بعد لقائهم الأول في"انفلات" يواصل كل من المخرج وليد الدغسني والممثلين أماني باللعج ومكرم السنهوري التعاون في عمل مسرحي جديد بعنوان "التفاف" من خلال شركة "كلندستينو" للإنتاج الفني. ولم تخالف مسرحية "التفاف" الأجواء الفنية والفكرية، التي سبق وأن قدمها وليد الدغسني في عمله "انفلات" فهي تواصل وتطوير للتجربة الأولى مع هذا الفريق ولئن اختلفت من حيث المضمون. في أجواء عاصفة "بين الترقب والخوف تولد حكايات تلقائية أفرزها الواقع العبثي، الذي تعيشه الشخصيات فتكشف عن حاضر نفسي واجتماعي مرير يظهر حالة الهلع ممّا هو قادم وعدم الرضا بالحاضر الغامض" بهذه العبارات قدم صناع العمل مسرحية "التفاف"، التي تجسد مشاهدها الممثلة آمال باللعج صحبة كل من منير العماري ومكرم سنهوري..أداء هذا الثلاثي تميز بتناغمه وانسجامه فيما كان الانفعال المبالغ فيه أحيانا من قبل الممثلة الموهوبة أماني باللعج يحط من قيمة أدائها وأتقن من ناحيته مكرم سنهوري دوره ورغم إطلالاته القليلة كان فاعلا وطاغيا في حضوره. تنطلق الأحداث بحوار مضطرب بين رجل وامرأة (منير العماري وأماني باللعج) حول الطوفان القادم تمزجه من حين لآخر أشعار جمال الصليعي ثم يتنقل الحديث بين حياتهما الخاصة وعلاقتهما بما يحيط بهما من أحداث مربكة فيتناولان مسألة الديمقراطية في العالم ونسبيتها وكيف أنها تفتقد للعدالة في أحيان كثيرة وتكون حيث يكون الظلم مولدا للثورات.. ثورات نتوهم في أحضانها أن أبواب الحرية والمساواة مشرعة أمام الجميع!!! دراماتورجيا وليد دغسني طرحت عديد التساؤلات في حوارات ممثليها عن واقع تونسي تغمره الفوضى.. واقع جعل المواطن يمّل يومياته الحزينة بغلاء أسعارها وغباء الساسة وفشلهم في إنقاذهم من الإعصار القادم.. تساؤلات وضعت انتخابات 23 أكتوبر2011 محل شك.. هل قامت حقا على أسس صلبة وديمقراطية توفر حظوظا لتحقيق العدالة الانتقالية؟ المحاسبة والظلم السياسي والوشاة والانتهاكات السياسية والاعتصامات وسلبية الشعب أحيانا كانت محاور لمضامين"التفاف" العمل الجديد لفريق مسرحي شاب اختار تكرار تجربة العمل الجماعي بعد نجاحه في"انفلات" وتتويجه من خلال المسرحية الأولى في أكثر من مهرجان دولي.
