ عام 1985، لكن هل أنها حدّت من الجرائم التي مآلها حكم الإعدام، طبعا لا». من جهته، قال ممثل منظمة العفو الدولية لطفي عزوز: «إنّ المجرم لا يفكّر فيما ينص عليه القانون عندما يرتكب جريمة معينة، لذلك نحن لا نرى الحل في الإعدام». الحسم في العقوبة تجاوز الحقوقيين إلى الشارع صحيح أن تونس صوتت ولأول مرّة بعد الثورة على قرار تجميد تنفيذ عقوبة الإعدام في العالم، إلا أنها لم تحسم بعد في مسألة إلغاء هذه العقوبة التي سينظر فيها المجلس الوطني التأسيسي. وفي اتصال هاتفي جمعنا بالنائبة في المجلس التأسيسي حسناء مرسيط المستقيلة من كتلة وفاء والمعروفة بتبنيها موقف إلغاء عقوبة الإعدام، أعربت عن تخوفها من إمكانية عدم إلغاء هذه العقوبة، قائلة: «لقد صدمت صراحة عندما تعددّت جرائم الاغتصاب مؤخرا خاصة اغتصاب الأطفال لأني متأكدة أن من شأن هذه النوعية من الجرائم التي شغلت الرأي العام أن تؤثر فيه وتزيد من إصراره على الإبقاء على هذه العقوبة». وأشارت النائبة مرسيط إلى عدد من النواب الذين عدّلوا من مواقفهم وباتوا يطالبون بالإبقاء على عقوبة الإعدام بعد حادثة اغتصاب الطفلة عزيزة البالغة من العمر 3 سنوات بإحدى رياض المرسى، قائلة: «جملة الجرائم التي سمعنا بها مؤخرا دعّمت استمرار عقوبة الإعدام». وهو ما أكدته لنا النائبة عن حركة النهضة فطوم الأسود التي قالت: «جملة الجرائم التي جدّت مؤخرا دعّمت موقفنا الرافض لإلغاء عقوبة الإعدام، فهذه المسألة خرجت من سيطرة الحقوقيين والسياسيين وبات الشارع نفسه يطالب بالإبقاء عليها، وهو ما من شأنه أن يضعف موقف المطالبين بإلغاء عقوبة الإعدام». وذكرت الأسود أنّ بعض النواب كانوا متردّدين حول مسألة إلغاء عقوبة الإعدام، لكن ما حدث مؤخرا دفع بالعديد منهم إلى تعديل مواقفهم والمطالبة بتنفيذ هذه العقوبة. لكنّ الرئيس الشرفي للرابطة مختار الطريفي شدّد على وجوب إلغاء هذه العقوبة لما فيها من تعدّ واضح على حقّ الحياة ولما فيها من إمكانية ظلم بعض الأشخاص مشيرا في هذا الصدد إلى قضية اغتصاب وقتل لقيت صدى كبيرا في فرنسا، حيث حكم فيها على المتهم بالمؤبّد، وبعد 17 سنة تبين أن المتهم بريء، وهنا تساءل الطريفي قائلا: «ماذا لو حكم على هذا الشخص بالإعدام، فهناك عدد من المتهمين الأبرياء الذين يتعرّضون للظلم خلال إصدار الحكم، وهو ما يدفعنا إلى الإصرار على الحفاظ على حياة الأشخاص». وقد دعت النائبة فطوم الأسود إلى وجوب الإبقاء على عقوبة الإعدام شريطة عدم تركها مطلقة، «فهناك نوع من الجرائم البشعة التي لا يمكن التسامح فيها ولا يمكن الحكم عليها بالسجن ثم يصدر قرار عفو في شأنها». حكم الإعدام بين سياسة المكيالين والتوظيف السياسي من جهته، استنكر ممثل منظمة العفو الدولية لطفي عزوز مواقف المطالبين بالإبقاء على عقوبة الإعدام، قائلا: «لماذا لم نسمع من بينهم من طالب بتنفيذ عقوبة الإعدام على الإرهابيين، هنا أيضا نجد سياسة المكيالين، وهو ما يعكس التوظيف السياسي لعقوبة الإعدام». من شأن عدد من المواطنين أن لا يتبنّى هذه الحجج الحقوقية، فقد رأينا عددا مهما من بينهم من يطالب بتنفيذ عقوبة الإعدام على القتلة وخاصة مغتصبي الأطفال، فقد رمى هؤلاء المواطنين بثقافة حقوق الإنسان عرض الحائط لأنهم لا يهتمون بحقوق شخص تعدّى على حقوق الآخر و»اغتصب» جسده وحياته. حول هذا الموضوع، يقول رئيس المركز العربي لحقوق الإنسان لهؤلاء الأشخاص: «نحن لا نقبل اغتصاب الأطفال ولا نقبل المس من أي شخص ونحن مع تنفيذ القانون وعدم إصدار عفو في حقّ المغتصبين وعدد من الجرائم الأخرى، لكننا نبحث عن معالجة عميقة للموضوع، لأن مغتصب الأطفال هو إنسان مريض يستحق العلاج». عادة ما تتراوح العقوبات بين الغرامة المالية والإعدام، وهناك عدد كبير من المسجونين المحكوم عليهم بالإعدام صدر في حقهم قرار عفو بالحكم المؤبد، لكن عقوبة الإعدام الموجودة إلى اليوم في القانون التونسي وغير المفعّلة تعتبر منافية للاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب التي صادقت عليها تونس سنة 1991. وفي تونس، نجد أنّ الجرائم التي نفّذ فيها حكم بالإعدام هي سياسية بالأساس في حين أصدر عفو بالحكم المؤبد على بقية الأشخاص ولعل آخرها العفو الرئاسي الصادر يوم الجمعة الماضي والذي قرر فيه المرزوقي إسقاط عقوبة الإعدام إلى المؤبد في حق بعض الأشخاص، وهو ما يعتبره عدد من الحقوقيين مؤشرا إيجابيا لإلغاء عقوبة الإعدام. ◗ خولة السليتي
مواطنون طبقوا عقوبة الإعدام ! بعد الحديث إلى عدد من الحقوقيين الذين تشبثوا بموقفهم المؤيد لإلغاء عقوبة الإعدام رغم بشاعة الجرائم، ارتأت "الصباح الأسبوعي" الحديث إلى بعض المواطنين في مختلف جهات البلاد الذين أجمعوا تقريبا على الإبقاء على عقوبة الإعدام ووجوب تنفيذها. راوية الجلاصي "أنا مع تنفيذ عقوبة الإعدام لما لها من تأثير على كلّ من تخوّل له نفسه ارتكاب نفس الجريمة، فيجب أن يكون عبرة لمن لا يعتبر". أحمد بن عبد الله "أنا مع تنفيذ العقوبة، فلا يمكنني أن أدافع عن حقوق إنسان انتهك حقوق شخص آخر". وسيم بن عجمية "نعم انا مع تطبيق الاعدام في تونس لان عديد الجرائم الحاصلة تنمّ عن القسوة وانعدام الرحمة والانسانية وتغليب الغريزة والشهوة وعادة ما تنتهي هذه الجرائم بالقتل وطبعا سيعقبها الانتقام". صابر بن منصورة "طبعا أنادي بضرورة تطبيق قانون الاعدام في بلادنا ولا بدّ من تفعيله في اسرع وقت ممكن لاننا بلغنا مرحلة خطيرة كثرت فيها الجرائم والاعتداءات على الغير دون ان تؤثر عقوبة السجن على مرتكبيها". محمد علي الشطي "نعم شخصيا اؤيد تطبيق حكم الاعدام في تونس خاصة بعد ان ظهرت على الساحة تلك الجرائم البشعة والتي لن تختفي مادام القضاء لايضرب بقوة على أيدي هؤلاء المجرمين". بسمة بوقديدة "بدون شك أؤيد تفعيل قانون الاعدام في تونس لانه بان بالكاشف ان الجرائم المرتكبة في حق الانسانية وحق الطفولة بالخصوص تستحق الاعدام". محمد علي التركي "لا أدري ماذا تنتظر الحكومة لتفعيل قرار الاعدام في تونس فمعدل الجرائم ما فتئ يتزايد وكل جريمة افظع من سابقاتها والمطلوب ان تاخذ الحكومة على عاتقها مسؤولية تنفيذ حكم الاعدام". حسان الزوالي "بطبيعة الحال انا مع ضرورة اعادة تفعيل قانون الاعدام ببلادنا وصراحة انا مندهش للقررات التي تتخذها الحكومة في كل مناسبة وطنية باطلاق سراح عدد من المساجين وقد اثبتت الجرائم الاخيرة ان عددا منهم متسبب فيها (جريمة اغتصاب امرأتين بالقيروان مثلا)". ◗ نبيل بن حسين
سامي العمدوني "أنا ضد عقوبة الإعدام لكونها وسيلة هدم ولا تؤسس لمجتمع متماسك". بسمة "إن مرتكبي الجرائم الفظيعة هم الذين ينتهكون حقوق الإنسان دون أي تفكير في مستقبل الضحايا، وأنا مع إعدامهم". نور الدين الحباشي "يجب اتباع حلول أخرى قد تردع المجرمين ومن يفكّر في النسج على خطاهم»، وهو يرى أنّ من شأن هذه الحلول أن تمكّن المجرمين من إصلاح أنفسهم وتجاوز مشاكلهم". ◗ المنصف العجرودي
عبد العزيز مرواني "أنا مع الابقاء على عقوبة الاعدام حفاظا على أمن البلاد أوّلا وعلى تماسك المجتمع ثانيا باعتبار أن هذه العقوبة ليست في حدّ ذاتها غاية بل هي أداة ردع وإنصاف، إذن فلا أعتقد أنّ هناك ما يعوّض عقوبة الاعدام في القضايا الموغلة في الوحشيّة والتي تحدث في مجتمعنا من قتل واغتصاب للقاصرات". كمال صغيري "الابقاء على عقوبة الاعدام خاصّة في حالات الاغتصاب الشنيعة وفي حالة قتل النفس بغير حقّ ولكن وبعد الدمار الشامل الذي خلفه بن علي في العقول والقيم والاخلاق أرى أن المعالجة يجب أن تكون تحسيسيّة توجيهيّة تأطيرية ثمّ ردعيّة." ◗ توفيق الحافظي
محمد الجمني "أنا شخصياً مع بقاء عقوبة الاعدام فهناك بعض الجرائم التي لا عقوبة لها إلا الاعدام مثل حادثة الاغتصاب التي تعرضت لها موخراً طفلة الثلاث سنوات كما أن بغياب عقوبة الاعدام قد يضطر الشخص المتضرر إلى أخذ حقه بيده". محمد الجوالي "أنا مع عقوبة الاعدام في بعض الحالات لان مرتكب الجريمة يمكن أن يتوب ولذا يجب أن نمنحه فرصة لذلك وبالاعدام يفقد المتهم هذا الحق، كما يمكن أن يطبق الاعدام على أشخاص أبرياء". ◗ ياسين بوعبدالله
محمد العماري " لست ضدّ عقوبة الإعدام في الإطلاق لكن أرى أنه يجب الحدّ من النصوص التي توجب تسليطها واقتصارها على الجرائم الفظيعة أو التي يتعدد فيها الضحايا والعلة أن مرتكبي الجرائم البشعة لهم استعداد فطري للإجرام طبعا بعد التأكد من سلامة الإرادة". عمر زعفوري "حسب اعتقادي المسألة لا تكمن في تنفيذ حكم الإعدام أو عدم تنفيذه في المارقين عن القانون بقدر ما هي تجفيف لمنابع الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تشكل أرضية ملائمة للسلوكات الشاذة. عندما تتحول سجوننا إلى فضاءات للتنشئة وإعادة تأهيل السجناء قصد إدماجهم من جديد في المجتمع سنكف عن أن نرى في تطبيق حكم الإعدام حماية لنا من المجرمين والمغتصبين. إن الإعدام حرمان من الحق الطبيعي في الحياة و تنفيذه لا يعني إلا تساوي المنفذ مع المنفذ فيه في جهلهما بالأسباب الحقيقية للإجرام والاغتصاب". عمر المسعودي "ديننا الإسلامي أوجب القصاص ولا يتسامح مع مرتكبي الجرائم الفضيعة والبشعة والأمر لا يحتاج للاجتهاد، نعم لتطبيق عقوبة الإعدام". محجوب المباركي "أنا مع الحكم وتنفيذ عقوبة الاعدام وعدم العفو عن المجرمين بالحط من العقوبة الصادرة ضدهم بعد ثبوت تورطهم، و تفشي الجريمة يعود إلى عدم تنفيذ العقوبات". ◗ عبد العزيز الشارني